*من الضروري بناء علاقات قائمة على المصداقية وفهم مبدأي ان الناصرة فوق جميع* التاريخ لا يتوقف ولا ينتهي تحت أقدام أي تنظيم أو حركة سياسية أو بلدية* مجتمعنا يعيش بواقع تمييزي ليس سهلا، من الحماقة صم الآذان عن شكاوي الجمهور* لا يوجد صراع سياسي هنا بين يمين ويسار، هناك ضرورة لجعل المنافسة آلية للمزيد من التعاون والخدمات*
بعد إقرار بلدية الناصرة لميزانيتها، تدخل البلدية بمسار هام جدا في تنفيذ المشاريع الهامة لتطوير مرافق المدينة. وكل انتقاد عن تأخير في إقرار الميزانية هو ليس أكثر من عملية تهريج سياسي، متجاهلا ا، أي تأخير له أسبابه التي تدين المعارضة أيضا. كذلك لا بد من ملاحظة في بداية مقالي ،ان النقد العشوائي المتغابي ضد أي سلطة محلية بحجة تعاملها مع مؤسسة في الدولة، مثلا "الكيرن كاييمت"، هي صبيانية وفاشلة لسبب أساسي بسيط، هذا هو الواقع الذي نعيش فيه، لم ننتجه. واجبنا ان نحصل على مطالبنا من أي مؤسسة رسمية أو شبه رسمية، بالطبع لن نتوجه للكونغرس الأمريكي أو للبرلمان الأوروبي أو لقطر، لنطالب بتخصيص أراض أو ميزانيات لتطوير مدينة الناصرة!!
لن أتحدث عن الجانب السياسي ، ولا عن منتصرين ومهزومين، ما يقرر الهزيمة أو الانتصار ليس الجلوس على كرسي رئاسة البلدية، أو الجلوس في المعارضة، إنما القدرة على تجاوز ترسبات المعركة الانتخابية ، النظر إلى الأمام، البدء بتفكير مختلف خارج الإطار الضيق، ان كان حزبيا أو على مستوى القائمة الانتخابية، أو على قاعدة طائفية وأحياء.
الناصرة بعد الانتخابات هي الناصرة نفسها التي نريد ان نعيش فيها بتكاتف واندماج وتواصل اجتماعي حضاري.
معركة الانتخابات حسمت بطريقة ديمقراطية جدا. من حق كل فئة ان تعيد حساباتها بناء على النتائج، ولكن الأهم ان وضع المدينة فوق أي اعتبار سياسي فئوي أو شخصي.
مما عرفته بشكل مباشر ان هناك الكثير من المشاريع التي يجري تنفيذ بعضها ويخطط للبدء بتنفيذ مشاريع تطويرية عديدة أخرى. بوضوح: الناصرة أمام إحداث قفزة تطويرية هامة!!
المعركة الانتخابية وراءنا. أمام المدينة ما هو أهم من أي شخص واهم من أي حزب واهم من أي قائمة انتخابية.
حتى انتقادات الجبهة الذي قرأت تفاصيلها وأعطيت ردا عليها في وقته، استطيع ان أقول أنها كانت انتقادا متشنجا بلا قاعدة عقلانية، منطلقها للأسف الشديد مبني على المماحكة والتفكير الفئوي الضيق.
إنا على قناعة انه يمكن بناء علاقات قائمة على المصداقية، على فهم مبدأي ان الناصرة فوق جميع الخلافات مهما كان نوعها أو تعددت أسبابها.
ان من يظن واهما ان ما حدث في الناصرة هي حالة عابرة، يعيش بوهم قاتل ومدمر له شخصيا. المدينة بإدارتها البلدية الجديدة لن تقف متفرجة حتى يعود المنطق إلى الواهمين بان العاصفة ستعبر وان غدا سيكون مختلفا.
الماضي صار وراءنا. هو جزء من تاريخ الناصرة، قيمته الكبيرة انه حرر المدينة من سيطرة القوى التي أهملت تطويرها. لا يمكن إنكار دور الجبهة التاريخي في إحداث التغيير الكبير، التاريخ لا يشطب بل يبقى علما هاما في تاريخ الناصرة. ما زرعته الجبهة في الناصرة لا يمكن شطبه أو إنكاره ، لكن التاريخ لا يتوقف ولا ينتهي تحت أقدام أي تنظيم أو حركة سياسية أو بلدية كانت، التغيير لا يعني احيانا ان جانب ما قد فشل. إنما هناك الكثير من التحولات التي تفرض التغيير، بعضها لا يتعلق بالنهج التطويري بقدر ما يتعلق بجوانب تبدو للبعض غير ذات قيمة، غير هامة ولكنها قد تكون حاسمة.
ان أجهزة السلطات المحلية هي المشغل الأكبر وهي المشرف والمؤثر الأهم على الواقع الاجتماعي والخدماتي للمواطنين. هذه بديهيات. الموضوع لا يتعلق فقط بخطط تطوير وإدارة سليمة ونظيفة اليد، إنما أيضا بالقدرة على التواصل مع الجمهور. القدرة على الاستماع لمشاكله ومطالبه حتى لو كانت غير مهمة بنظر إدارة السلطة المحلية. نحن لسنا مجتمعا أوروبيا بالغ التطور، بل مجتمع يعيش بواقع سياسي واقتصادي تمييزي ليس سهلا. الإدارة التي تصم آذانها عن الجمهور وتظن انها تعرف شكاويه وتعمل على تقديم أفضل الخدمات دون الاستماع لشكاويه، حتى الصغيرة والتافهة ، ترتكب حماقة تقود إلى استبدالها.
إنا لا أتحدث عن إيديولوجيات، لا أتحدث عن شعارات سياسية وقومية، بل عن الواقع اليومي للمواطن البسيط، عن مطالبه الصغيرة التي تبدو للمتنفذين تافهة ولا تستحق إضاعة الوقت للاستماع لها.
النتيجة كانت بنتائج الانتخابات الأخيرة، الصورة كانت واضحة بالمعارك الانتخابية السابقة للانتخابات الأخيرة، لم ينجحوا بقراءة التغيير الزاحف، حيث برز التحول السلبي المتواصل الذي قاد وكان لا بد ان يقود إلى إحداث تغيير غير متوقع إطلاقا بهذه القوة العاصفة.
من هنا رؤيتي انه لا بد من فتح صفحة نصراوية جديدة، تقوم على تحالف كل القوى من اجل تطوير الناصرة. على طرح التعاون بدل البحث عن أسباب تبدو مضحكة للنقد المبني على قشور وتفاصيل غير جوهرية بوهم انهم بذلك يجهزون التربة للتغير.
لا أعزائي.. خبرتنا الطويلة تثبت ان البعض يعيشون بوهم لن يجديهم نفعا. وهم قد ينعكس بشكل سلبي على أجواء المدينة وعلى مشاريع التطوير التي أرى أنها أهم من كرسي الرئاسة واهم من أي حزب أو قائمة انتخابية.
لا يوجد صراع سياسي هنا بين يمين ويسار، هناك ضرورة لجعل المنافسة آلية للمزيد من الخدمات.
لا يمكن إنكار الدور التاريخي والتطويري الهام لرئيس البلدية الميثالوجي المهندس رامز جرايسي، لا يمكن لأي إنسان عقلاني إلا ان يحترم نشاطه الخلاق خلال ترؤسه النشاط البلدي خلال العقود الأربعة الأخيرة كنائب للرئيس أولا ثم رئيسا للبلدية.
اذكر الجميع بأن أول مقال كتبته في هذه المعركة الانتخابية، كان بعنوان يقول كل شيء: "يجب وقف الصراع بين الجبهة وعلي سلام!!" كنت داعما نشيطا للجبهة إعلاميا، وأدعي إني كنت المسوق الإعلامي الوحيد تقريبا للجبهة ومرشحها على مستوى إعلامي رغم مقاطعة صحيفتهم "الاتحاد" لي، وعجزها عن تقديم بدائل إعلامية، جاء في المقال:
"ما زلت على قناعة ان ترشيح رامز جرايسي سيضر برامز جرايسي على المستوى الشخصي ولا أنكر انه ألمع الأسماء وأكثرها قبولا للمواطنين في الناصرة. من جهة أخرى لا يمكن قبول هذا العجز الذي تبديه الجبهة من موضوع هام للغاية، اختيار مرشح جديد لرئاسة بلدية الناصرة، يواصل طريق رامز جرايسي التطويرية. هل غاب عن حزب هام وأكبر الأحزاب العربية، الفهم البديهي لقاعدة ان النجاح هو عملية متواصلة بلا انقطاع، يجيء الجديد ليواصل ما بدأه سابقه؟ طريق باتجاه واحد وليس طريقا باتجاهين؟ لم تُحضر أسماء جديدة خلال العشرين سنة الماضية لذلك سنجعل الطريق ذات الاتجاه الواحد تخالف قوانين السير (والطبيعة) بان تعود المركبة التي وصلت إلى نهاية طريقها من نفس الطريق، أي عكس حركة السير، لأننا لم نجهز مركبتنا لتواصل الطريق؟!"
المواطنون في الناصرة أعطوا مخالفة لمن قاد مركبته عكس حركة السير!!
اختتمت مقالي بهذه الروح: "المنطق السياسي السليم ان ترى الجبهة بعلي سلام شريكا في المستقبل، بشروط مختلفة عن شروط كونه جزء من الجبهة. من المهم جدا عدم تفريغ غضب الصعوبات التي تواجه اختيار مرشح من الجبهة لرئاسة البلدية ضد علي سلام. الجبهة اليوم ليست الجبهة قبل 20 – 30 سنة. الصراع ضد علي سلام لن يفيد في هذه المعركة الانتخابية بل سيلحق الضرر الكبير بالجبهة وبمستقبل الناصرة."
للأسف صوتي لم يسمع.
واقع الناصرة اليوم يهمني أكثر من أي فئة سياسية أو حزبية. ان من يقامر على إفشال رئيس بلدية منتخب إنما يضع بيضاته كلها في سلة واحدة.
مرة أخرى سيسيرون ضد حركة السير!!
الجبهة ارتكبت أخطاء سياسية وفكرية وتنظيمية وإدارية قاتلة، ان عجزها عن إعداد كوادر جديدة خلال أربعة عقود ، وأسلوبها في التعامل مع علي سلام (القائم بأعمال الرئيس في وقته) جر التغيير بدعم كبير جدا من النصراويين بصورة ذكرتني بالانتصار الأول للجبهة (09-12– 1975).
هذا الحسم بهذه الطريقة المزلزلة كان يجب، والوقت غير متأخر ان يدفع الجبهة لإعادة تغيير حساباتها ونهجها البلدي نحو إيجاد طريق لدعم إدارة البلدية في مشاريعها الحيوية. علي سلام لم يسقط من السماء بمظلة بل جاء من صفوفكم. منذ استلم رئاسة البلدية أثبت انه قادر على إعطاء قوة دفع كبيرة وجديدة للمشاريع التطويرية. غيابكم لن يؤثر. تعاونكم سيكون لمصلحتكم ولمصلحة أهل الناصرة ، لا يهمني من يجلس على كرسي الرئاسة ولا يهم المواطنين ، إنما ما يرضي المواطن ان يرى ان مدينته تعطيه بقدر حبه لها، وبلديته لا تعيش بانقطاع عن مطالبه مهما كانت صغير أو كبيرة، هامة أو غير هامة.
كانت هزيمة الجبهة واضحة والمفاجأة أنها تأخرت.
نحن اليوم أمام واقع جديد. هناك رئيس تخرج من صفوف الجبهة أعرف بثقة كاملة انه أهل لقيادة البناء والتطوير.
على الجبهة والحزب الشيوعي ان يعقلنوا نهجهم مع الرئيس المنتخب لما فيه مصلحتهم كحزب أولا، ومصلحة مدينة الناصرة التطويرية والخدماتية.
ان محاولات إظهار رئيس البلدية علي سلام كغير قادر على قيادة العمل البلدي، سيلحق الضرر بالناصرة وسكانها وآمل ان تكفوا عم أوهامكم ان ذلك من مصلحة الجبهة.
هل مصلحة الجبهة إفشال برامج التطوير؟!
الخلافات، والمنافسات الانتخابية يجب وضعها على الرف والتشمير عن السواعد والالتفاف لتنفيذ المشاريع العمرانية وليس إدارة الصراع السياسي الذي سيلحق الضرر بالجبهة أولا وبالناصرة ومواطنيها ثانيا.
اتركوا أوهام ان التغيير سيكون عاجلا وان خسارة الجبهة هي هفوة عابرة. خسرتم كل مواقعكم تقريبا في السلطات المحلية دون ان تفهموا ان المشكلة في نهجكم قبل كل شيء.. هذا ليس حدثا طارئا بل تراكمات متواصلة، منذ البداية وانتم غائبون عن تصحيح المسار ونقد الخطأ وإعادة تصويب مسار النشاط البلدي.
لست معاديا للحزب الشيوعي والجبهة، اترك العداء الغبي والمقاطعة الصبيانية وتهم الحشاشين لكم، نشأت مثقفا سياسيا وإعلاميا داخل صفوف الحزب الشيوعي، إنما اكتب من رؤيتي وتجربتي عبر نشاطي منذ العام (1970)، منذ كنت سكرتيرا لفرع الشبيبة الشيوعية في الناصرة وهذا واجبي كمثقف موضوعي يهمه مصير مدينته وأهلها.
nabiloudeh@gmail.com
0 comments:
إرسال تعليق