سدّ النهضة وسدّ الحنك/ أنطوني ولسن
من حق أي دولة أن تفعل ما تراه صالحا لشعوبها حتى لو كان هذا الصالح قد يضر بأخرين . هذه سنة الحياة القوي أو المسنود بقوة تضمن له الحماية الكافية يفعل ما يشاء في بلده طالما هذا الفعل يعود على شعبه بالخير ، وليذهب المتضرر إلى الجحيم .لدينا أميركا سيدة العالم ، رأت أن مصلحة شعبها في خلخلة الأستقرار حتى لو كان إستقرار نسبي في الدول العربية . فاختلقت مسمى جديد أطلقت عليه " الربيع العربي " . وياله من ربيع بدلا من رائحة الورود العطرة ، حل محلها رائحة الدماء الذكية التي سالت على أرض دول الربيع العربي من شهداء لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث في بلادهم . وما عانت منه شعوب هذه المناطق من تشرد وضياع وجوع وعري ولا من مدافع عنهم أو مجيب .
بل رأينا مشايخ كبار يبيحون الزنى لم تريده من نساء العرب بأسم نكاح المجاهدين ليستمروا في قتلهم للأبرياء بأسم الربيع العربي . فهل هناك مهزلة أكبر من هذه المهزلة التي يعيشها العرب ؟
لقد حددت أميركا العظمى من يتولى حكم دول الربيع العربي ( ليبيا ، الجزائر ، تونس ، مصر ، سوريا ، والأردن في الطريق إليه ) بجماعة الأخوان لتقوم بحكم هذه الدول لأنها " جماعة أو جمعية أو حزب . سمها ما تشاء من أسماء " منظمة ولها قاعدة كبيرة داخل شعوب هذه الدول . وقد تم لماما أميركا ما أرادت على حساب الشعوب العربية المغلوبة على أمرها .
الجالس على كرسي الرئاسة في أميركا الذي على يديه تمت المهزلة يعرف تمام المعرفة أن القوة ليست في يديه كما هو الحال في الدول العربية . ويعرف أن هناك كونجرس يقف له ولأدارته بالمرصاد ويدقق في كل شيء ويحلل كل فعل يفعله الرئيس الأميركي . وافق الكونجرس على أن الأخوان هم الفصيل الذي يمكن أن تعتمد عليه أميركا في الحفاظ على مصالحها وحماية أمن وأمان الأبنة المدللة إسرائيل . ووافق الأخوان على ذلك وبدأت خطابات الود والمحبة تتبادل بين رؤساء الربيع العربي وحكام إسرائيل ، وفرضوا قوتهم وسلطتهم على جماعة حماس الذراع السياسي للجماعة بوقف أي تعديات بالصواريخ على الحبيبة إسرائيل . وقد تم لهم ذلك .
تحويل مجرى نهر النيل الأزرق يعتبر أول تحويل يحدث في نهر النيل منذ أن عرف العالم الضارب في القدم والحديث منه شيئا عن نهر النيل . أطلق المؤرخ هيرودت على مصر " مصر هبة النيل " . أي أن النيل هو واهب الحياة لمصر التي تعتبر أخر مصب للنهر العظيم .
فكرت إثيوبيا في خرق المعاهدات الدولية المبرمة بينها وبين مصر والسودان ودول حوض النيل وبناء سدود قد يكون سد النهضة من بينهم بهذا الحجم الذي يتحدثون عنه الأن وقد يكون أصغر حجما منه ، وذلك في عهدي السادات ومبارك . وكانت التهديدات صارمة وواضحة . فتوقفت إثيوبيا عن المشروع .
لكن التفكير مرة أخرى وبجدية هذه المرة في بناء هذا السد بدأ 2 / 4 / 2011 وتتولى شركة إسرائيلية الأشراف على البناء . ومن يدقق في هذا التاريخ يرى أنه بعد أشهر قليلة من ثورة الشباب في 25 يناير 2011 والتي أطاحت بالرئيس مبارك بعد ثمانية عشر يوما من إندلاعها .
