.....هناك من يريد ان يبيع شعبنا اوهاماً خدمة لمصالحه ومشروعه الإستثماري،عندما يقول بأن المسار الإقتصادي سيكون متلازماً مع المسار السياسي وليس بديلاً عنه،وهو يعرف جيداً بأن ذلك مجرد خداع وتضليل،فالمفاوضات العبثية الجارية حالياً دخلت ووصلت الى طريق مسدود،فإسرائيل ترفض تقديم أية تنازلات تلامس الحد الأدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني،دولة فلسطينية مستقلة على حدود الخامس من حزيران/1967 وعاصمتها القدس الشريف،والحديث يجري عن حل إنتقالي لمدة اربعين عاماً،حل يضمن لإسرائيل إستمرار السيطرة على الحدود البرية والمعابر والأجواء الفلسطينية،بما في ذلك استئجار سلة الغذاء الفلسطيني منطقة الأغوار لمدة لا تقل عن اربعين عاماً،وزيادة على ذلك الكنيست الإسرائيلي صادقت على قانون يقيد اي حكومة اسرائيلية ويمنعها من تقديم تنازلات في القدس،دون الحصول على موافقة 80 عضو كنيست،وبمعنى آخر رفض الإنسحاب من القدس،وبالتالي ما يجري الحديث عنه لا دولة فلسطينية ولا العودة لحدود الخامس من حزيران/1967 بل "كنتونات "وجيتوهات " فلسطينية مغلقة مقطعة الأوصال جغرافياً وغير موحدة على مستوى السوق والإقتصاد،وما هو مطروح الان في المفاوضات العبثية،هو مشروع نتنياهو الإقتصادي،مقايضة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني،بتحسين شروط وظروف حياة الفلسطينيين الإقتصادية تحت الإحتلال،أي الحديث يجري عن رشوات ومشاريع إستهلاكية وخدماتيه،مع شرعنة وتأبيد للإحتلال فوق الأرض الفلسطينية.
المفاوضون يعلمون ويدركون جيداً بأن هذه المفاوضات لن تثمر ولن تفضي لدولة فلسطينية،فكما يقول المأثور الشعبي "البعرة تدل على البعير" فمن يكثف هجماته وحربه الشاملة على القدس والمقدسيين ويشرع قوانين تمنع الإنسحاب منها،ويواصل ويكثف الإستيطان في الضفة الغربية،لا يريد سلاماً،بل يريد الإستمرار في إدارة الأزمة حتى يتمكن من فرض حقائقه ووقائعه الجديدة على الأرض،وهذا المشروع الإقتصادي،مشروع نتنياهو،حمله بلير عندما كان مندوباً للرباعية في المنطقة وسعى من اجل تسويقه،وهو لم ينجح بذلك،لكون اسرائيل رفضت إقامة أية مشاريع إقتصادية فلسطينية في المناطق المصنفة(ج )، ومن بعد فشل بيلر، بلير هذا الذي كان صهيونياً اكثر من نتنياهو،ويداه ملطختان بدماء اطفال العراق،لم يمارس أية ضغوط على إسرائيل من اجل تقديم تسهيلات للفلسطينيين من أجل إقامة مشاريع إقتصادية،ومن بعد بلير جاء كيري وعلى نفس النغمة والمنوال،ولكنه كان يمني النفس بأن"يخرج الزير من البير"،وان يحدث إختراق جدي في المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وحكومة الإحتلال،ولكن جولاته المكوكية إصطدمت بالرفض والتعنت الإسرائيلي،وادرك بأنه من المستحيل حدوث إختراق سياسي في هذه المفاوضات،فإسرائيل حكومة ومجتمع غير ناضجة لتقديم تنازلات جدية من اجل السلام،وأية حكومة إسرائيلية تقدم تنازلات،تلامس الحدود الدنيا من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني،فهذا يعني بأنها ستنتحر سياسياً،وحكومة يمينية وعنصرية متطرفة صهيونية كهذه، لن تنتحر في سبيل ذلك،وخصوصاً أن برنامجها قائم على الإستيطان والتوسع.وأيضاً في امريكا لا وجود لحكومة أمريكية قادرة على ممارسة ضغوط على اسرائيل،كالتي مارسها ايزنهاور على بن غورين في تشرن اول/1956 للإنسحاب من قطاع غزة.
وكان الهروب للأمام بعقد مؤتمر "دافوس" الإقتصادي في عمان،ذلك المؤتمر الذي تحدث عن السلام الإقتصادي،ورصد (4 )مليار دولار من اجل تنمية الإقتصاد الفلسطيني خلال ثلاث سنوات،والان بعد ان عاد الطرف الفلسطيني الى المفاوضات غير متسلح لا بإرادة وموافقة شعبية او حتى رسمية،ادرك بأنه قد بلع "الخازوق"،حيث يعكف كيري على إخراج مشروع نتنياهو الى التطبيق العملي،أي محاولة إنقاذ العملية التفاوضية والسياسية من خلال إستمرار إدارة الأزمة، وطرح الحل الإقتصادي،الذي أصبحت السلطة غير قادرة على رفضه،فأمريكا واوروبا الغربية ومعها عربان ومشيخات النفط والكاز،أحجموا عمداً وقصداً عن تقديم أية مساعدات إقتصادية ومالية لها،مما أدخلها في أزمة جدية وأصبحت على حافة الإفلاس والإنهيار،ولكن كل تلك الأطراف،بما فيها اسرائيل غير معنية بسقوط وإنهيار السلطة الفلسطينية،ولذلك هذه السلطة المرهون موظفيها البالغ عددهم (180 ) ألف موظف لمؤسسات النهب الدولية من صندوق نقد وبنك دوليين،غير قادرة على التراجع،فهناك من رهنوا سياراتهم وبيوتهم وعقاراتهم وحتى زوجاتهم للبنوك،وازاء ذلك لا مناص من الموافقة على مشروع كيري،الذي يتولى إخراج مشروع نتنياهو،بتقديم المساعدات الإقتصادية للإقتصاد الفلسطيني،ضمن خطط طارئة ومتوسطة وطويلةالآجل،من خلال ضخ الأموال التي تمكن السلطة من البقاء والوجود،وتمكنها من تقديم الرشوات الإقتصادية والمالية،وبما يمنع من إندلاع إنتفاضة شعبية ثالثة،من شأنها ان تقلب الطاولة،وان تغير المعادلات والأولويات،ولا مانع ان تقوم اسرائيل بإطلاق سراح أسرى من القدماء،لكون هذه القضية حساسة وهامة لدى الشعب الفلسطيني وتلامس عصبه الأساسي،وهذا يشكل رصيد وحماية للسلطة،حتى لو قايضت اسرائيل قضية الأسرى بمواصلة الإستيطان،كما حصل بعد إطلاق الدفعة الأولى من الأسرى القدماء(26 ) أسير،والان يحين إستحقاق موعد إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى(32 ) أسير،والتي ستترافق بإقرار وتنفيذ المزيد من المشاريع الإستيطانية وإقامة مئات الوحدات الإستيطانية في القدس،فهذه معادلة ثبتها نتنياهو وقبل بها الطر ف الفلسطيني.
ما نحن أمامه الان خطير جداً،وعلى جماهير شعبنا الفلسطيني وكل قواه الحية،بما فيها حركة فتح العمل بشكل جدي من أجل توحيد العمل والجهد،ووضع حد للإنقسام المدمر،وصياغة برنامج نضالي يقوم على الصمود والمقاومة،وتحقيق الوحدة الوطنية بين كل القوى الفلسطينية وطنية وإسلامية ووفق استراتيجية موحدة تلتف حولها كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني.
فما هو مطلوب تصفية نهائية للقضية الفلسطينية،من خلال تأبيد وشرعنة للإحتلال،مقايضة للحقوق الوطنية المشروع لشعبنا الفلسطيني،بتحسين شروط وظروف حياته ومعيشته تحت الإحتلال،وحل إنتقالي طويل جداً،تقوم من خلاله دويلة فلسطينية مسخ مقطعة الأوصال والجغرافيا.
0 comments:
إرسال تعليق