أثارت استقالة رئيس الولاية السابق باري اوفاريل المفاجئة حراكاً سياسياً و تغطية اعلامية وردود فعل كبيرة ،ان لم نقل غير مسبوقة، حيث كانت وستبقى حدث العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين بإمتياز اقله في نيو سوث ويلز بسبب الطريقة التي خرج بها من الحكم، لإخفاقه في تذكّر هدية عبارة عن زجاجة من النبيذ المعتق والتي تبلغ قيمتها 3000دولار، والتي لم تسجل في سجل الهدايا التي يستلمها المسؤولين حيث ومن المفروض التصريح عن كل هدية تفوق قيمتها 500دولار ، كان اهداه ا ياها دي جيرولامو الذي تحقق معه الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد (ايكاك)، لدوره في شركة اوستراليا ووتر هولدينع التي ترأسها سابقاً وقدمت تبرعات سخية لحزب الأحرار وحجم المعاشات التي كان يتقاضاها جيرولامو وغيره من الموظفين في الشركة ،وعن علاقة السينتور العمالي السابق ادوار عبيد المتهم بالفساد من قبل (ايكاك) في قضية عقود المناجم، وبعض افراد من عائلته بالشركة التي كانت تحاول الحصول على عقد من الحكومة، وشركة مياه سدني لبناء شبكات الصرف الصحي وغيرها من البنى التحتية في شمال غرب سدني.
اوفاريل غير متهم بالفساد وحسب جيف واتسون المفوض المساعد في (ايكاك) استبعد اي اشتباه او تصرف فاسد من قبل اوفاريل.
اوفاريل وبضغط من المعارضة العمالية كان قد سئل في البرلمان عن علاقته بجيرولامو لكنه رفض التعليق او الافصاح عن علاقته به وعدد اللقاءات التي جمعتهما ليعود ويقر بلقاءاته لاحقاً.
في اليوم التالي لمثول اوفاريل امام (ايكاك) 17/04/2014 كان على موعد مع رئيس الوزراء طوني ابوت للإعلان عن اكبر مشروع لبناء البنى التحتية في غرب سدني بالاضافة الى القرار بشأن بناء المطار الثاني للمدينة في منطقة بدجري كريك.
وكما اصبح معلوماً، وصلت صباح ذلك اليوم الى (ايكاك) رسالة من محامي دي جيرولامو وهي عبارة عن رسالة شكر من اوفاريل لجيرولامو على الهدية ومكتوبة بخط يده، هذه الرسالة التي دفعت رئيس الولاية للإستقالة وتأكيده ان الذكرة قد خانته مقراً ان عليه ان يتحمل المسؤولية.
يشار الى ان قضية زجاجة النبيذ وحسب سدني مورنيغ هيرالد الجمعة 18/04/2014 كانت قد اثيرت مع اوفاريل قبل ستة اسابيع من قبل الصحفي اندرو كلانيل من مؤسسة نيوز كوربس الذي كان قد ارسل رسالة نصية لأوفاريل يسأله عن حقيقة استلامه تلك الهدية من دي جيرولامو، ولكن اوفاريل نفى ذلك ولم ينشر كلانيل القصة معتمداً على رد اوفاريل ،ولكن تداعيات القضية وضعت اوفاريل امام اللاعودة حفاظاً على مصداقيته واتخذ قرار الاستقالة.
لا بد من الاشارة الى ان لاوفاريل انجازات لا يمكن تجاوزها والمرور عليها مرور الكرام، فعلى المستوى الحزبي حقق لحزب الاحرار فوزاً كاسحاً في انتخابات عام 2011، بعد ان امضى الأحرار 16 عاماً في ادغال المعارضة، اما على المستوى الحكومي فقد وقّع اوفاريل مع الحكومة الفيدرالية برئاسة جوليا غيلارد مشروع كونسكي متجاوزاً تحفظ حزب الاحرار الفيدرالي، لأنه رأي ان المشروع يساعد في تطوير التعليم في نيوسوث ويلز. كما عارض اوفاريل مشروع الحكومة الفيدرالية الحالية لتعديل قوانين الذم العنصري، وكذلك عدّل وان متأخراً القوانين التي ترعى عمل الحانات والبارات للحد من اعمال العنف في شوراع سدني الناتجة عن الإفراط في تناول الكحول او ما عرف بالضربة الغادرة والتي ما تزال عالقة في مجلس الشيوخ بسب اصرار حزب العمال وحزب الصيادين ادخال بعض التعديلات عليها.
وأخيراً دافع عن الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد ودورها بعد الحملة التي تعرضت لها من قبل بعض الكتاب والمعلقين والنواب المحافظين الذين دعوا الى ان تقوم (ايكاك )باستجواباتها وراء الأبواب المغلقة او الحد من صلاحياتها ،علما انه سبق لأوفاريل ان زاد ميزانية الهيئة. ونشير هنا الى ان اوفاريل كان حاسماً ولم يماطل كما فعل النائب العمالي السابق الذي تحوّل الى مستقل غريغ تومسون المتهم بإساءة استعمال اموال نقابة عمال الصحة.
لا شك في ان اوفاريل كان يستحق خروجاً افضل كما قال الكاتب اليساري مايك كارلتون في مقالته الأسبوعية زاوية ما وراء الأخبار سدني مورنيغ هيرالد ص 40 لأنه محترم ومواظب على عمله.
ولكن ،هذه السياسة وللعمل السياسي نتائجه والتي قد تكون غير متوقعة ، واخيراً يبقى الحكم للتاريخ حول اذا ما اخفق اوفاريل او تأخر في اتخاذ اجراءات للحد من نفوذ جماعة الضغط وتواصلها مع اصحاب القرار من وزراء وموظفين والتي تكون قد اتت على قيادته ووضعت حداً لحياته السياسة اقله في الوقت الحالي.
سدني استرليا
Email:abbasmorad@hotmail.com
0 comments:
إرسال تعليق