وهذا يوضح لنا أن أميركا كانت على معرفة وثيقة بمن ستأتي بهم إلى الحكم . وأن إسرائيل كانت على علم بكل ذلك . وأن إثيوبيا إلتقطت الخيط وبدأت في إعادة التفكير في بناء السد بعد أن وثقت أن إسرائيل ستساعدها في هذا البناء والمضي قدما في الأستعدادات اللازمة لبداية المشروع .
لا غبار في أن تحدد إثيوبيا إعلان البدء في تحويل مجرى مياه البحر الأزرق بعد الزيارة التي قام بها الرئيس مرسي إلى إثيوبيا . ولا غبار في إختيار إثيوبيا إسم النهضة للسد نكاية في مشروع النهضة للأخوان في مصر .
قامت الدنيا ولم تقعد في السودان . أما في مصر فقد تقبل الحكام الخبر ببرود يحسون عليه . لكن الأعلام الحر " بدأنا نقول الأعلام الحر والأعلام غير الحر تيمما بأسم الجيش السوري الحر والجيش السوري النظامي مع شديد الأسف " ، لم يقبل الوضع وبدأ في مطاردة الحكومة لتفعل شيئا . لكن الحكومة لديها ما هو أهم من بناء سد أو خراب مصر . فمصر لا تعنيهم بشيء لا من قريب أو من بعيد ، فالرئيس المبجل بعد عودته من إثيوبيا وفي يوم الأربعاء 29 / 5 / 2013 وفي مؤتمر منظمات المجتمع المدني قال :
** الزور والباطل لا يخدع المجتمع المصري الواعي .
فهل بالفعل سيادته يعيّ ذلك ؟
** موضوع تنمية سيناء هو الشغل الشاغل لنا حالياً .
ما تقول كده ياراجل من الأول . سد إيه وإيثيوبيا إيه إللي إحنا بندور عليهم .
الأضرار التي ستعود على مصر من بناء السد :
** هذا السد بعد بناءه سيتسبب في نقص حصة مصر من المياه بنسبة ما بين 9 إلى 12 مليار متر مكعب في العام .
لكن إذا تم لإثيوبيا بناء حزمة السدود التي تنوي بناءها فستكون الخسارة المائية التي ستخسرها مصر لا تقل عن 15 مليار متر مكعب من المياه في العام .
** الأراضي التي ستفقدها مصر بسبب نقص المياه ستكون حوالي 3 ملايين فدان من الأراضي الزراعية ، وتشريد ما يزيد على 6 ملايين مزارع فلاح .
هذا الوضع جد خطير . حقيقة أنني قلت في بداية المقال ( من حق أي دولة أن تفعل ماتراه صالحا لشعوبها حتى لو كان الصالح قد يضر بأخرين ... ) .
لكن موضوع المياه يختلف تماما لأن الحروب القادمة ستكون بسبب المياه ومن الواضح أن حكام مصر مطواطئون في تنفيذ بناء سد النهضة . لأنه من الواضح أن مصر لا تعنيهم لا من بعيد أو قريب وما هي مصر إلا السلم الذي صعدوا عليه إلى الحكم وعندما يصلون إلى مآربهم سيزيحون السلم بعيدا عن سكتهم التي يصممون علي أن تكون القدس عاصمة الخلافة . ونترك للزمن والتاريخ مدى نجاحهم في تحقيق أمانيهم .
( لا يخرج منك مدبر يرعى شعبك يامصر ) .
لا أعرف في أي كتاب أو مقال قرأت هذا القول أو من هو قائله . لكنه يطاردني أمام ما يحدث لمصر والشعب المصري وأخشى القول أنه يبدو أنه كلام واقعي وحقيقي في حكام مصر السابقين والحالين . لأن ما نراه على أرض الواقع يؤكد أن :
سدّ النهضة للشعب الإثيوبي .. وسدّ الحنك للشعب المصري .
0 comments:
إرسال تعليق