مرجل المنطقة يغلي في كل الإتجاهات/ راسم عبيدات

واضح ان مرجل المنطقة يغلي وتتصاعد وتائر غليانه في كل الإتجاهات،وواضح كذلك أن ثمة مشاريع ومصالح وتصفية حسابات لإقليمية ودولية تجري على اكثر من جبهة وصعيد،وأيضاً نلحظ بأن عالم أحادي القطبية الذي كانت فيه أمريكا الآمر الناهي،قد افل نجمه،وهي تشهد تراجعاً على كل الصعد بسبب ازماتها الإقتصادية،حيث تحفر دول أخرى لها مكاناً في عالم متعدد القطبية،يشكل منافساً ولاعبا قوياً في الساحة الدولية ضد القطبية الأمريكية والأوروبية الغربية،هذا القطب تقوده روسيا والصين ودول البركس،الذي يخطو خطوات واسعة في الدفاع عن مصالحه ومناطق نفوذه في العالم،بل وبات يهدد مصالح ومناطق نفوذ كانت مغلقة امريكياً،وليس هذا فقط بل علينا أن نلحظ نشوء قوى إقليمية كإيران،تريد حصتها من خيرات وثروات المنطقة،وكذلك دخولها على خط لعب دور فاعل في اكثر من ملعب وساحة كانت مغلقة على امريكا وحلفائها،هو الذي جعل منها هدفاً لأمريكا والغرب الإستعماري،فهي غدت قوة إقليمية تصدع رأس أمريكا والغرب الإستعماري،ولذلك كانت في راس بنك الأهداف الذي تنوي امريكا واوروبا الغربية تحجيمها وتقزيمها،وما لم تذعن بالعقوبات الإقتصادية والتجارية والمقاطعة وغيرها،ربما سيدفع ذلك الأمور نحو استخدام القوة العسكرية ضدها،وروسيا العائدة الى الساحة الدولية بقوة كبيرة،بعد إنهيار النظام الشيوعي فيها،اصبح يحسب لها ألف حساب ليس في إطار القوة العسكرية فقط،بل القوة الإقتصادية،ولذلك كانت وما زالت امريكا تحاول ان تطوق الدب الروسي الصاعد،عبر محاولة محاصرته بدول معادية،كما حصل في الشيشان وأذربيجان واوكرانيا وغيرها،والجمهوريات الإسلامية في جنوب وشرق آسيا،لكي تسيطر على خطوط إمدادها من النفط والغاز،وتجعلها تحت رحمتها وسيطرتها،ولكن روسيا تصدت بالقوة العسكرية لكل تلك المحاولات وسحقتها،وما يجري في سوريا الان له ارتباط بنفس الهدف،اما الصين فهي قوة إقتصادية كبيرة ولديها نمو اقتصادي مرتفع جداً،واخذت تحتل الكثير من الأسواق التي كانت حكراً على الشركات والإحتكارات الأمريكية،بل تمددت الشركات الصينية لتحتل جزء من السوق الأمريكي نفسه،وأيضاً عندما حاولت امريكا أن تتحرش في كوريا الشاملة وتطرح مسألة سلاحها النووي،وجدنا كيف ان بيونغ يانغ هددت باستخدام سلاحها النووي ضد امريكا،وطبعاً هذا بدعم مباشر من الصين،الأمر الذي جعل امريكا تتراجع وتدعو الى التفاوض.اليوم ثمة ملفات متشابكة وشائكة ومتداخلة دولياً وإقليمياً وعربياً تحكمها وتتحكم فيها مصالح الدول الكبرى،وثمة خارطة عالمية جديدة ستبزغ،وإذا لم تبزغ عبر التفاوض والحل السياسي،فهناك جراحات عسكرية،قد تقود الى صراعات طاحنة على شكل حروب إقليمية،ولربما شرارتها ونتائجها قد تشعل حرباً عالمية،فامريكا والغرب الإستعماري نجحوا عربياً،وبعد ما يسمى بالثورات العربية أو بالتوصيف الأمريكي والغربي "الربيع العربي" في السيطرة على مناطق إستراتيجية كمصر وتونس وليبيا واليمن وكذلك مشيخات النفط والغاز الخليجية العربية الواقعة تحت هيمنتها وسيطرتها منذ ولادتها،وهذا بحد ذاته يشكل خطر جدي على المصالح الروسية والصينية في المنطقة،والتي باتت تشعر بان ما حصل في ليبيا،يجب ان يضيء ويشعل لها ضوءاً احمراً،حيث اوروبا الغربية وامريكا سيطروا على النفط والغاز الليبي،والان يريدون ان يسيطروا على سوريا،من اجل ان يتحكموا في خطوط النفط والغاز الروسي،وذلك كانت معركة القصير الإستراتيجية ليس فقط للنظام السوري وحلفاءه حزب الله وايران،بل لروسيا بالدرجة الأولى،فالقصير تتحكم في حركة انابيب النفط والغاز الى روسيا وتركيا وايران والعراق والأردن والخليج العربي،ولذلك وجدنا ان امريكا اصيبت بالذعر من نتائج هذه المعركة،وتوجهت الى مجلس الأمن الدولي هي وقطر والسعودية من أجل إستصدار قرار يدين سوريا وحزب الله،ويدعو حزب الله الى سحب قواته من القصير،لأن ذلك يشكل إنتهاكاً للسيادة السورية،في وقاحة غير مسبوقة،وكأن إدخال امريكا والغرب الإستعماري وتركيا ومشيخات النفط العربي لأكثر من مئة الف مقاتل الى سوريا من القتل والتدمير والتخريب في سوريا،بما فيها عصابات القاعدة وجبهة "النصرة" لا يعد إنتهاكاً لسيادة سوريا وتدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية،ناهيك عن غرف العمليات المتعددة المقامة على الأراضي السورية او على الحدود التي تخطط وتوجه وتراقب وتعطي الأوامر والتعليمات "مشروعة" ويحق لها العمل فوق الأراضي السورية.
الآن المرجل يغلي واذا لم يجري اتفاق بين روسيا وامريكا على كل الملفات التي قد تنفجر على شكل حروب،فإن الكثير من المعادلات والتطورات والتغيرات حاصلة على مستوى المنطقة والعالم سلماً أو حرباً،ولكن الشيء المؤكد بأن الحلف الأمريكي- الغربي الإستعماري نفوذه اخذة بالإنحصار والتراجع على مستوى العالم والمنطقة،ومحادثات لافروف – كيري المتواصلة تمهيداً للقاء بوتين- اوباما في أيلول القادم،تهدف للوصول الى اتفاق يالطا (2) حول كل الملفات  الملف النووي الكوري الشمالي والدرع الصاروخي والملف النووي الإيراني والملف السوري والملف الفلسطيني،وفي لقاء لافروف- كيري حاولت أمريكا ان تقايض القضية السورية بالقضية الفلسطينية،الأسد يبقى في سوريا وتعاد له الجولان،وتطلق يد امريكا وإسرائيل من اجل تصفية القضية الفلسطينية،ولكن الأسد رفض هذه المقايضة،ولذلك ستتواصل الحرب على سوريا،والتي يبدو بأن نتائج معركة القصير،وما حققه النظام وحزب الله من إنجازات عسكرية لجهة إستعادة أراض الدولة السورية وإلحاق هزيمة ساحقة بالقوى المعادية من قاعدة وتكفيرين وجبهة نصرة وما يسمى بالجيش الحر والمرتزقة،سيجعله يتفاوض من موقع قوة ويفرض شروطه في مؤتمر جنيف (2)،والذي تحاول القوى المعادية داخل سوريا وإمتدادتها العربية والإقليمية والدولية،أن تضع عصي في دواليبه لمنع إنعقاده،قبل أن تحقق إنجازات عسكرية تعيد لها التوازن على الأرض.
ولذلك نجد مرجل المنطقة يغلي بشكل كبير،ويتوقف إنفجاره على أي حماقة قد تقدم عليها امريكا وحليفتها إسرائيل في المنطقة بمهاجمة سوريا أو حزب او إيران لتشتعل المنطقة في حرب طاجنة،قد تمتد إلى حرب عالمية تاكل الأخضر واليابس.

CONVERSATION

0 comments: