مع بداية العام الدراسي الجديد نردد نفس الإسطوانة المشروخة/ راسم عبيدات

مع بداية كل عام دراسي جديد في مدينة القدس،تلك المدينة التي تخضع تعليمياً لأكثر من خمس مظلات تعليمية وتربوية اكبرها المظلة التي تسيطر وتشرف عليها بلدية الإحتلال ودائرة معارفها،فهي تشرف بشكل مباشر وكلي على كامل التعليم الحكومي في مدينة القدس (52 ) مدرسة يتعلم فيها (42000 ) طالب مقدسي يشكلون ما مجموعة (48.51 %) من مجموع طلبة مدينة القدس،وهي كذلك تخضع لإشرافها بشكل غير مباشر عدد كبير من المدارس الخاصة والأهلية (40 ) مدرسة من أصل (68 )،حيث تقدم لها الأموال لتغطية ما تسمية تلك المدارس بالعجز المالي لديها،بالإضافة الى الإشراف على المدارس الإستثمارية والتجارية(مدارس المقاولات)،وهذا ليس جوهر او محور مقالتي،بل ما اريد طرحه هنا بأنه عند الجانب الفلسطيني تغيب الخطة وبرنامج العمل والاليات والإستراتيجيات على المستويين الرسمي والشعبي المقدسي ( وزارة التربية والتعليم الفلسطينية) وإتحادات ولجان اولياء امور الطلبة والروابط والإتحادات الطلابية)،لكيفية التصدي والمواجهة للمشاريع والمخططات الإسرائيلية الرامية الى صهينة واسرلة التعليم في مدينة القدس،كهدف استراتيجي تعمل على تنفيذه بتدرج ووفق خطة مرسومة وبرامج جرى وضعها منذ عشرات السنين، حيث نتعامل بالهمة وردود الأفعال وبالعاطفة والمشاعر والخطب النارية والشعارات الكبيرة،والتي سرعان ما تخبو ويذهب صدها كفورة الدم في "الطوش" والمشاكل الإجتماعية،وتغيب عنا ليس الإستراتيجيات،بل وحتى الخطط والبرامج،فالإحتلال يتقدم في إطار أسرلة التعليم في القدس وإحتلال وعي طلبتنا،وتفرخ سنوياً مدارس ومراكز تعليمية جديدة في مدينة القدس،جميعها تدرس المنهاج الإسرائيلي بالكامل والجانب الفلسطيني الرسمي وحتى الشعبي غائبين عن تلك المدارس والمراكز التعليمية من حيث المنهاج المدرس ومستوى التعليم ونوعيته،ومدى مطابقته وإلتزامه بالمعايير والقوانين التعليمية الفلسطينية ...الخ.
نحن مع بداية كل عام دراسي،نجتر نفس العبارات ونردد نفس الإسطوانة المشروخة،ونستسهل القول بان الإحتلال هو المسؤول عن تردي اوضاع التعليم في المدينة،وهو يهدف الى نشر ثقافة الجهل والتخلف وقتل الروح الوطنية عند طلبتنا،وكأننا نكتشف شيئاً جديداً،فالإحتلال يسعى لهذا الهدف أصلاً،منذ بداية إحتلال المدينة وضمها،وهو ليس بالجديد او الغريب والمفاجىء لنا.

