عيون واثقة وبسمة مجهولة/ ايمان حجازى

أثناء تجوالها بشوارع القاهرة باحثة عن شيء كاسر للملل، ظلت كثيرا تحملق ف الفاترينات وتصدمها ما يجد م الموضة وصيحاتها عالية الصوت قليلة الزوق، لم تجد مبتغاها وفجأة وكأنه يناديها بهمس خافت غامض ضوء ينبعث ع إستحياء م باب واسع يفتح بعضه ويغلق البعض، رفعت عيناها لليافطة وكأن بنفسها صاحب التفاحة يصيح وجدتها وعجبت م نفسها فلم يكن غير كافيه عتيق ينبعث منه عبق التاريخ فلم تقاوم رغبتها ف الدخول كثيرا، مسحت المكان بنظرة سريعة متفحصة فأرضاها أن المكان لم يكن مزدحما فهي تضيق بالضوضاء وسرعان ما إختارت لنفسها ترابيزة صغيرة بعيدة ف نهاية الكافيه كعادتها فكم تحبذ أن يكشف مجلسها المكان كله بدون الإلتفات كثيرا يمينا ويسارا لمتابعة ما يجري فيه.

ولم تكد تجلس وتخرج التاب إستعدادا للكتابة ويا دوب وضعت الموب ع جانب الترابيزة حتي وجدته يضع أمامها فنجان الكابيتشينو الشهي فشكرته ورفعت الفنجان ف شغف فقد كانت ف حاجة ماسة إليه ولكن وهي ترتشفه تذكرت بأنها لم تطلب!!!

تعجبت وتساءلت م هذا الذي قرأ أفكارها وبادرها بالتحقيق دون حتي السؤال وأرسلت عيونها ف المكان لتبحث عن صاحب هذا الفضل فلم تجد غير بسمة عريضة يعلوها عينان واثقتان ثابتتان لوجه لم يحركه صاحبه يمينا ولا يسارا ثابتا ف عينيها يؤكد أنه يعرفها!!!

ألجمتها الحيرة ووضعت ع أعينها سؤالا موجها الي واثق العينين م أنت?? م أين تعرفني?? وكيف لا تترك ف عقلي ذكري لوجهك هذا ولا إبتسامتك تلك!! وكيف لك أن تعرف أن الكابيتشينو هو مشروبي المفضل .......

لم يتحرك تجاهها ولم يغير م تعبيراته وهي لم تكن أبدا لتبدأ بالكلام ولا السلام .....

تركت العنان لنفسها تسافر عبر دهاليز ذاكرتها تسافر بعيدا ثم تقترب تبحث ف قاموس الأسماء ثم الأفعال ، تدخل أماكن وتخرج كافيهات مكتبات شركات، تركب طائرات مراكب قطارات، تحضر ندوات وتدير حوارات ولكن دون جدوي وهذا الواقف مازال ينظر ولم يتغير تعبير وجهه وكأنه أمهلها لكي تتذكره .....

تساءلت كثيرا وأتعبها التذكر فلجأت الي أنه أكيد أحد النوادل وكان يعمل ف إحدي الكافيهات التي ترتادها وربما أجزلت له العطاء يوما فهؤلاء لا ينسون بسهوله عملائهم ألم تتذكري فتاة السونتر حين كنا نقيس البنطلون حين قالت لك كيف تحافظين ع مقاسك هكذا وإتضح أنها تتذكرك وتعرف بأنك زبونة السونتر رغم أنها لم يكن لها وجودا أساسا ف ذاكرتك ( حدثت نفسها بذلك مبرهنة الوضع كي تقتنع) ....

وفجأة ومضت ف عقلها فكرة بسؤال م أين يعرف أنني أعشق الكابيتشينو!!!! فغرامي بذلك المشروب الساحر لم يكن قبل العشر سنوات الأخيرة،،، وأومأت إذ" هو الزهايمر فهذا الشخص ربما تعرفت عليه ف السنوات العشر الأخيرة وربما أنا قد أصبت بالزهايمر ولذلك محي أثره م ذاكرتي القريبة.....!!!!!

ولما أعياها التفكير وإزدادت حيرتها وأوصلتها الي عيادة الطبيب قررت أن تسأله عندما يأتيها بالحساب فهي مقتنعة فعلا إنه سيكون نادل أحد الكافيهات وسوف تقطع الشك باليقين قبل الرحيل

وبالفعل نظرت يمينا ويسارا ف فعل معلن أنها تهم بمغادرة المكان ولكنه ظل هناك يرمقها بعيونه التي لم يتسلل اليأس إليها وإبتسامته التي لم تنطفئ

بدأت تلملم أشياءها ولكن لم يقترب منها أحد فأحست بالحرج غير أنها قررت أن تتوجه للشخص الجالس ع ماكينة الحساب فسألها عن جلستها فقالت ع الترابيزه التي ف الآخر بجوار النافذة وأدهشها أن قال لها الحساب خالص!!!! وعندما تساءلت من!? مين دفع الحساب .... أجاب بإشارة الي المكان الذي تقف فيه الإبتسامة الواثقة تحت العيون الثابتة ف وجه هذا الكائن المجهول ، غير أن المكان كان قد خلي إلا م خيال ......

رحل صاحب البسمة صاحب العيون ليجيب عن سؤال بأنه ليس مجهولا

رحل معلنا أنه لم يكن يوما خيالا

رحل تاركا رسالة بأنه حياة، قال لها كنت يوما أنا الحياة قبل أن تجذبك دوماتها وتعصف بذاكرتك .....

رحل معلنا أن دوامة الحياة لم تمحوه م الذاكرة فقط بل أمحتها هي أيضا .....

وأرسل لها رسالة تحد بأنها لن تتذكره إلا إذا إستعادت نفسها .... ولن تستعيده إلا إذا أنقذت نفسها م الدوامة .........

ذهب وتركها تبحث وتصارع الدوامة.

CONVERSATION

0 comments: