استاذ القانون في جامعة برلين
هناك سقطات ثمانية وقع فيها قانون الانتخابات الرئاسية الذى قام باصدارة الرئيس المؤقت عدلى منصور رئيس الجمهورية نستعرضها كالآتى
أولا ان "تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ضد الطعن عليها غير دستوري, بقوة المادة 97 من دستور 2014" , (يحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.) نحن أمام عوار دستوري قد يعصف بقانونيةوشرعية الانتخابات الرئاسية القادمة.
ثانياشرط
"ألا يكون قد حمل أو أى من والديه او زوجه اى جنسية أخرى "
ان شمول جنسية الزوجة او الزوج لشرط الجنسية يعد تعديا على الحرية الشخصية لراغبى الترشح
ثالثا شرط
"إلا يكون قد حكم عليه فى جناية او جريمة مخله بالشرف او الامانة ولو كان قد رد إليه إعتباره "
هذا الشرط يعصف بفلسفة فكرة رد الاعتبار والتى تعيد المحكوم عليه للمجتمع كشخص صالح بعد رد إعتباره.
رابعا هناك انتهاك صريح لحق المرأة فى الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية
فقد نص القانون في المادة الأولى منه على شروط الترشح لرئاسة الجمهورية، وجاء فيه "- ألا يكون قد حمل أو أى من والديه أو زوجته جنسية دولة أخرى"؛
وهو الأمر الذي يوحي بأن حق الترشيح لرئاسة الجمهورية يقتصر على الرجال فقط دون النساء
. وكان على المشرع أن ينتقي تعبيرا أكثر عمومية مثل " الا يكون متزوجا من غير مصري"، أو الالتزام بالنص الذي جاء في المادة 141 من الدستور المصري "ألا يكون قد حمل، أو أى من والديه أو زوجه جنسية دولة أخرى"
. أما وانه لم يفعل، فان ذلك يدلل على اللغة "الذكورية" الذي انتهجها المشرع، كما يمكن تفسيره انه يعبر عن ارادة في حصر الترشح للانتخابات الرئاسية على الرجال دون النساء.وهذا اخلال صريح بحق المساواة بين الرجل والمرأة.
خامسا شرط ممنوع تلقي دعم الأحزاب
في حين حددت المادة 23 من القانون الحد الأقصى للتبرعات النقدية والعينية من الأشخاص الطبيعيين المصريين ب2% من الحد الأقصى المقرر للحملة الانتخابية (20 مليون جنيه في الجولة الأولى، و5 مليون جنيه في جولة الاعادة)، حظرت المادة 24 على المرشح تلقي اى "مساهمات أو دعم نقدي أو عيني للحملة من أى شخص اعتباري مصري أو أجنبي، أو من أى دولة أو جهة أجنبية أو منظمة دولية أو أى جهة يسهم في رأس مالها شخص أجنبي أو من شخص طبيعي أجنبي".
وحيث انه من المفهوم اسباب منع تلقي الدعم من أشخاص اعتبارية وطبيعية أجنبية، والدول والجهات الأجنبية، وكذلك الأشخاص الطبيعية المصرية ممثلة في الشركات التجارية والاستثمارية وغيرها، لكن لا يفهم سبب منع تلقي الدعم من الأحزاب والائتلافات السياسية. فالأحزاب السياسية تعد أشخاصا اعتبارية، فاذا ترشح شخص عن حزب سياسي، أو اذا ارتأى حزب سياسي دعم مرشح بعينه في الانتخابات، فما هى المشكلة في ذلك؟ ولماذا يحظر عليه تلقي دعم نقدي أو عيني من الحزب؟ فالعملية السياسية تكمن في وصول شخص للحكم لتحقيق سياسة أو فكر ما، فاذا دعم الحزب المرشح لانه يتوافق مع فكر الحزب السياسي وسيساهم عند وصوله الى الحكم في تحقيق برنامج الحزب، فهذا أمر مشروع، بل هو لب العملية السياسية. لذلك، كان من الأحرى على المشرع أن يستثني الأحزاب السياسية والائتلافات أو التكتلات الحزبية من الأشخاص الاعتباريين الذين يحظر تلقي الدعم منهم
سادسا القانون يسري فقط على وسائل الاعلام المملوكة للدولة فىالدعاية الانتخابية:
جاء في المادة 6 من القانون الخاصة باختصاصات اللجنة العليا للانتخابات، أن تضع اللجنة "القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية المنصوص عليها في هذا القانون والتحقق من تطبيقها على نحو يكفل المساواة بين المرشحين في استخدام وسائل الاعلام المملوكة للدولة سواء المسموعة أو المرئية أو الصحف والمطبوعات الصادرة عن المؤسسات الصحفية لأغراض الدعاية الانتخابية واتخاذ ما تراه من تدابير عند مخالفتها"، وفي المادة 20 "تلتزم وسائل الاعلام المملوكة للدولة، المرئية والمسموعة والمؤسسات الصحفية بتحقيق المساواة بين المرشحين في استخدامها لأغراض الدعاية الانتخابية".
وهنا نلاحظ أن القانون فرض المساواة في استخدام وسائل الاعلام المملوكة للدولة دون غيرها على الرغم من انه يعرف الدعاية الانتخابية في المادة 18 منه على انها "تتضمن الدعاية الانتخابية الأنشطة التي يقوم بها المرشح ومؤيدوه، وتستهدف اقناع الناخبين باختياره، وذلك عن طريق الاجتماعات المحدودة والعامة والحوارات، ونشر وتوزيع مواد الدعاية الانتخابية، ووضع الملصقات واللافتات واستخدام وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمطبوعة والالكترونية، وغيرها من الأنشطة التي يجيزها القانون أو القرارات التي تصدرها لجنة الانتخابات الرئاسية"، أى انه لم يقصر الدعاية الانتخابية على وسائل الاعلام المملوكة للدولة فقط.
نلاحظ انه حين اجاز القانون استخدام وسائل الاعلام المختلفة المملوكة للدولة والخاصة في الدعاية الانتخابية، فرضت المساواة في تلك المملوكة للدولة فقط دون غيرها، فيما تركت لوسائل الاعلام الخاص الحرية في المفاضلة بين المرشحين كاملة من دون ضوابط في هذا الشأن، وهو أمر من شأنه أن يخل بشكل كبير بمبدأ المساواة بين المرشحين
سابعا تخفيض النسبة المحددة عند توافر مرشح واحد
نصت المادة 36 من القانون على "يتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتى لو تقدم للترشح مرشح وحيد أو لم يبق سواه بسبب تنازل باقي المرشحين وفي هذه الحالة يعلن فوزه اذا حصل على 5% من اجمالي عدد الناخبين المقيدة اسماؤهم بقاعدة بيانات الناخبين"،
نلاحظ أن المادة 36 من القانون الحالي نصت على نسبة ال5% من اجمالي عدد المقيدة اسماؤخم بقاعدة بيانات الناخبين، وليس 5% من عدد من الأصوات الصحيحة، وهو ما يمكن حسابيا أن يرفع النسبة قليلا، ولكن يختلف الأمر على حسب عدد الأصوات الصحيحة، فاذا انخفضت أو ارتفعت، وكان من الأحرى أن يبقى المشرع على الأغلبية المطلقة من الأصوات الصحيحة كما نص في المادة 39 عند توافر عدد من المرشحين. وذلك لأن النسبة المقررة (5%) تطرح العديد من الأسئلة،
فاذا فرضنا أن الأغلبية من عدد الأصوات الصحيحة قالت "لا" للمرشح، ولكنه حصل على نسبة ال5% من اجمالي عدد من لهم حق الانتخاب، فهل يعتبر ذلك تعبيرا حقيقيا عن اختيار الناخبين؟ بالطبع لا، فكان الأحرى أن يتم توحيد القاعدة التي يتم على أساسها حساب النسب، كما كان من الأحرى الابقاء على نسبة الأغلبية المطلقة حتى عند توافر مرشح واحد، ولكن الوضع الحالي يمشي بقاعدة "الموجود يسد
ثامناتجريم مقاطعة الانتخابات:
نصت المادة 43 من القانون على "يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر من الادلاء بصوته في انتخابات رئيس الجمهورية". ويرجح انه تم ادراج هذا النص بعد مقاطعة العديد من الفئات الاستفتاء على التعديلات الدستورية في يناير 2014.
وقد أجبرت الدولة بهذه الطريقة المواطنين على الذهاب الى الانتخابات تحت طائلة دفع غرامة مالية، في انتهاك صريح لحرية التعبير وابداء الرأى،
فحرية التعبير وابداء الرأى تتضمن حرية التصويت لمرشح بعينه، حرية ان يقوم الناخب بالتصويت بورقة بيضاء، أو مقاطعة العملية الانتخابية. فالمقاطعة هى نوع من أنواع التعبير وابداء الرأى، فهى تعبر عن اعتراض المواطن على تفاصيل العملية الانتخابية، قانون الانتخابات، أو حتى المرشحين. ومع غياب نظام حساب الورقة البيضاء في مصر أى أنه اذا قرر الناخب أن يسقط ورقة بيضاء في صندوق الانتخابات تعبيرا عن رفضه للمرشحين أو اعتراضه على العملية الانتخابية سيعتبر صوته باطلا، تصبح اذا المقاطعة هى وسيلة التعبير الوحيدة على عدم الرضاء على المرشحين أو على كيفية ادارة العملية الانتخابية. ويبرهن ايقاع عقوبة على المقاطعة على عدم وضوح مفهوم الديمقراطية، ومفهوم حرية الرأى والتعبير عند الدولة المصرية، ويبرهن كذلك على خوف الدولة المصرية من نسبة مقاطعة مرتفعة خلال الانتخابات الرئاسية، والخوف أن تؤدي نسبة المقاطعة الى التشكيك،خاصة من المجتمع الدولي، في شرعية النظام الحاكم حاليا وفي شرعية الرئيس القادم.
بالاضافة الى ذلك، يصعب تطبيق العقوبة المقررة، فكيف يتم تطبيق عقوبة على آلاف أو ملايين الناس الذين قرروا مقاطعة الانتخابات؟ كما تفتح الباب للتعسف في تطبيق العقوبة، فلم تحدد المادة حدا أدنى للغرامة، بل حدا أقصى فقط مما يفتح الباب لاستنسابية تطبيق الغرامة من وزارة الداخلية.
كما فتحت المادة الباب أمام الرشاوى الانتخابية وتوجيه المواطنين، فمن الممكن أن يحث مرشح ما عددا من المواطنين للتصويت له بحجة الهروب من دفع الغرامة، وبذلك نكون انتقلنا من توزيع "الزيت والسكر" والنقود للحث على التصويت، الى مرحلة الحث على التصويت للهروب من العقوبة.".
0 comments:
إرسال تعليق