مشروع منخفض القطارة لإنقاذ مصر/ د. مصطفى راشد

مصر من الدول التى تعيشُ تحت خط الفقر المائى حيث أن الحد الأدنى للفرد الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية واليونسيف من المياه هو 1000 مترمكعب سنوياً، فى حين يبلغ نصيب الفرد من مياه النيل فى مصر 672 متر مكعب، وهو إحصاء عام 2012  حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء،  أى ما يعادل ثلثى ما يحتاجه الفرد ليعيش حياه سليمة ، وهذه النسبة من المتوقع أن تتناقص إلى حوالى 500 متر مكعب بعد الإنتهاء من سد النهضة الذى يجرى إنشاءُه فى أثيوبيا الآن ، كما أنه من المتوقع ايضا تقليل نسبة الإنتاج الكهربائى من السد العالى ، ولأن مصر 95 % من أراضيها صحراء ،والشعب يعيش فى وادى ضيق حول نهر النيل ،مما أدى إلى هذا الزحام الشديد ، الذى يؤدى بدوره إلى العديد من المشاكل فى المرور وإرتفاع أسعار العقارات والسكن وقلة فرص العمل ،بالإضافة إلى مايُخلفه  الزحام من إحتكاكات ومشاكل، تؤثر وتُغيرفى الحالة المزاجية لدى الفرد فيزداد السلوك العصبى والعدوانى  ، فيتحول المصرى  العظيم ابن الحضارة التى عَلَمَت العالم ، إلى إنسان بلطجى أو همجى أو مريض--- ، ولكى نحمى هذا الشعب العظيم  ،نحن  نناشد رئيس الدولة ورئيس الوزراء والوزراء المعنيون وكل مسؤول وطنى ، بأن يصدر قراراً فورياً بالبدء فى تنفيذ مشروع منخفض القطارة القومى----- وهذا المشروع لن يكلف خزانة الدولة قرش واحد، لأن النرويج والسويد وهولندا والمانيا والدول الإسكندنافية ونيوزيلاندا وكندا سوف تتكفل بهذا المشروع لما فيه من حماية لأراضيهم المهددة بالغرق والتدمير هذا بسبب إرتفاع منسوب البحار ، بسبب زيادة الحرارة وزوبان جليد القطب الشمالى والجنوبى    وكى نتعرف على هذا المشروع سوف نعرض له بالشرح والرسم-----                                                        
  
ومشروع منخفض القطارة هو أحد المشروعات المدرجة بخطة وزارة الكهرباء والطاقة باعتباره مشروعا تمت دراسته بمعرفة هيئة تنفيذ مشروعات المحطات المائية لتوليد الكهرباء بقدرة مركبة 1800 ميجاوات      و   ولكن لم يُدرج المشروع للتنفيذ فى أى خطة لمشروعات محطات التوليد حتى الآن رغم عشرات الدراسات منذ عام 1916 ، ورغم أنه فى رأى الكثير من الخبراء نموذجا جيدا لمشروعات المستقبل ذات المنافع الإقتصادية والإجتماعية  الهائلة من حيث توفير الطاقة بإستخدام إنحدار المياة بشدة على مجرى المنخفض ، وكذا زيادة مخزون المياه الجوفية ، وتوفير فرص عمل لـــ 6 مليون إنسان  ، وزيادة نسبة الأمطار ، وتلطيف درجة الحرارة بسبب عمليات البخر الجديدة التى سيسببها هذا المسطح المائى داخل الصحراء ، وكذا خلق مجتمعات عمرانية وحضارية جديدة ،وتوفير ثروة سمكية عظيمة، لأن مثل هذه المنخفضات تكون مكاناً ملائماً للعديد من أنواع الأسماك لوضع بيوضها ، ايضا هذا المشروع فرصة كى نرى الخضرة تغزو الصحراء الغربية وتخرج مصر من الوادى الضيق ،حيث من المتوقع زراعة 20 مليون فدان  ، ايضا من المتوقع من هذا المشروع أن يجلب إستثمارات ومشاريع بقيمة حوالى 46 مليار دولار ، وقيام مئات المدن الصغيرة الجديدة على ضفتى المجرى المائى والمنخفض . 
وفيما يلى موجزا للتسلسل التاريخى للدراسات التى تمت بالنسبة لهذا المشروع   ]
بدأ التفكير فى الإستفادة من منخفض القطارة فى عام 1916 ، عندما طرح الأستاذ الدكتور بنك أستاذ الجغرافيا بجامعة برلين فكرة توصيل مياه البحر المتوسط بالمنخض  
 •        خلال الأعوام 24-1927 تولت مديرية الصحارى بمصلحة المساحة الجيولوجية التى كان يرأسها الدكتور جون بول فى ذلك الوقت الأعمال المساحية للمنخفض . واقترح الدكتو بول توصيل مياه البحر المتوسط  إلى المنخفض لتكوين بحيرة كبيرة واستغلال ذلك فى توليد الكهرباء 
 •        فى عام 1927 قام المهندس حسين سرى رئيس مصلحة المساحة الجيولوجية فى ذلك الوقت بإجراء دراسة أولية على المشروع 
 •        فى عام 1931 قدم المهندس حسين سرى وكيل وزارة الأشغال تقريرا عن المشروع إلى المجمع العلمى المصرى 
 •        فى عام 1933 نشر د. جون بول دراسة عن المنخفض وإمكان استخدامه فى توليد الكهرباء بمجلة الجغرافيا بلندن 
وحين رُجحت فكرة توليد الطاقة من خزان أسوان أُغلق مشروع القطارة للمرة الأولى
 •        فى عام 1949 قدم المهندسون السويسريون (أخوان جروير) تقريرا عن المشروع
 •        فى عام 1958 قدم المهندسون الإستشاريون السويديون "ف.ب.ب" تقريرا مبدئيا عن المشروع 
فى هذه الأثناء تقرر تنفيذ مشروع السد العالى وأُغلق المشروع للمرة الثانية
 •        فى عام 1959 قامت شركة سيمنز الألمانية بعمل دراسات ميدانية للمشروع
 •        فى عام 1960 قامت إدارة القوى الكهربائية المائية بوزارة الأشغال بإعداد تقرير عن مشروع منخفض القطارة
 •        فى عام 1961 أُدرج هذا المشروع فى اتفاقية التعاون الفنى مع حكومة ألمانيا الإتحادية فى شهر يوليو من نفس السنة 
 •        فى عام 1964 عُقدت بشأن هذا المشروع اتفاقية خاصة حددت أعمال البحث والتصميم ومسئولية الجانب الألمانى ومسئولية الجانب المصرى 
 •        انتهت الأعمال البحثية ، وقدم الجانب الألمانى التقرير الجيولوجى – ولم يقدم التقرير الفنى لقطع العلاقات السياسية مع ألمانيا وفتذاك , وأُغلق المشروع للمرة الثالثة  
 •        مع عودة العلاقات الثنائية ، كلفت الحكومة الألمانية الدكتور فريدريك بازلر الأستاذ بجامعة دارمشتات بعمل دراسات ميدانية على المسارات السابق اقتراحها منذ عام 1933 للمجرى المائى بين البحر المتوسط ومنخفض القطارة لإختيار أنسبها 
 •        فى عام 1973  تقدم دكتور فريدريك بازلر بالتقرير النهائى والذى انتهى بالمسار الغربى كأنسب المرادفات وأن المشروع يكون اقتصاديا فى حالة شق قناة توصيل مياه البحر إلى المنخفض بواسطة التفجيرات النووية النظيفة
وصل المشروع إلى الحد الذى أصدر فيه مجلس وزراء مصر قرارا فى جلسته المنعقدة فى 25/7/1973 ينص على اعتبار هذا المشروع مشروعا قوميا وعلى ضرورة إعطائه الأولوية والأهمية الواجبة مع دراسة مدى إمكان استغلال المشروع من مختلف النواحى الإقتصادية والإجتماعية  الأخرى إلى جانب توليد الكهرباء 
أثير بعد ذلك التخوف بعد أن تدخلت بعض العناصر الأجنبية والمغرضة لبث الرعب فى نفوس المسئولين بالترهيب من الآثار لبحيرة المنخفض على البيئة واحتمال حدوث الزلازل .. إلى آخره من عوامل الترهيب . وكان ذلك كفيلا بتحويل قرار مجلس الوزراء المشار إليه إلى أن يصبح حبرا على ورق ، وأغلق المشروع للمرة الرابعة 
 •        مرة أخرى وبالتحديد فى أغسطس 1975 كلف رئيس مجلس وزراء مصر فريقا بحثيا برئاسة كل من الدكتور بازلر الأستاذ بجامعة دارمشتات التكنولوجية بألمانيا والدكتور عبد الفتاح إبراهيم الأستاذ بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية بعمل دراسة حول تنمية وتعمير الصحراء الغربية خلال الخمسين سنة القادمة أى من 1975 وحتى 2025 م . وقسمت الدراسة الصحراء الغربية إلى أربعة مناطق هى : الساحل الغربى للبحر المتوسط – منطقة منخفض القطارة – منطقة الوادى الجديد – منطقة الضفة الغربية لبحيرة السد العالى 
وانتهت الدراسة المشار إليها إلى بعض النتائج الهامة ، نقتصرها بسرد مايتعلق بالمنطقتين الأولى والثانية لإرتباطهما بمشروع منخفض القطارة ؛ حيث لايمكن التفكير فى تعمير الساحل الشمالى الغربى وشمال الصحراء الغربية دون التفكير فى مشروع منخفض القطارة . وقدمت الدراسة بيانا بالتكاليف اللازمة لذلك ، وكان مجموع هذه التكاليف بالنسبة للمنطقتين الأولى والثانية شاملة تكاليف استيطان وتسكين  أربعة ملايين مواطن مصرى وتوفير احتياجاتهم من المياه اللازمة للشرب والإستخدام المنزلى وكذلك تجهيز مساحة 4 مليون فدان للزراعة – كانت تكاليف كل ذلك حوالى 880 مليون جنيه مصرى 
وهو ما أشار إليه الدكتور عبده عبده بسيونى فى كتابه عن المشروع حيث تساءل د عبده مشيرا إلى الدراسة الأخيره قائلا : إن هذه الدراسة قد قام بها إثنان من خيرة العلماء المشهود لهم بالأمانة العلمية والجدية ،. من هنا يطفو على السطح التساؤل ... لماذا ولمصلحة من  لم تقم الحكومة المصرية (أو الحكومات المصرية) وهى التى كلفت العلماء بإجراء هذه الدراسة – بدورها فى تنفيذ ماجاء فيها ؟ 

عضو إتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى 
E- rashed_orbit@yahoo.com

CONVERSATION

0 comments: