لأول مرة أستعمل أسلوب التعبير دون كلمات، لعلها صيغة جديدة أن تكتب مقالة أو تحيلاً لواقع عربي من الصعب جداً أن يختار الكاتب صفة له يعبر فيها عنه، فوجدت أن أسلوب الصور وما فيها من تعبير ربما يؤدي الرسالة المرجوة. فمن البداية وكما ذكرت مراراً وتكراراً بأساليب مختلفة أن هؤلاء الذين يجلسون على العروش وكراسي الحكم ليسوا سوى صور. فماذا سيكتب التاريخ عنهم أو ماذا سنكتب عنهم بعدما كل ما كتبناه وقلناه؟ والباقي أتركه للقارىء ليقول ما يشاء من كلمات تروي قصة أمة كانت في مصاف الأمم، وكانت أمة الرسالات، وكانت خير أمة أعطت للدنيا العلم ووهبت للإنسانية معناها، فجاءت الدواعش والحوالش باسم الإسلام البريء منهم ليعيدوها إلى عصر ما قبل التاريخ البشري.
فقط للتذكير يبدو أن هؤلاء الدواعش يلتقون مع الحوالش في كره الخليفة الأول أبو بكر الصديق (رض) كما يلتقون معهم في كره الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض) وإلا على الأقل كان من المفترض في الدواعش أن يطلعوا ويحفظوا وصية الخليفة أبو بكر الصديق (رض) إلى أمير الجند أسامة بن زيد بن حارثة وجيشه الذي وجهه إلى الشام والتي جاء فيها ((أيُّها الناسُ! قِفُوا أُوْصِكُمْ بعَشْرٍ، فاحْفَظُوها عنّي: لا تخونُوا، ولا تَغُلُّوا، ولا تُمثِّلوا، ولا تقتُلُوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة، ولا تَعْقِروا نخلاً ولا تُحْرِقُوه، ولا تَقْطَعوا شَجَرَةً مُثْمِرَةً، ولا تَذْبَحُوا شاةً ولا بقرةً ولا بعيراً إلا لَمأكَلَةٍ. وسوفَ تمرُّونَ بأقوامٍ قد فرَّغُوا أنفسَهم في الصَّوامعِ، فدعوهمْ وما فرّغُوا أنفسَهم له، وسوف تَقْدَمُون على قومٍ يأتونكم بآنيةٍ فيها ألوانُ الطعامِ، فإذا أكلْتُمْ منها شيئاً بعدَ شيءٍ، فاذكُروا اسمَ اللهِ عليها..)).
أما وصية الخليفة عمر بن الخطاب (رض) والمعروفة باسم (العهدة العمرية) وهي وثيقة عهد لأهل إيلياء (القدس) عندما فتحها المسلمون عام 638 للميلاد، حيث أمنهم فيه على كنائسهم وممتلكاتهم. وقد اعتبرت العهدة العمرية واحدة من أهم الوثائق في تاريخ القدس وفلسطين وأقدم الوثائق في تنظيم العلاقة بين الأديان. وهذا نصها:
((بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن. وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم. ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم. فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن شاء سار مع الروم. ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.
وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله، وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
كتب وحضر سنة خمس عشرة هجرية.
شهد على ذلك: خالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان.))
وبينما كان عمر رضى الله عنه يملي هذا العهد حضرت الصلاة، فدعا البطريق عمر للصلاة حيث هو في كنيسة القيامة، ولكن عمر رفض وقال له: (أخشى إن صليت فيها أن يغلبكم المسلمون عليها ويقولون هنا صلى أمير المؤمنين.)
وأخيراً لا بد أن يتساءل المرء ما الفرق بين ما يقوم الدواعش والحوالش في العراق وفي سوريا من جهة وبين ما يقوم به الصهاينة في قرى ومدن فلسطين المحتلة من جهة أخرى وآخرها في غزة؟ لذلك ما على القارىء النبيه إلا أن يقرأ الصورة كاملة من زاويته، عله يجد كلاماً أوضح مما في الصورة من معنى، وفي الوقت نفسه ليتذكر كيف كنا وأين أصبحنا، من سوريا، إلى العراق، إلى مصر، إلى ليبيا، إلى.. إلى.. والقادم أسوأ.
0 comments:
إرسال تعليق