جوزيف ابو فاضل: الغرب يريد الهدوء في لبنان والشمال لن يبقى ملتهباً

أعلن الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ الولايات المتحدة الأميركية كما روسيا وأوروبا وإيران وسوريا وبقية الدول في المنطقة يريدون هدوءاً في لبنان في هذه المرحلة، مرجّحاً أن لا يبقى الشمال ملتهباً لأمد طويل، محذراً من أنّ ذلك يؤدي إلى إسقاط الحكومة.
وفي حديث إلى برنامج "آخر كلام" عبر تلفزيون "NBN" أداره الإعلامي عباس ضاهر، جدّد أبو فاضل وصف الحوار بـ"مضيعة الوقت"، لكنه لفت إلى أنّ المطلوب في هذه المرحلة هو "تضييع الوقت" لمنع استمرار الاشتباكات الأمنية، مشدّداً على أنّ مجرّد مشهد الحوار بين الأفرقاء المتخاصمين ينفّس الاحتقان السائد. وفيما رأى أنّ رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع يقول على هذا الصعيد ما لا يستطيع أن يقوله رئيسا الحكومة السابقان سعد الحريري وفؤاد السنيورة نظراً لالتزامهما مع المملكة العربية السعودية، اعتبر أنّ جعجع يسعى، من خلال رفضه للحوار، لتحسين شروطه والحصول على مكتسبات إعلامية ومعنوية.
وفيما وصف أبو فاضل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بـ"رجل المرحلة"، أعرب عن اعتقاده بأنّ النجاح لن يكون حليفه في حال حصول انتخابات اليوم في طرابلس، لافتاً إلى أنّ الشارع الطرابلسي هو أقرب اليوم إلى السلفيين. وتوقع أبو فاضل معركة انتخابية قاسية في الكورة حيث شغر مقعد نيابي بوفاة النائب فريد حبيب، معرباً عن اعتقاده بأنّ هذه المعركة ستكون أقوى من معركة المتن الفرعية باعتبارها المؤشر الوحيد لانتخابات 2013 النيابية.

الغرب يريد الهدوء في لبنان
أبو فاضل قلّل من شأن الاشتباكات التي شهدتها بعض المناطق اللبنانية خلال الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أنّ الدول الكبرى والدول الاقليمية بالتناغم معها تريد الهدوء في لبنان، مشدّداً على أنّ الولايات المتحدة الأميركية كما روسيا وأوروبا وإيران وسوريا وبقية الدول في المنطقة يريدون هدوءاً في لبنان في هذه المرحلة. وإذ نفى ما يُحكى عن وجود نيّة لدى البعض لإشعال المنطقة، اعتبر أنّ ما يحصل في سوريا مختلف إذ إنّ سوريا دولة يحاولون إسقاط نظامها لا اكثر ولا اقل لأنه النظام الوحيد الذي لا يزال محافظاً على مبادئه وثوابته ولا يزال يتجرّأ على أن يقول "لا" ويحافظ على وجوده وكيانه.
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى الدلالات التي حملتها زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والتي تمحورت حول دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مختلف الأفرقاء إلى طاولة الحوار، معتبراً أنّ ميقاتي أخذ غطاءً من البطريرك الراعي الذي أعطاه موقفاً مسبقاً، الأمر الذي يؤكد أنّنا أمام بطريرك عظيم ومتناغم مع محيطه وناسه واهله.

جعجع يسعى لتحسين شروطه
وفي ملف الحوار، ذكّر أبو فاضل بالمراحل المختلفة التي قطعتها طاولة الحوار منذ تأسيسها على يد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعيد الأحداث التي هزّت لبنان في العام 2005 وقبيل الحرب الاسرائيلية ضدّ لبنان في العام 2006، ولاحظ أنّ جميع الأفرقاء بمن فيهم بري ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون وحزب الله ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل وغيرهم من الشخصيات متحمّسون لدعوة رئيس الجمهورية، ليبقى فقط رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة ضدّ الحوار، لافتاً إلى أنّ هذا الأمر لا يصحّ.
وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ رئيس حزب القوات سمير جعجع يسعى، من خلال رفضه للحوار، لتحسين شروطه ومحاولة الحصول على مكتسبات اعلامية ومعنوية خصوصاً أنه قادم على معركة انتخابية في الكورة بعد وفاة عضو كتلة القوات اللبنانية النائب فريد حبيب الأسبوع الماضي إثر صراع مع المرض.

لا أحد يستطيع رفض طلب الملك السعودي
أبو فاضل قلّل من شأن رفض جعجع كما تيار المستقبل للحوار، مستنداً في ذلك إلى دعم الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الواضح للحوار وهو الذي أرسل كتاباً بهذا الصدد إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي لبّى الطلب وسارع للقاء الملك السعودي وزيارته، ولفت في هذا السياق إلى وجود رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى جانب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في الغداء الذي أقيم على شرف الرئيس سليمان "تماماً كما يجلس الصبي مع خالته"، لافتاً إلى أن لا شيء مخفياً على هذا الصعيد إذ إنّ كلّ ثروة الحريري وأملاكه مصدرها المملكة العربية السعودية. وقال: "بالتالي، فإنّ لا أحد يستطيع أن يرفض طلب الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز للمشاركة في الحوار، سواء أكان الأمر يتعلق بجعجع أو الحريري أو السنيورة".
ورداً على سؤال عن احتمال تمسّك جعجع بموقفه الرافض للحوار، لفت أبو فاضل إلى أنّ كلّ شيء وارد وبالتالي، فإنّ جعجع قد يكون أول المشاركين في طاولة الحوار بل إنه قد يكون هو الذي يستقبل بقية الأفرقاء، موضحاً أنه "في السياسة لا يوجد إلا أخذ وعطاء". وفيما أكد أنه يعارض السياسة التي ينتهجها جعجع في المجمل، أوضح أنه لا يؤيد المواقف السياسية التي يطلقها جعجع كما أنه ليس مع شخصه.

"لو بدها تشتّي كانت غيّمت"
وعن المذكّرة التي تعدّها قوى الرابع عشر من آذار لشرح موقفها من الحوار، توقع أبو فاضل أن ينتهي أقطاب هذا الفريق منها قريباً ليسلّموها إلى رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، لكنه أكد عدم الرهان على أي اقتراح يمكن أن يصدر عن هؤلاء، مستنداً إلى المقولة الشعبية القائلة: "لو بدها تشتّي كانت غيّمت". ورأى أن هاجس فريق الرابع عشر من آذار هو إسقاط الحكومة الحالية، وقد تحوّل هذا الهاجس إلى ما يشبه الوسواس بالنسبة لهم، موضحاً أنّ هذا الفريق بات يعتبر مجرّد ذهابه للحوار وتلبية دعوة رئيس الجمهورية على هذا الصعيد بمثابة "تعويم" للحكومة.
لكنّ أبو فاضل شدّد على أنّ الحكومة مستمرّة رغم كلّ شيء، معتبراً أنّ رئيسها نجيب ميقاتي تبيّن أنه رجل المرحلة بامتياز، موضحاً أنّ الرجل أثبت أنه دولي بكلّ ما للكلمة من معنى حيث ظهر أن له يداً في السعودية وأخرى في سوريا وثالثة في قطر وكذلك في الولايات المتحدة الأميركية، وقد تكون له يد أيضاً في الصين والهند. وإذ نفى أن يكون كلامه يحمل هجوماً على رئيس الحكومة، دافع عن الأخير بوصفه ناجحاً، موضحاً أنّ المجازر كانت ستحصل في لبنان لو أنّ أحد رئيسي الحكومة السابقين سعد الحريري وفؤاد السنيورة كان مكانه في الحكم في هذه المرحلة.
وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الرئيس ميقاتي ينأى بنفسه لكنه لا يعرف كيف يخدم منطقته وناسه، متوقعاً أن يرسب في مدينته طرابلس في حال حصول انتخابات فيها اليوم، موضحاً أنّ السلفيين لا يؤيدونه والشارع الطرابلسي اليوم معهم. وانتقد أبو فاضل الخبير في الجماعات السلفية الشيخ عمر بكري، مذكّراً بأنه لم يكن ليخرج من المحكمة العسكرية لولا مساعدة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نوار الساحلي له، بتوجيه مباشر من سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

الجميل.. بين "8" و"14"
من جهة أخرى، تطرق أبو فاضل إلى تمايز حزب الكتائب الذي ظهر مجدداً من خلال الموقف من الحوار وحرص رئيس حزب الكتائب أمين الجميل على تبني موقف إيجابي من دعوة رئيس الجمهورية مستبقاً في ذلك الموقف الرسمي والنهائي لقوى الرابع عشر من آذار، فلفت إلى أنّ الجميل يدرك أنه لن يخسر شيئاً في حال وضع رجلاً مع "14 آذار" ورجلاً مع "8 آذار". وإذ أقرّ بأنه يدرك أن النائب نديم الجميل ووالدته النائبة السابقة صولانج الجميل لا يقفان مع الرئيس الجميل في مواقفه هذه بل إنهما أقرب إلى رئيس حزب القوات سمير جعجع علماً أنهما يُعتبران من صقور الكتائب، لفت إلى أنّ النائب سامي الجميل يدرك في المقابل أنه كلما رفع السقف أكثر كلما كسب الشارع أكثر، ولا سيما الشارع المسيحي.
لكنّ أبو فاضل أعرب عن خشيته من أن يأتي وقت يفكّر فيه جميع الأفرقاء على الساحة المسيحية بـ"وراثة" رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون. وأشار إلى أنّ الرئيس الجميل يفكر على المدى البعيد، وبالتالي فهو يضع نصب عينيه الاختلاف مع القوات على الصعيد الانتخابي كما حصل سابقاً في البترون حيث اضطر لنقل النائب سامر سعادة من البترون إلى طربلس.

سنلمس التمايز الكتائبي.. انتخابياً
ورداً على سؤال عمّا إذا كان موقف الكتائب من الحوار بمثابة مقدّمة لخطوات أخرى تكرّس التمايز مع قوى الرابع عشر من آذار أم أنّه سيبقى محصوراً في موضوع الحوار، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ اللبنانيين سيلمسون هذا التمايز بوضوح في الانتخابات المقبلة. وأشار إلى وجود مصلحة للكتائب بالحصول على أصوات العونيين في بعض المناطق، لكنه نبّه إلى إمكان انقلاب الجميل على عون في حال اكتسب قوة إضافية.
وجدّد أبو فاضل التأكيد على أنّ رئيس حزب الكتائب أمين الجميل ورئيس حزب القوات سمير جعجع ينظران إلى بعضهما البعض بحذر، مذكّراً بما حصل بعيد استشهاد الوزير بيار الجميل ومحاولة تسويق اسم رئيس حزب الكتائب كمرشح لرئاسة الجمهورية. وقال: "يومها، زار كل من جوزيف أبو خليل وسامي الجميل جعجع لاقناع بانتخاب الجميل رئيساً للجمهورية، فقال لهما أن من جرّب المجرّب كان عقله مخرباً، ورفض انتخاب الجميل وهذه قصة معروفة، علماً أنّ أحداً من تحالف الرابع عشر من آذار لم يقبل أن يعود الجميل رئيساً للجمهورية، ولهم حساباتهم في ذلك".

خلاف جعجع والراعي جذري وواضح
ورأى أبو فاضل أنّ طرح الكتائب اليوم يمكن تفسيره على أنّ الحزب يحاول إعادة رسم نفسه على الساحة المسيحية كحزب ميثاقي لا يمكنه أن يخالف قناعاته، مشيراً إلى أنّ ما كان الجميل يتجنّب إثارته على مدى السنوات الماضية بات اليوم يقوله علناً، مستشهداً في هذا الإطار بمواقف الجميل المتمايزة سواء بالنسبة لسياسة النأي بالنفس أو العلاقة الجيدة مع جميع الأفرقاء، ملاحظاً انفتاح حزب الكتائب على عدد من الأحزاب التي تعتبر خصمة لقوى الرابع عشر من آذار وفي مقدّمها حزب الله والتيار الوطني الحر.
وإذ أكد أنّ رئيس حزب القوات سمير جعجع لا يستطيع أن يتبنى هذا الانفتاح، نفى أن تكون مشكلة الأخير مقتصرة على سلاح المقاومة، لافتاً في هذا الإطار إلى علاقته مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والاختلاف الحاصل بينهما. ورأى أنّ توقيت هذا الاختلاف كان خاطئاً خصوصاً أنّ البطريرك الراعي لا يزال في مستهلّ عهده وهو قوي ويحظى بدعم فاتيكاني غير بسيط. وأشار إلى أنّ جعجع اعتاد على أن تكون بكركي بتصرفه أو تكون معه على ذات الموجة ولا تغضبه، وهذا ما لا يحصل اليوم لأنّ بكركي لا تسأل عن أحد وهي تكرّس الوقوف على مسافة واحدة من الجميع ودعم رئاسة الجمهورية. ورأى أنّ الاختلاف بين البطريرك الراعي وسلفه البطريرك مار نصرالله بطرس صفير يبرز هنا، إذ إنّ الأخير كان رئيس تيار "14 آذار"، وقال: "لو كان بطريرك آخر غير صفير، لكان وضع المسيحيين بألف خير، وكلنا يذكر كيف أتوا بأقوى شيعي إلى رئاسة المجلس النيابي وأقوى سنّي إلى رئاسة الحكومة وأضعف مسيحي في المقابل إلى رئاسة الجمهورية".

كونيللي تضغط على عون
ورداً على سؤال، أبدى أبو فاضل استغرابه للمواقف "القاسية جداً" التي صدرت عن النائب السابق غبريال المرّ في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، مشيراً إلى أنّ هذه المواقف أوحت وكأنّ الحرب على الأبواب، مرجّحاً أن يكون المر ينوي العودة لتعاطي الشأن العام في المرحلة المقبلة، معرباً عن صدمته بالهجوم الصاعق الذي شنّه "وكأننا لا نزال في العام 2002".
وبالعودة إلى الخلاف الواضح كما وصفه بين البطريرك الراعي وجعجع، لفت إلى أنّ البطريرك منفتح على جميع الدول العربية فيما جعجع لديه حساباته مع الأميركيين والفرنسيين وكل الدول الغربية، متوقفاً في هذا السياق عند اللقاءات التي تجمعه بممثلي هذه الدول والتي كان آخر زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان، نافياً أن يكون الأخير قد التقى جميع الأفرقاء، مشدّداً على أنه لم يلتق العماد ميشال عون مثلاً وأن لقاءه رئيس المجلس النيابي نبيه بري أتى باعتبار الأخير من الرسميين لا أكثر. ورداً على سؤال، أوضح أنّ زيارات السفيرة الأميركية مورا كونيللي الدورية إلى العماد عون تأتي في إطار الضغط المتزايد عليه للانفصال عن حزب الله، مذكّراً برفض الأميركيين القاطع للاتيان بعون رئيساً للجمهورية يوم كانت الاحصاءات الشعبية تدلّ على تفوقه على الجميع.

الحكومة عرجاء لكن باقية
وأشار أبو فاضل إلى أنّ الخلاف بين جعجع والراعي جذري، منبّهاً إلى إمكان أن ينسحب هذا الخلاف على الجميع في الداخل. ولفت إلى أنّ خطاب البطريرك الراعي موزون وهو يعرف ما الذي يريده بالتحديد، فيما جعجع يغامر وهذا ما يحول دون تقويته شعبياً. وقال: "من المعروف من هو الذي يقوى شعبياً، ولهذا السبب فإنّ الجميل وحزب الكتائب ينزلون إلى الساحة بكلّ ثقلهم". واعتبر أنّ طروحات جعجع أضعفته في الساحة المسيحية ولكنه في الساحة السنية مرتاح وكذلك في الساحة الدرزية.
وأكّد أنّ الحكومة عرجاء ولكنه شدّد على أنها باقية، مستبعداً إمكان تحسّن الأمور في داخلها. ورفض في المقابل طرح قوى الرابع عشر من آذار تشكيل حكومة حيادية للاشراف على الانتخابات النيابية المقبلة، موضحاً أن لا حكومة حيادية بل إن لا أحد حيادياً في لبنان "وهذا الموضوع انتهينا منه". وأشار إلى أنّ البطريرك الماروني نفسه ليس حيادياً إذ واجبه أن يقف مع رئاسة الجمهورية، وكذلك الرؤساء الدينيون والقضاة لكل منهم انتماؤه السياسي وولاؤه، وأضاف: "لم يبق من ضمانة للبنانيين سوى الجيش اللبناني وبعض الأجهزة الأمنية التي لم تفاخر بكونها منتجاً لقوى 8 أو 14 آذار على غرار المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ورئيس جهاز أمن الدولة اللواء جورج قرعة، دون أن ننسى قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي يبدو الحمل ثقيلاً عليه اليوم".

لا منطقة عازلة شمالاً
من جهة أخرى، رفض أبو فاضل اعتماد بعض السياسيين مصطلح "المنطقة العازلة في الشمال"، موضحاً أنّ الأميركيين يريدون بالفعل منطقة عازلة ولكن داخل سوريا لا خارجها، معتبراً أنّ المنطقة العازلة خارج سوريا من شأنها أن تتحوّل إلى منطقة عدوّة، وبالتالي يصبح من حق الجيش السوري أن يقصفها. وانطلاقاً من ذلك، اعتبر أبو فاضل أنّ ما يهمّ الأميركيين اليوم هو إقامة مثل هذه المنطقة العازلة في منطقة الحصن أو وادي النصارى أو في قلب جبل الزاوية، موضحاً أنّ إقامتها في الخارج يجعل منها جبهة. ولفت في هذا الإطار إلى الأحداث التي تشهدها الحدود السورية مع كل من لبنان والأردن وتركيا، منتقداً بعض أجهزة الدولة في لبنان التي تحمي المسلّحين الذين يقاتلون الجيش السوري.
وتطرّق أبو فاضل عند حادثة الكويخات الشهيرة، حيث تساءل لماذا كان الشيخ أحمد عبد الواحد، الذي يفترض أن يكون داعية سلام ومحبة لا يضمر للآخرين ولا يضمرون له إلا الخير والمحبة، لماذا كان هذا الشيخ مسلّحاً يرافقه موكب مسلّح كبير، وممّ كان هذا الشيخ يخاف حتى يعتمد هذه الحماية الكبيرة والمكلفة، ومن كان يمدّه بالمال وبتراخيص السلاح.
وإذ شدّد أبو فاضل على أنّ المنطقة العازلة لا يمكن أن توجد إلا داخل سوريا، استبعد أي تدخل خارجي في سوريا في ظلّ الموقف الروسي الواضح والحازم، مستنداً في ذلك إلى التصريحات المتكررة على هذا الصعيد التي يدلي بها كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة ديمتري مدفيديف وكذلك وزير الخارجية سيرغي لافروف والتي تؤكد على أنّ المس بسوريا أمر ممنوع، ما يعني أنّ الأمر جدي ولا مزاح فيه أبداً.

الجيش يحتاج لغطاء سياسي
وبالعودة إلى الداخل، أكد أبو فاضل أنّ الجيش يحتاج لغطاء سياسي ليواصل العملية التي بدأها في الشمال، منتقداً الضغوطات التي تحصل في لبنان على مختلف الأصعدة، مستشهداً بقضية الشاب شادي المولوي الذي أوقف بموجب مذكرة قضائية وكانت سيارة الوزير محمد الصفدي قد وصلت لنقله ولبس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بدلته ليستقبله في منزله قبل أن يصدر قاضي التحقيق مذكرة إخلاء السبيل حتى.
وفيما شدّد على أنّ كلّ الحديث الذي يحصل في هذه المرحلة هو انتخابي محض، لم ينكر أنّ طاولة الحوار هي "مضيعة للوقت" لا أكثر، لافتاً إلى أنّ هذا ما قاله في السابق رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ويقوله اليوم رئيس حزب القوات سمير جعجع، لكنه شدّد على أنّ المطلوب اليوم هو تضييع الوقت على طاولة الحوار أفضل من تضييعه في الشارع الملتهب.

لا أحد يتحمّل وزر إسقاط طاولة الحوار
ورأى أنّ أحداث طرابلس تركت اوزارها على الساحة بشكل سلبي جدا،
مؤكداً أنّ السياحة تأثرت بشكل سلبي، معتبراً أن زيارات رئيس الجمهورية إلى كل من السعودية والكويت والامارات تقع في خانة تطمين المسؤولين لكنها لن تنقذ موسم السياحة ولن تنفع في إقناع السياح الخليجيين بالمجيء إلى لبنان خلال فصل الصيف. وأعلن أنه يؤيد الهيئات الاقتصادية في الموقف الذي اتخذته ورفعها الصوت ضدّ تدمير الاقتصاد الوطني.
وأعلن أبو فاضل عن تأييده لطاولة الحوار من هذا المنطلق باعتبار أنّ الصورة وحدها قادرة على تنفيس الاحتقان بشكل أو بآخر، مشيراً إلى أنّ مشهد من كانوا يشتمون بعضهم البعض يلتقون ويتصافحون سيكون معبّراً على هذا الصعيد، مستبعداً أن يلجأ أي من أفرقاء الحوار إلى افتعال أي إشكال على الطاولة، موضحاً أنّ أحداً لا يتحمّل وزر إسقاط طاولة الحوار في هذا الظرف، مقراً بأنّ رئيس حزب القوات سمير جعجع هو اكثر من يرفع الصوت اليوم وهو يقول ما لا يستطيع أن يقول كل من فؤاد السنيورة وسعد الحريري باعتبار أنه ليس ملتزماً مع السعودية بقدرهما كما أنه يسعى لتحسين شروطه.

لو أتى عون رئيساً لمجلس القضاء..
ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ سقوط الحكومة الحالية لن يُغضِب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، متحدّثاً عن جهات داخل الحكومة محسوبة على قوى الرابع عشر من آذار لا مشكلة لديها في سقوط الحكومة. وأشار إلى أنّ سقوط الحكومة لن يغضِب الرئيس بل إنه سيخلّصه من وزراء العماد ميشال عون، لكنه لفت إلى أنّ رئيس الجمهورية يلبي المقتضيات المطلوبة منه ويسعى لتجنّب المشاكل، ووضع ملف طاولة الحوار في هذه الخانة.
وإذ نفى علمه حول ما إذا كان التسويف بقضية التعيينات مستمراً، أشار إلى أنّ مجلس القضاء الأعلى بات فارغاً من "العونيين" رغم أنّ العماد ميشال عون متّهم بأنه أتى بوزير عدل محسوب عليه ليقرّر ما يشاء. وأوضح أنّ الأعضاء التسعة الذين تمّ انتخابهم وتعيينهم في هذا المجلس ليسوا عونيين، وقال: "حتى لو أتى الجنرال ميشال عون نفسه اليوم رئيساً لمجلس القضاء الأعلى، فهو لم يعد بمقدوره أن يفعل شيئاً". وأشار إلى أنّ اتفاق الطائف هو الذي سيّس القضاء، وأضاف: "مع احترامي للجميع، لكنّ العدلية لا تزال مع بري والحريري وجنبلاط وميشال المر".

لا امتداد للأزمة السورية إلى لبنان
أبو فاضل أكد أن لا امتداد للأزمة السورية إلى لبنان، مشدّداً على أنّ نقل الأزمة إلى الداخل اللبناني لا يناسب السوريين، وأنّ كلّ ما يقال على هذا الصعيد لا يتعدّى الجانب التحذيري، موضحاً أنّ الأميركيين لا يريدون مشاكل في هذه المرحلة في لبنان. ورأى أنهم يتجنبون المعركة مع حزب الله اليوم لأنهم يدركون أنه يستطيع إشعال إسرائيل.
وأعرب عن أسفه لكون الجندي الاسرائيلي في الجولان اليوم يتفرّج على فلسطين التي تلاشت قضيتها وعلى دمشق وكيف بات الناس فيها يتسلّحون ويقتلون بعضهم البعض وعلى لبنان ولعى العروبة الضائعة. وسخر من الديمقراطية التي لوّث الأميركيون المنطقة بها فباتت على فوهة بركان، مشيراً إلى أنّ مصر باتت اليوم على أبواب حرب أهلية سواء انتخب أحمد شفيق أو محمد مرسي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

سوريا تدفع ثمن مواقفها
وفي الملف السوري، جدّد أبو فاضل القول أنّ سوريا تدفع اليوم ثمن مواقفها المؤيدة للممانعة العروبة ودعمها للمقاومة في العراق، مؤكداً أنّ الهدف هو إسقاط سوريا لأنها آخر دولة بكلّ ما للكلمة من معنى. لكنه أشار إلى أنّ لا مصلحة للاميركيين بضرب لبنان، مذكّراً بأنّ مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان قال لحلفائه أنهم مع المعارضة السورية ولكنهم يريدون الهدوء في شمال لبنان. وشدّد على أنّ الشمال لن يبقى ملتهباً لأنّ ذلك سيؤدي إلى سقوط الحكومة.
 ولفت أبو فاضل إلى أنّ الجيش هو الذي تصدى لعصابات منحرفة في جرود الضنية شمال لبنان ودفع الثمن غالياً، مشيراً إلى أن ههذ الجرائم أحيلت بموجب مراسيم حكومية، كما يفرض القانون، على المجلس العدلي الذي وقف عاجزاً أمامها، موضحاً أنّ جلسات محاكمة مجرمي الضنية لم تنته ولم تصدر الأحكام بحق هؤلاء، إذ سبقها قانون العفو العام عنهم في تموز 2005 والكل سأل حينها ولا يزال يسأل من ينتصر لدماء شهداء الجيش؟!

المطلوب كسر هيبة الأسد ونصرالله
ورأى أبو فاضل أنّ المطلوب اليوم هو كسر هيبة الرئيس السوري بشار الاسد والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وحتى التحالف الشيعي عليه اطلاق نار، متحدثا عن محاولات ايضا لكسر هيبة العماد ميشال عون.
وأشار إلى أنّ سوريا بانتظار جلاء الصورة الدولية، لافتاً إلى أنّ السوري مطمئن، ملاحظاً أن الرئيس السوري اعترف ان العدو في الداخل. وقال: "هي آخر خرطوشة بيد العرب الذي يريدون الانتهاء من كل شيء قبل مفاوضات موسكو 17-18 حزيران".
ووجّه تحية للصديق ياسر قشلق الذي يهتم بالقضية السورية بالاضافة الى قضية فلسطين بعد أن باتت حركة حماس، التي كانت بطلة المقاومة، تركض اليوم لتتصالح مع رئيس السلطة محمود عباس لتاليف حكومة مشتركة لا أحد يعرف ما هي أهدافها، ولفت إلى أنّ التجمع العالمي للاخوان المسلمين امر خالد مشعل بالسير وسار ولم ينظر خلفه في حين رمضان شلح واحمد جبريل لا يزالان في صلب المقاومة، مشددا على أن الامل بالجيل الجديد الذي يود أن يرجع على فلسطين. وقال: "اليوم الرئيس الاسد بحاجة لهؤلاء وكل شخص عربي يقف الى جانب العروبة". وأضاف: "نحن بمرحلة مفاوضات صعبة جدا والعروبيون لم يعد لديهم الا سوريا".

الربيع العربي أثمر "زبالة"
وفي سياق الحلقة، أشار أبو فاضل أيضاً إلى أنّ كل همّ 14 اذار سقوط الحكومة، موضحاً أنّ هذه القوى لم تعد تكترث لشيء بمقدار اكتراثها لعودتها للحكم إذ إنها متمسكة بالسلطة كما يتمسّك الطفل بلعبته، معتبراً أنّ هذه القوى تقبل أن يحترق البلد إن كانت نتيجة ذلك عودتها إلى السلطة. واذ شدّد على أنّ وجود الحكومة يبقى أفضل من عدم وجودها، لفت إلى أنّ مصلحة رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط تقضي بالبقاء بالحكومة، مشدداً على أنه الخاسر في حال سحب وزراءه من الحكومة، خصوصاً أنه قادر من خلال الحقائب التي يمسكون بها تقديم الخدمات لجمهوره، وهي ميزة لا يتمتع به أخصامه بسبب تحالفه مع كل من الرئيسين سليمان وميقاتي ضدّ الجنرال ميشال عون.
وفيما أقرّ بالتغييرات في خطاب حزب الكتائب، ملاحظاً أنه يعيد نشاطه في كفرعبيدا، أكد أنّ الشارع المسيحي اليوم لا يزال مع الجنرال عون بتكتل التغيير والاصلاح. وتطرق إلى المعركة الانتخابية المنتظرة في الكورة، فاستبعد احتمال ترشّح وزير الدفاع فايز غصن في هذه المعركة، معرباً عن اعتقاده بأنّها ستكون أقوى من معركة المتن الفرعية، موضحاً أنها المؤشر الوحيد للانتخابات النيابية المقرّرة في العام 2013.
وختاماً، انتقد أبو فاضل ما يسمى بـ"الربيع العربي"، معتبراً أنه لم يثمر سوى "الزبالة والوسخ"، مؤكداً معارضته للاسلام السياسي لا كرهاً فيه بل إيماناً بالعلمانية.