يوم أمس الثلاثاء الواحد والعشرون من رمضان المصادف للثلاثين من تموز استهدفت إحدى طائرات نظام نمرود الشام مسجد حمزة في مدينة عندان في ريف حلب الشمالي، التي كانت تحتفل بمرور سنة على تحريرها من عصابات هذا النمرود، استهدفت مسجد حمزة ببرميل من براميل الموت التي اعتادت هذه المدينة وأخواتها استقبالها منذ ما يزيد على سنتين ونصف، ليخلف أحد عشرة ضحية سبعة منهم من الأطفال وأربعة من المعلمات كن يقمن بتدريس الأطفال القرآن الكريم وأحكام تلاوته في ذاك المسجد، الذي انهار بفعل هذا البرميل على رؤوسهم وغمرت أنقاضه أجسامهم البضة الطرية، لترتفع أرواحهم إلى السماء تشتكي إلى الله نمرود دمشق الباغي "بأي ذنب قتلتنا" ؟!!..
لم يكن مسجد حمزة هو الضحية الأولى لنمرود الشام.. فقد سبقه مسجد خالد بن الوليد في مدينة حمص مرقد جثمان ذلك الصحابي الجليل الذي قال عنه النبي الكريم: "خالد سيف الله المسنون" الذي خاض أعظم معارك الإسلام الخالدة في الجزيرة العربية والعراق والشام، وكانت كل معاركه ملاحم من البطولة والتخطيط غدت علوماً عسكرية تدرس في كل الأكاديميات العسكرية في معظم بلدان العالم، وأتت عليه براميل الموت الأسدية بما فيه ضريحه لتحيله إلى أثر بعد عين.
ولم يكن مسجد خالد بن الوليد في حمص ولا مسجد حمزة في عندان هما الوحيدان اللذان استهدفته قذائف باغي الشام، فهناك المئات غيرهما من المساجد في معظم المدن والبلدات والقرى السورية، أسقطت غربان هذا الباغي براميل الموت على مساجدها وجوامعها لتحيلها إلى خراب ودمار، وتأتي على الآلاف من روادها بين مصل وعاكف ولاجئ، فقد وثقت المنظمات الدولية المحايدة تدمير جزئي أو كلي لأكثر من 1400 مسجد وجامع بينها أكثر من 700 مسجد وجامع مصنفة على أنها من تاريخ سورية وآثارها، وكان في مقدمتها مسجد بني أمية الكبير في حلب الذي أقامه الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك ويضم تحت سقفه ضريح النبي زكريا عليه السلام.
وللمساجد قصة عند هذا النظام الذي جثم على صدر سورية نصف قرن ويزيد، ففي عام 1964 دكت مدفعية هذا النظام مسجد السلطان في مدينة حماة وأتت على العشرات من المعتصمين فيه، وفي عام 1965 دنست دبابات ومجنزرات جيش النظام العقائدي حرمة مسجد بني أمية في دمشق وعاثت فيه فساداً وساقت المئات من المصلين إلى أقبية السجون والمعتقلات، وكذلك فعل النظام نفس الفعلة المشينة مع بيوت الله عام 1972 في معظم المدن السورية عندما انتفضت الجماهير بوجه النظام رافضة سن دستور إلحادي ينفي الإسلام عن المجتمع السوري ويريد سلخ الناس عن دينهم.
ولو أوغلنا في التاريخ قليلاً لعرفنا سر علاقة هذا النظام الباغي مع بيوت الله.. فجد باغي الشام الأول أبو طاهر القرمطي سار بجنده سنة 317هـ/929م إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة فوافاها يوم التروية والمسلمون في حج وتأدية فرض مهم من فروضهم، فنهب هو وأصحابه أموال الحجاج وقتلوهم حتى في المسجد الحرام وفي البيت نفسه، وقلع الحجر الأسود من بناء الكعبة وأنفذه إلى هجر، فخرج إليه أمير مكة في جماعة من الأشراف فسألوه في أموالهم فلم يشفعهم فقاتلوه فقتلهم أجمعين، وقلع باب البيت الحرام وطرح القتلى في بئر زمزم ودفن الباقين في المسجد الحرام، حيث دفنوا بغير غسل ولا كفن ولا صلى على أحد منهم، وأخذ كسوة البيت فقسمها بين أصحابه ونهب دور أهل مكة. ثمّ كسر جنده الحجر الأسود وحملوه معهم إلى موطنهم في هجر ليبقى حبيساً لديهم لنحو 22 سنة، وقالوا بعد أن اقتلعوه من مكانه: "لم ترمينا طير أبابيل ولا حجارة السجيل".
والتاريخ يعيد اليوم نفسه مع نمرود الشام حفيد أبا الطاهر ولسان حاله يقول بعد تدمير كل مسجد أو جامع: "لم ترمينا طير أبابيل ولا حجارة من سجيل"!!!
0 comments:
إرسال تعليق