لا ريب ان الاعتداء الذي نفذته الأجهزة الأمنية الشرطية الفلسطينية في قطاع غزة على المتظاهرين في الوقفة التضامنية والاحتجاجية بمدينة خان يونس قبل أيام ، تنديداً واستنكاراً للعدوان الاسرائيلي على سورية ، واعتقال الصحفيين الذين حضروا لتغطية هذا الحدث ، يكشف بوضوح طبيعة وحقيقة المليشيات الحمساوية الظلامية ، التي حولت حياة الشعب الفلسطيني في القطاع الى جحيم لا يطاق . فيوماً بعد يوم تشتد وتتواصل الملاحقات والمضايقات بحق الصحفيين وضد المؤسسات الاعلامية الناشطة والعاملة في الشارع الغزي ، التي تقوم بدورها في نقل الحقيقة من موقع الحدث .
ان هذه الانتهاكات والاعتداءات هي عدوان صارخ ومس خطير بحرية الرأي والتعبير والحريات الصحفية والاعلامية ، وتندرج في دائرة الكبت والقمع والارهاب الفكري، ومصادرة الرأي الآخر ، وخنق الصوت المغاير، وتقييد الحريات العامة وتكبيلها .وان احتجاز الصحفيين ومنعهم من تغطية الاعتصام السلمي ضد العدوان على سورية هو أمر مرفوض ومدان ومخالف لقانون ومعايير حقوق الانسان . فالتظاهر هو حق لكل انسان على وجه البسيطة ، ولذلك من حق الناس التعبير عن أرائهم ومعتقداتهم ووجهات نظرهم بحرية دون قمع وكبت أو تقييد ، ومن حقهم ايضاً المشاركة في كل عمل وطني أو نشاط سياسي احتجاجي وكفاحي بصورة سلمية .
ان شعبنا الفلسطيني أكثر شعوب العالم تعرض وواجه قمع الحريات ومحاولات خنق الكلمة وتكميم الأفواه من قبل سلطات الاحتلال ، التي حاصرت المثقفين ، ولاحقت الكتاب والمبدعين والصحفيين والفنانين الملتزمين، وزجت بهم في غياهب المعتقلات والسجون ،وفرضت عليهم الاقامات الجبرية . ونظرة الى الوراء كافية ان تبين ان معظم رجالات الأدب ورموز الثقافة والابداع الوطني والفكر المقاوم والفن التشكيلي تم اعتقالهم ، ومنعت كتبهم ولوحاتهم ورسوماتهم من قبل الرقيب العسكري الاحتلالي ، واليوم يعود هذا المشهد القمعي التعسفي ويتكررمن جديد، ولكن بأيدي الأجهزة الامنية الفلسطينية .فلتتوقف الجرائم بحق الاعلام الفلسطيني الحر المستقل ، وليرتفع صوت الادانة ضد الخروقات والانتهاكات بحق الصحفيين والاعلاميين الفلسطينيين ، ويجب التحرك العاجل لوقف سياسة هدر وخنق الحريات الاعلامية والشخصية ، التي تمارسها مليشيات حركة "حماس" في القطاع . فقد بلغ السيل الزبى وآن الأوان لردع ولجم كل الاعمال البلطجية والممارسات القمعية التي تمس حرية التعبير وحرية الصحافة والكلمة ، البعيدة عن تقاليد شعبنا الحضارية والديمقراطية . فنحن شعب متعدد العقائد والايديولوجيات والمفاهيم ، وشعب يعشق الحرية ويتوق لها، ويؤمن بالتعددية وحرية الاختلاف ، ويطمح لبناء مجتمع مدني تعددي ديمقراطي ، يتسع لكل الأفكار والاحزاب والتنظيمات السياسية والفكرية .
0 comments:
إرسال تعليق