هل هناك إرهابي شيعي؟/ أسعد البصري

ولكنني أصبحتُ في دارٍ غربةٍ
متى يعدُ فيها الذيب ، يعدُ على شاتي
البسوس

رسالة وصلتني من بغداد البارحة " السلام عليكم ، لقد أوجَعْتَني يا أسعد , تكلَّمْتَ عن الألم الموسوم في قلبي .ألم يعتصرني , يتأكلني ساعة بساعة. أصبح مصيرنا بأيدي أناس تتلذذ بأخذ الثارات الموهومة ، التي تصورها لهم ألسنة عجماوية . بالمناسبة هذا اسم مستعار أكتب لك به . والله معاناتنا رهيبة ، نخاف نقاط التفتيش " في بغداد " ,لأنها محاكم تفتيش . هذا في الأماكن المختلطة طائفيا. قرأت لك عن اهل الذمة السنة . روضونا ...... نخاف معتقلاتهم ، حتى إذا كنت بريئا ,لأنك لو دخلت ، تكون أنت قاتلاً ، وإرهابياً ، وتعترف بذلك بسبب وحشيتهم وإرهابهم . نعيش غربة قاسية جدا في الوطن .أقسى من المغتربين الحقيقيين . تحياتي . "

لم تعطنا الحكومة العراقية الحالية ، أية فرصة . خطاب استفزازي ، غير مقبول ، أربعة و عشرين ساعة . تشعر و كأن هناك طائفة ، مصابة بالجنون . تتحدث إلى نفسها فقط . وكأن أحدا آخر ، غير موجود . هكذا فرضوا نظام المحاصصة فرضا .

المحاصصة اقتراح إيراني في العراق ، رحبت به التنظيمات الشيعية ، وتم فرضه كواقع حال على السنة . و يكتبون بعدها ، عن " وطنية " شبحية في الإعلام . صار شعرنا سخيفا ، ولا قصيدة واحدة مهمة في العراق الجديد / المسخ . ولا نشيد وطني مهم / مقنع . كل شيء صار مبنيا على الكذب . ثم كيف تضع مادة أربعة إرهاب على رقبة طائفة بأكملها ؟؟ .

هل هناك إرهابي شيعي واحد ؟؟ كلا . الإرهابي معناها سني . كيف تفرض الحكومة الصفوية على السنة اجتثاث البعث والتنظيمات القومية المشابهة . هؤلاء قوتهم في مزاجهم العروبي ، الذي يجعلهم منفتحين على عرب العراق و العالم العربي . كذلك لم يتم السماح إلا بتنظيمات سنية وهمية اسلامية . مع العنف الأهلي ، والتمييز الطائفي ، أصبحنا جميعا طائفيين .
اجتثاث البعث العراقي ، مع توجيه آلاف المسلحين الشيعة للدفاع عن البعث السوري . كما صرح قائد قوات فيلق بدر الإيراني هادي العامري مؤخراً ، وزير في الحكومة العراقية الحالية .

بعد قتل نصف مليون طفل سوري ، هل سيذهب العراقيون الظافرون ، للبكاء في ضريح السيدة زينب بدمشق كعادتهم ؟ . البكاء على ماذا ، بعد كل هذه الدماء ؟ . وأية روحانية بعد هذا الإجرام ؟ . زيت قناديل المزار المقدس ، من شحم الأطفال ، وماء وضوئه من دموع الأمهات الدمشقيّات الأمويّات .

الجنود الذين رأيناهم ، يقطعون آذان الشعب السوري البطل بالسكاكين ، ويضعونها في جيوبهم كالطوابع ، هل سيرسلون أمهاتهم ، بعد النصر الكبير على الشعب السوري ، لزيارة السيّدة " رقيّة " ، والبكاء باستنكار " مشكوك فيه طبعاً " على الذين سحبوا الأقراط سحبا ، و جرحوا شحمة الأذن ، قبل آلاف السنين . قبل إعلان حقوق الإنسان ، والثورة الفرنسية ، و موسيقى فيروز . بينما ما زالوا هم يحتفظون بعشرات الآذان الطرية ، الصغيرة والكبيرة ، ولطالما رفعوا جثث الصغيرات الحمصيّات المتيبّسات من الخوف والرصاص .

و بعد أن تنتهي مهمة حزب الله اللبناني في سورية ، هل يستأنف الحزب الظافر مهمته التاريخية " الدونكيشوتية " بتحرير فلسطين ، والمسجد الأقصى ، و القدس ؟ . أعتقد بأنه سيواجه بنادق الشعب الفلسطيني ، قبل الجيش الإسرائيلي . المقاومة اللبنانية انتهت ، بأول رصاصة طائفية من حزب الله ، إلى صدور الشعب السوري العظيم .

الحكومة العراقية العميلة ، طردت الضباط والقادة العراقيين الشجعان ، الأكثر كفاءة من الجيش العراقي . عموما السيد رئيس الوزراء لن يقتنع بهذه الشجاعة ، إلا إذا أثبتم له ذلك . بسحق قواته يوما . حين كان أهل الأنبار يُطْرَدون من الجيش ، و يُحال القادة البواسل على التقاعد . كان الخونة يشغلون مناصبهم الشاغرة ، من فيلق بدر ( التوابين ) التابعين للجيش الإيراني ، الذين قاتلوا مع القوات الإيرانية ، جيش بلادهم . هم أنفسهم دربتهم القوات الخاصة الأمريكية ، ليصبحوا " فرق موت " و " مغاوير داخلية " للقيام بالمهمات القذرة في الأحياء السنية العراقية . وهم أنفسهم يستعدون الآن للنزول بسكاكينهم العمياء إلى بلاد الشام ، أرض القديسين ، والرهبان ، والموحدين الأحرار .

يحملون أعلى الرتب بلا كلية عسكرية ، ولا تقاليد ، ولا شرف وطني . هكذا تم استبدال حماة الديار ، بالعملاء والمرتزقة . كم كاتبا وطنيا كتب عن هذا العار ؟؟ ولا واحد . نعم في الحقيقة هناك كتاب اعترضوا ، على دعم الحكومة للصحوات قالوا " صحيح بأنهم يقاتلون القاعدة، لكن على الحكومة الحذر من تسليح المناطق الغربية . لأنهم بعثيون ، عندهم تاريخ طويل في الغدر ، و التآمر ، والإنقلاب " .

العراق اليوم ، بحاجة إلى كرامة . و هي ستبني البنايات ، والكهرباء ، والمدارس ، وترفع النخيل ، وتجري من تحته الأنهار العذبة . الكرامة سر أهل العراق . لا يمكن بناء العراق بلا كرامة وطنية و قومية . " لا يُغَيّر الله ما بقوم ، حتى يُغيّروا ما بأنفسهم " / قرآن كريم .

إن شهوة القتال ، كشهوة الحياة . رغبة مشروعة لنيل الإستقلال ، واحترام الذات . رغبة العراقيين الطيبين بالسلام ، والتعايش طَمَّعَتْ أعداءهم . جَعَلَتْهُم يقدمون المزيد من التضحيات الذليلة ، و الثروات الهائلة بلا فائدة .

حين كنا محاربين قدمنا نصف مليون محاربا بطلا ، و كلفنا إيران مليون محاربا ، حتى ركَعَتْ لقامة العراق . غير أننا حين مددنا يد السلام ، فيما بعد ، قدمنا مليوني إنسان بمذلة ، ولم تخسر إيران ذباحا واحدا من ذباحيها . هذه أرض ثغور ، و صراع . تبقى بحاجة إلى عرب ، مقاتلين حقيقيين .

إن الخصاء ، والعقم ، وتعفُّن المني في الأرحام المذعورة ، والإنقراض ، سيصيب هؤلاء الرجال الشجعان ، إذا لم تطلقوهم في الصحراء ثانية ، وعلى أكتافهم البنادق والثأر .

أُمّنا التي اغتصبها الصفويون في سجن سرّي ، حامل بطفلة مباركة اسمها " الحرب ". ولسوف نسمع عمّا قريبٍ صراخها المُقَدَّس . مهما يكن من أمر ، ابنة الحرام هذه " اختنا " . ستأكل من عظامنا ، و لحمنا .

حين يُدْرِكُها الظّمأ ، تشرب دمنا حتى ترتوي ، يشتدّ عودها من عذابنا . و حين تكبُر ، باسم الله ، ستقع في غرام أكثر الرجال شجاعة و حزما . تنجب في النهاية نجمة عظيمة اسمها " كرامة " . عندها فقط يحق لنا تنظيف الطرقات ، غَسْلُ شَعْرِنا و موتانا ، وارتداء الثياب القشيبة . عندها فقط ، يحق لنا مكاتبة الله على صندوق بريده ، نشكره على هداياه جميعها . حتى الأذان في المساجد القديمة ، لن يزعجنا ، بل سيصبح هو الآخر ، نشيدا من أناشيد النصر .

" أيها الرجال الفارغون في بلادي

يا بقايا الأشباح ، و أبناء الشهداء ، لماذا تخدعون أنفسكم ؟

الحرب لم تنته

نحن الذين هربنا بعيداً ، كل هذه السنين ، نخبركم الحقيقة

الحياة كئيبة ، في هذا السلام الخانق

لقد تم سجن الحرب النبيلة تحت الأرض

وهي تكسر الباب

تتسلق الأرض البعيدة

بأظافرها السوداء ، بضفائرها المُحْمَرَّة ، و عينيها الحالمتين

لقد هزمونا كثيرا ، حين أحببنا السلام

كل هؤلاء الذين كانت نجاتهم كريهة كنجاتي

يتذكرون الحرب ، بأسف شديد على لمعانها الطاهر

أيها الرجال الفارغون لا تجلسوا في الساحات العامة

لا تنتظروا القطار البطيء الذاهب إلى الموت

لا تقبلوا الوقوف في الصف الطويل لاستلام التقاعد

هذه البنادق تتدحرج كملائكة مهجورة

كثدي الفتاة الأولى

و الأناشيد القديمة ، مازالت تعمل بالحناجر الجديدة

قاتلوا ، ليتجدد الزمان ، ليجعل الله لكم آية

أيها الرجال الفارغون ، المحفوفون بالندم

لا تمتلئوا بمرض الحياة هكذا

لا تجلسوا في البيوت

حتى تملَّكم الجدران و زوجاتكم

لا تخيبوا ظن القمر " من ديواني ميراث الجوع

" إذا أَنْبَضَ الرّامونَ عَنْها تَرَنَّمَتْ
تَرَنُّمَ ثَكْلى أَوْجَعَتْها الجنائِزُ "/ الشمّاخ

CONVERSATION

0 comments: