قبل أن ابدأ بكتابة الرواية الأولى و أنا لا أزال عازمة على الحديث عن هجرة الأباء لزوجاتهم و أبنائهم و لكن في البداية أود أن اهنئ جميع اخوتي في العالم العربي و الإسلامي بحلول شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا أعواماً عديدة ونحن اخوة نحب بعضنا بعضاً وبلادنا و جميع بلاد المسلمين تنعم بالأمان ، و بعدها سأتطرق لنقطتين لأوضح بعض الأمور .
سبب اختياري لعنوان هجرة الأباء في المقال السابق الذي لم يفهمه البعض رغم وضوح المعنى ، قصدت أن أتحدث عن هجرة الأباء سواءً كانت هجرة الجسد أو هجرة العواطف و المشاعر و في كلتا الحالتين الأب عنصرٌ مفقود في المنزل ،و بعد غيابٍ طويل يعود الأب من هجرة إلى هجرة أخرى ليجد الأبناء لا يعرفونه ،ملامحه تشبه ملامح رجلٍ غريب ولن يرحبو بهذه العودة ،هناك فرق بين الهجر و الهجرة في المحتوى الذي عنيته .
النقطة الثانية التي أود طرحها ،إن كنت أحيا في جوٍ أسري صحي أبٌ مثالي و أم تزين البيت بحنانها ،فهذا لا يمنع أن أطرح قضايا نساء و أطفال يرسلون لي رسائلاً يسردون فيها مشاكلهم ،فلا أستطيع أن أغمض عيني عن مشاكل المجتمع ،و لذلك فأنا صوت عامة الناس .
و الآن أود أن أطرح قضية مهمة جداً ، لماذا نعيب زماننا و العيب فينا ،كيف يقدم الرجل على الزواج و هو غير مهيئاً ليكون زوجاً و أباً و هذه البداية في أي بيت " تحمل المسؤولية " .
فالرواية الأولى تتحدث عن فتاة الثانوية التي تزوجت من رجل يكبرها بأربعة عشر عاماً ،كل ما يميزه هو أنه خريج جامعي و يعمل في الخليج، في هذه الحالات نلاحظ إقبال النساء قديماً للبحث عن الفتاة الجميلة و الصغيرة في السن و تكون من أصلٍ طيب ،و لكن منظور الزواج اختلف حسب الظروف الاقتصادية فأصبحت الفتاة العاملة هي المرغوبة ،و هي من تبحث عنها والدة العريس ،أو قد يقرر الرجل للبحث لنفسه عن زوجته ولكن ضمن هذا الإطار.
الفتاة التي كانت تحلم ببيت و أولاد و زوج يقف معها في السراء و الضراء ،اتضح أنه ليس صاحب قرار جميع قرارته تصدر من السيدة الوالدة ، جميلٌ أن يبَرّ الولد والدته ولكن" الرجل رجلاً" ،فهو صاحب الكلمة في بيته و هو المسؤول عن زوجته و أبنائه ،و أي امرأة في العالم تبحث عن الأمان وهذا لايتوفر إلا مع رجل يتحمل مسؤوليتها و مسؤولية بيته و أبنائه ،و يكون صاحب قرار.
بات يسبها و بدأ يفتعل المشاكل و بعدها يعود للسفر و يتركها لتعيش في منزل والدته،و يرسل المصروف جماعي لأمه،تأخذ هذه الفتاة مصروفها من حماتها ،و كلما عاد في الاجازة تطلب منه منزلاً ليكون لها خصوصيتها كما أنه مقتدرو يستطيع شراء منزلٍ لها لكنه آثر أن يؤجر لها منزلاً بناءً على قرارٍ من والدته، و لم تعرف ماذا في نية هذا الرجل .
عانت هذه الزوجة من ضعف شخصية الزوج لسنوات عديدة حتى توفيت والدته و ظنت أنها ستستقر لكن شقيقته الكبرى هي من استلمت المهمة ، ،في نهاية المطاف ترك هذا الزوج زوجته تقاسي المر و سافر للعودة إلى عمله دون أن يترك لها مصروفاً تصرف منه على أبنائها،وهذه المرة قرر السفر دون العودة ، و بعد شهرين لم تستطع دفع أجرة المنزل الذي تسكنه ،فعادت إلى منزل والدها و لكنها لم تعد بمفرها عادت مع أبنائها عادت لتسكن في غرفة و تأخذ مصروفها من والدها الذي قرر أن يتحمل نتيجة خطئه في عدم اختيار الزوج المناسب لبنته ،أما ذلك الأب الغافل الذي هاجر وأطال في سفره،دون أن يسأل ماذا جرى طوال تلك السنوات بأبنائه ،عاد بعد أن كبر أبنائه يود رؤيتهم يود أن يعيد الأسرة التي أضاعها ،عاد نادماً على مافرطت يداه،وهل يظن أن الزوجة لاتزال تنتظره؟ في هذه السنوات اختارت أن تبني مستقبلها في تربية أبنائها بمساعدة من والدها ووالدتها ،الجد تحول إلى أب و الجدة هي الأم الكبيرة .
هذا الأب الغافل لا يعني لأبنائه سوى كونه اسم على الهوية ،و لا يُكنون له أي مشاعر ،و هل هذا ما كان يبحث عنه هذا الأب هكذا كان يحلم لبناء اسرته ،هل نجح هذا الأب في أن يكون أباً ؟
لم أذكر تفاصيل القصة لأنني آثرت التعليق على هذه الحالة التي قد تعيشها آلاف النساء ،مع اختلاف بعض التفاصيل .
لماذا تقدم الأمهات للخطبة لأبنائهن وهن يعلمن أنهم لا يمكن أن يتحملو مسؤولية بيت و زوجة و أبناء .
و لماذا "بعض" الأمهات يتحولن إلى نساءٍ أنانيات كم قاست من ظلم الحماة و تعيد الكرة و تتحول هي إلى حماة، و كل الذي كانت تقاسيه من سوء المعاملة فهي تعيده مع زوجة ابنها ،وتكون سبباً في هدم بيتٍ بأكمله .
هل يمكن أن نعتبر هؤلاء الابناء أسوياء يخلون من العقد النفسية ؟ألم تؤثر عليهم هذه الحياة سلباً .
هل الزوجة شعرت يوماً بالسعادة التي كانت تحلم بها ؟و هل كان هذا الزوج هو فارس أحلامها ؟أم كبقية النساء الشرقيات عندما يقدمن على الزواج و تسأل احداهن هل أنت مقتنعة بزوجك ترد و تقول " مجرد زوج ولا البلاش " يعني الزواج بالنسبة لهن عبارة عن روتين الحياة .
لماذا دائما يجب أن تقدم المرأة التنازلات حتى تسير المركب ويظل الرجل غافلاً في هذه الدنيا ،و يبقى جاهلاً يخطئ في حقها و هي تسامح و تتنازل،و إن رفضت أن تعود و تسامح تُعتبر بنظر المجتمع امرأة جاحدة للنعمة ، يصالحها زوجها و هي لاتقبل بهذا الصلح ،و لم يسأل أحد ولو للحظة ماذا فعل هذا الرجل بها و ما هو الألم الذي سببه لها حتى تصل لهذه الدرجة من كره الزوج
أهل الفتاة هل يشعرون أنهم تعجلو في تزويج ابنتهم من الرجل غير المناسب ،وهذا حال العديد من الأباء ،أحيانا يتعجلون في تزويج بناتهم ،أم أن الشباب في هذا الزمن لم يعودوا قادرين على تحمل المسؤولية ، والأغلب منهم يُعتبرو خياراً غير مناسب ،البعض يحاولون التكفير عن ذنبهم في تحمل مسؤولية بناتهم عندما يعدن إلهم مع أبنائهن كما فعل والد هذه الفتاة ،هل هذا التصرف يساعد في انشاء هؤلاء الأولاد تنشئة صحيّة؟
هل يشعر الأب براحة الضمير؟ هل يشعر بالرضى لتركه لأبنائه يكبرون بمفردهم و لايكون له وجود في حياتهم ،لايملكون الذكريات مع والدهم ،و جميع الصور تضم الأحفاد مع الأجداد بوجود الأم ،و تخلو من وجود الأب .
القصة كانت صعبة جداً لكنني لا أستطيع ذكر تفاصيل تطيل في الحديث وهي تفاصيل كماذكرت قد يشعر بعض القراء بأنها تخصهم ،و أنها حالة تعيشها بعض النساء ،و أبناؤها هم الضحية،لذلك آثرت أن أذكر الموجز الأن العديد يعلمون كيف تؤول الأمور الى قضايا و محاكم و هذه النقطة سأطرحها في مقالي القادم .
هناك روايات أخرى سأرويها و أذكر معاناة هؤلاء النساء و لكن تحت منظور آخر و تحت عنوان آخر و مسمّى مختلف.
الآن و قد حل الشهر الفضيل و لازلنا بعشر الرحمة هل سنحاسب ضميرنا ،هل سنعرف أن الله حق،و كل من يخطئ في حق زوجته يعود ليجمع الزوجة و الأبناء في منزل يعمه الحب ،يكون المسؤول الوحيد على تربية أبنائه دون أي تدخل خارجي ، فلازلت أقول أن الأب مسؤول أمام الله عن تربية أبنائه وسيحاسب،لن يتكلف هذا الأب لو أصبح أباً حقيقياً حاضراً لا غائباً ،يبني أجيالاً لا ينشئ عقداً نفسية ،فهذة رعية و الأب مسؤولٌ عن رعيته .
0 comments:
إرسال تعليق