رسالة روبير فايز معوّض للأستاذ أنطوان السبعلاني

إلى مربّي الأجيال،حضرة الأستاذ أنطوان السبعلاني/  الموقر
أستاذي ومعلّمي،

عندما أبحرْتُ بين أسطرِ رسالتك وهمسِ الذكريات المرفقة، عادَ بيَ الحنينُ لاهثاً إلى تلك الأيام الخوالي، إلى الزمنِ الجميل، الذي ليته يعودْ ...
أنطوان السبعلاني، قامةٌ كبيرة تُحنى لها الهاماتُ. هكذا عرفناك. إسمٌ عاش ولا يني في ذاكرة الألوف ممّن تتلمذوا على يديّ المعلّم الذي قال فيه أميرُ الشعراء :
                    أَعَلِمْتَ أشْرفَ أو أجلّ من الذي          يبني وينشيءُ أنفساً وعقولا
أنطوان السبعلاني،
ما تراني أُحيّ فيك ؟
أ النقيب الذي قبضَ على ناصيةِ نقابةِ المعلّمين في لبنان طيلة ربع قرن، وما كان لينجحَ لولا ثقة زملائه في نهجه وتجرّده وإخلاصه وترفّعه. فأمسَى نقيباً إستثنائياً وصوتَ المعلّمين ومرآة أحلامهم .كرامةُ المعلم خطٌ أحمر. هكذا تعلّمنا منك.
أم المعلّم صاحبِ الرسالة التربويّة متنوّعة المرامي والأهداف، الذي كرّس وقته وحياته وماله لخدمة المعلم ورفعِ مستوى التعليم في لبنان؟
أو الأستاذ الذي نهلنا من معينه الذي لا ينضب، في مدرسة الفرير، موادّ الرياضيات والبيولوجيا والأدب العربي. وهنا لا أخفيكم يا معلّمي أن عشقي للغةِ الضّاد وتمكّني المتواضع منها ما كانا ليبرزا لولا تأثّري بشخصكم ودوركم في حضّي على حبّ هذه المادة ، فصرْتُ أستسيغ النثر وأحفظ الشعر..
أم الأديب الذي كتبَ للحبّ، للوطن، للحرية، للوجع والعدالة فجاءتْ قصائده تحفاً أدبية مشحونة بالإحساس المرهف تشبه المناجاة والصّلاة ،ومقالاته قطعاً تستحقّ أن تزدانَ بها خزائن الأدب العربي.
أو الثائر الذي أحسّ بظلم الدنيا والقدر. الذي كافح دون كلل في سبيل قضيته وأعني المعلم، فحرّره من عقدة الخوف. هو النقيبُ السكران بالحق والعدالة، الذي أجفلَ الجميع فتكتلوا ضدّه وأبعدوه...لكنّك كالقدر كنتَ تعود. أقوى وأصلد . لم تَلِنْ. لم تهادن. وكنت عصيّاً على الإنحناء.
أو الإنسان الذي بلغَ القممَ العالية حيث لا تجرؤ إلا النّسور، وبنى لنفسه صومعة من الحنوّ والرقة والإحترام والتسامح. آلمكَ جوعُ الإنسان فقضّ مضجعك وكم مرة سمعناك :
                      أنا لا أنامُ وقربَ بيتي بائسٌ                مأساته خبزَ الحياةِ ودارٌ
كم شاهدْناك تحنو على الناسِ بعطفٍ، تضمّد جراح المعذبين، تواسي المحزونين، تفرحُ لأفراح الناس وتنتفض في وجه جلاديهم.
وما أرْوعها خاتمة، قولُ الإسكندر المقدوني الكبير : دَيْني لمعلّمي أعظم منه لوالدي، هذا منحني الحياة ولكن معلمي علّمني كيف يجب أن تكون حياتي لأصيرَ كاملاً.
أنطوان السبعلاني : لكَ دوماً محبّتي وتحيّتي وشكري !

                                                                                     تلميذك الوفيّ 
                                                                                  روبير فايز معوّض  

CONVERSATION

0 comments: