انتهت المنافسة الانتخابية ، التي تميزت بالحدة والشراسة في بعض المواقع والبلدان ، وبدأ غبارها يتطاير وينجلي ، فنجح من نجح ، وخسر من خسر . وبدوري أبارك وأهنئ جميع الأعضاء والرؤساء الفائزين والناجحين ، وأتمنى لهم مستقبلاً زاهراً وعملاً نافعاً وموفقاً في ادارة سلطاتهم المحلية ، وخدمة الصالح العام ، والنهوض بقراهم وتقدمها العصري والحضاري الى الأمام .
لقد دلت نتائج الانتخابات المحلية على تراجع وغروب شمس الأحزاب والحركات السياسية الفاعلة على الساحة في الوسط العربي ، التي ذابت في بوتقة القوائم العشائرية ، مقابل المرشحين العائليين والمستقلين والقوائم العائلية والحمائلية والحاراتية والطائفية . فمثلاً ، الجبهة الديمقراطية صاحبة التاريخ السياسي والوطني والنضالي العريق ، خسرت العديد من معاقلها وحصونها وقلاعها الجبهوية الحمراء ، كالناصرة وعرابة وسخنين ودير الأسد ودير حنا ، ومرشح شفاعمرو ناهض خازم الذي دعمته ، وهذا مؤشر ودليل واضح على عمق الأزمة العميقة الجدية وحالة الترهل ، التي تعيشها منذ زمن بعيد ، وتنذر بخطر انكماشها وضمورها ، وذك يتطلب من قيادتها مراجعة نقدية ذاتية شجاعة واستخلاص العبر والدروس مما حدث وافرزته نتائج الانتخابات المحلية .
كذلك فقد أظهرت نتائج الانتخابات نجاح عدد من المرشحين ، الذين كانوا ينضوون تحت خيمة وفكر وراية الأحزاب السياسية والدينية وخرجوا على قراراتها ، فانفصلوا وانشقوا عنها وخاضوا الانتخابات بصورة مستقلة ، ونجحوا باجتياز نسبة الحسم من اول جولة ، رغم كثرة المتنافسين ، والوصول الى رئاسة مجالسهم البلدية المحلية ، كالشيخ خالد حمدان في ام الفحم ، الذي كان في صفوف الحركة الإسلامية ، التي قررت عدم خوض الانتخابات للسلطة المحلية في المدينة ، وعلي سلام في الناصرة ، الذي انشق عن الجبهة التي قضى فيها أكثر من عشرين عاماً ، وحقق نجاحاً كبيراً بحسم الانتخابات لصالحه خلال فترة وجيزة لم تتجاوز الـ 4 شهور .
أما في طلعة عارة ، التي جرت فيها جولة ثانية فاز فيها الأخ مصطفى احمد (أبو أسامة) من قرية المشيرفة على منافسه علي حسن جبارين ، فقد عاشت ليلة الخامس من تشرين ثاني ليلة مختلفة، بكل المعاني والمقاييس ، في حياتها وتاريخ قراها ، حيث أقامت الاحتفالات والمهرجانات التي تحولت الى أعراس للوحدة الشعبية والجماهيرية الصادقة الغلاّبة ، التي تجلت بأهى صورها وأشكالها ، بعد ان تحقق النصر الساحق المؤزر والفوز الكبير الهام ، وعاشت أجواء من الفرح الغامر الممزوج بالدموع والابتسامات والتحيات والقبلات والمعانقات والتبريكات بالانجاز الكبير بنجاح مرشح قوى التغيير الحقيقية ، وانتصار مشروع الوحدة العظيم ، الذي عبدته ورسخته الوحدة للغيير في مصمص الصمود والإباء والشموخ والعزة والكرامة ، مصمص راشد حسين ونواف عبد حسن ومحمد طه حسن وعادل عبد الرحمن وعلي الفارس واحمد طه ، وغيرهم الكثير ممن رحلوا وارتحلوا عن دنيانا ، وكانوا عشاقاً لهذا البلد الطيب . مصمص ، صاحبة النضال والقرار المستقل والمشروع الوحدوي ، الذي أحدث التحول والمنعطف التاريخي والهزة العنيفة والزلزال الاجتماعي والسياسي في الطلعة . هذا المشروع الذي تنضوي تحت راياته وأعلامه الخفاقة كل الأطياف والشرائح والمركبات الاجتماعية والسياسية والعقائدية ، وامتد الى بقية قرى طلعة عارة ، ونجح في استمالتها واستقطابها وتجميع وتحشيد كل الطامحين بالتغيير الحقيقي والاصلاح ، وكل المؤمنين بالرؤية الوحدوية النهضوية التطويرية الشاملة بخصوص أداء وادارة السلطة المحلية ، فشكل مداً وشلالاً هادراً وبركاناً شعبياً وجماهيرياً جرف وسحق السابحين ضده ، وعلى أساسه تم خوض المنافسة الانتخابية بمعايير تحترم العقل والرأي الصائب في مواجهة نهج الفساد والمحسوبية والوصاية واللجان المعينة ، وتكلل بالنجاح بفضل الجهود الجبارة، التي قام بها اخواننا في مصمص وزلفة والمشيرفة وسالم .
نعم ، لقد نجحت قوى التغيير في طلعة عارة باجتياز الامتحان ، واستطاعت من كتابة وصنع تاريخ جديد في سفر حياة اهلها وسكانها ، الذي عانوا الكثير من نهج اللجان المعينة والرؤساء السابقين . والمطلوب الآن هو صيانة وحماية
المكسب الاجتماعي الحضاري ، الذي تحقق بفضل وحدة قرانا وانتصارها ، والعمل بجد واخلاص من استكمال وانجاز الطموح بالتغيير المرتجى والمأمول ، الذي نتوق ونصبو اليه منذ زمن ، وتشكيل ائتلاف قوي قائم على الشراكة الحقيقية ، بعيداً عن المطامع الشخصية الانتهازية الفردية ، علاوة على تفعيل أقسام المجلس وهيكلتها من جديد للنهوض بمسيرة التقدم والتطوير لقرانا الخمس ، وخدمة جميع السكان ، فالرئيس بعد انتخابه هو رئيس الجميع وليس لفئة معينة انتخبته.
عاشت وحدة طلعة عارة العظيمة المباركة ، وتحية خالصة لكل الفرسان والأسود والجنود المجهولين الذي سهروا الليالي وربطوا الليل بالنهار ، وأداروا الانتخابات بكل مسؤولية وعقلانية وثقة وايمان بحتمية الانتصار ، رغم الشطب السياسي لمرشح الوحدة للتغيير الاخ المحامي جمال زهير. ومن نجاح ، الى نجاح بانتصار نهج التغيير في المجلس المحلي، بإذنه تعالى .
0 comments:
إرسال تعليق