" أيها المواطنون في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد .والله الموفق والمستعان "هذا هو نص البيان الذي ألقاه الراحل عمر سليمان ببالغ الحزن والأسي في الحادي عشر من فبراير سنة 2011 ليعلن فيه تخلي الرئيس مبارك عن الحكم لتنتهتي بتلك الكلمات فترة حكم امتدت لما يقرب من الثلاثين عاما .
القي عمر سليمان هذا البيان فأصبحت مصر أمام مشهدين ، ملايين في المنازل انهمرت دموعهم وعلت صراختهم غير مصدقين لما حدث ملايين كاد أ نيصيبهم الجنون من وقع الخبر متمنين أن يكون ما هم فيه مجرد كابوس مزعج ، ملايين رفضوا أن يغادر رجل خدم مصر حربا وسلما بهذه الطريقة ، ملايين كانوا يعرفون من هو مبارك ، ملايين صحبتهم أحزانهم وآلامهم منذ تلك الذكري وحتي اليوم
في المقابل رأينا عبر الشاشات من يزغردون ويهللون تعلو الفرحة وجوهم معلنين أن ثورتهم قد نجحت وأنهم قد تخلصوا من الحاكم الظالم الديكتاتور الذي عاشت مصر في عهدة أسوأ فتراتها رأينا هؤلاء وهم يحتفلون بمصر الجديدة مصر الثورة مصر التي اسقطت الطاغية فعلت الابتسامات وسادت الضحكات بينهم .
وها نحن اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات علي ذكري تخلي الرئيس مبارك عن الحكم نري مشهدا أخر مختلفا عما رأيناه من هؤلاء الذين رحبوا برحيل مبارك واعتبروا رحيله عيدا خرجوا للاحتفال به ، فقد تبدل حال الكثيرين من هؤلاء بعد أن تمكن الحزن والخوف منهم وباتوا يترقبون بمزيد من الفزع ما يحمله لها الغد في ظل اقتصاد منهار ، وأمن مفقود ، ودماء تسيل هنا وهناك ، في ظل خلافات و انقسامات و أحوال تتردي وتتدهور ، ها هم اليوم يتحسرون علي مبارك وعلي أيامه ويتمنون يوما منها .
فقد أخطأ من ظن أن الذي رحل في ذلك اليوم - الحاي عشر من فبراير عام 2011 - هو مبارك وحده ، فلم يرحل مبارك وحده بل رحل ورحل معه الأمن والامان والاستقرار رحل مبارك ورحلت معه التنمية والمستقبل الآمن رحل مبارك ورحلت معه هيبة دولة وقوتها عاش الرجل محافظا عليها حتي أخر يوم له في حكمه .
لقد غادر النسر وترك الوطن في مهب الريح يسير من بعده في نفق مظلم كلما رأينا فيه بصيص من نور وحاولنا اأن نقترب منه وجدناه سرابا فالمعاناة لازال أمامنا معها مشوار طويل والدماء اعتادت علي تخطب أرض الوطن والأكفان والنعوش أصبحت سيدة الموقف .
لقد ترك مبارك التاريخ حكمابيننا وبينه وها هو التاريخ يبرأ ساحته يوما بعد يوم فمع حلول تلك الذكري المشؤومة وفي الوقت الذي يمثل فيه الرئيس مبارك للمحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين تأتي شهادة قائد الحرس الجمهوري لتروي علي مسامعنا كلمات تجعلنا نضع هذا البطل فوق الرؤوس لا أن نضعة خلف القضبان فها نحن نستمع لكمات من اطلقوا عليه القاتل والطاغية موجها تعليماته للحرس الجمهوري بعدم اطلاق الرصاص علي المتظاهرين حتي وإن دخلوا عليه غرفة نومه وسحلوه .
كما أنت عظيم أيها الرجل كما أنت عظيم أيها البطل فقد أثبت وتبث يومابعد الأخرأنك وبلا منازع أكثر من أحب هذا الوطن وأحب شعبه وضحي ويضحي من أجلهم فلك كل الاحترام والتقدير ولتظل تلك الذكري دليلا علي ظلم وجحود شعب أصم أذنيه عن الحقيقة وقبل فقط بأن يستمع إلي حديث الوهم الذي ضيعه ووضعه أمام مستقبل لا يعلمه إلا الله .
الكاتبة \ سلوي أحمد
0 comments:
إرسال تعليق