هذا هدفه واساس وجوده،ولكن بالمقابل ماذا عملنا نحن،من اجل مواجهته ومنعه من تحقيق هذا الهدف؟؟.نحن نكتفي بالتصريحات والمقابلات الصحفية والإعلامية وبعض الخطوات الإحتجاجية المحدودة من مسيرات وإعتصاما،ومن ثم تعود الأمور إلى ما كانت عليه،كان شيئاً لم يحدث،المهم نتلقى تقارير مراكز حقوقية اسرائيلية حول سوء اوضاع التعليم في مدينة القدس،ومدى إهمال بلدية الإحتلال ودائرة المعارف الإسرائيلية لهذا القطاع،ومخططاتها الرامية للسيطرة عليه، ونخطب ع"الميكروفونات" وامام وسائل الإعلام المرئية والمسموعة،وننشر أخبارنا من على صدر صفحات الجرائد،حول النقص في الغرف الصفية وحجمه (1000) غرفة صفية او اكثر،وكذلك الكثافة الصفية،وايضاً عدم توفر البيئة التعليمية والبنى التحتية الخادمة للعملية التعليمية،وكذلك النقص الحاد في الكوادر التعليمية في العديد من التخصصات الأساسية( اللغة العربية،اللغة الإنجليزية،الرياضيات،التاريخ والجغرافيا،الكيمياء والفيزياء)،بسبب سياسات الإحتلال بعدم منح التصاريح للمدرسين من الضفة الغربية بالدخول للقدس،وكأن هذه الظاهرة ليست ماثلة امامنا او معروفة لدينا،لكي تجعلنا نفكر ونبتدع طرق وآليات تمكن من التغلب على هذه المشكلة،وكذلك فيما يخص النقص في المدارس والغرف الصفية، علينا ان نسأل نحن انفسنا كم بناية إستاجرنا او إشترينا من اجل إستخدامها كمدرسة؟؟؟،لكي تسهم في الحد من ظاهرة نقص الغرف الصفية وتسرب الطلبة من المدارس،او حتى دفع الأهالي إلى نقل مركز حياتهم إلى خارج ما يسمى حدود بلدية الإحتلال،وما يترتب على ذلك من تهجير لهم وتفريغ للمدينة،وهناك قضايا ليست كبيرة،وهي لا تحتاج الى ميزانيات كبيرة،ولا إبداعات خارقة،فبعد الهجمة الإسرائيلية على المنهاج الفلسطيني في مدينة القدس عام/2011،بهدف تحريفه وتشويه،كانت هناك مقترحات والدعوة إلى إتخاذ خطوات عملية،تفشل تلك الخطوة،تتمثل في طباعة الكتب المقررة للمنهاج الفلسطيني داخل حدود ما يسمى بلدية الإحتلال،ولكي تقوم الإتحادات ولجان اولياء الأمور بتوزيعها على طلبة مدارس القدس،بدلاً من الكتب المشوهة والمحرفة،التي تطبعها بلدية الإحتلال،ولكن لم تستجب السلطة الفلسطينية لذلك،وطالبت مدارس القدس بإستلام الكتب من مخازنها خارج حدود ما يسمى ببلدية الإحتلال،وبما يعني ذلك الصعوبة الكبيرة في إدخالها،وباتالي إفساح المجال لتوزيع الكتب المشوهة والمحرفة.وكذلك في قضية المال المشروط الذي تتلقاه (40 ) مدرسة خاصة واهلية من بلدية الإحتلال،والبالغ (27 ) مليون دولار سنوياً،والذي بسببه تحاول بلدية الإحتلال،فرض المنهاج الفلسطيني المحرف والمشوه على تلك المدارس،لم يجري وضع أية حلول او مقترحات عملية في هذا الجانب،بل هناك من يذهب للقول بان تلك الأموال حق لتلك المدارس،كوننا شعب تحت الإحتلال،ونجبر على دفع الضرائب قسراً،فلماذا لا نأخذ تلك الأموال،وهذا منطق ذرائعي وتبريري،ولكن يجب ان يكون لدينا موقف وخطة وحلول لذلك،وليس فقط الرفض او القبول

وفي الختام أقول،بانه آن الاوان لنا كسلطة ووزارة تربية وتعليم وقوى وفصائل ومؤسسات مجتمع مدني ولجان شعبية،ان نفكر وأن نخرج من دائرة ردات الفعل وترداد نفس العبارات وإجترار الإسطوانة المتكررة،الإحتلال...الإحتلال..الإحتلال،فنحن علينا ان ننتقل إلى مرحلة الفعل والهجوم بفكر وعقل ممنهج وخطط وبرامج عملية،تمكننا من الحفاظ على مناهجنا الفلسطيني في مدينة القدس،وان نتقدم على صعيد السيطرة عليه بالكامل،فلا سيادة وطنية بدون تعليم وطني. 

CONVERSATION

0 comments: