الوسط اليوم تحاور المناضلة الفلسطينيّة حنان عوّاد ـ القسم الأول/ آمال عوّاد رضوان

 منذ سنوات طوال وحروفُ اسمِها تتردّدُ بيني وبين أًصدقائي الشعراء والأدباء، يسألونني عن علاقتي بها، وما  من علاقة لا من بعيدٍ ولا مِن قريب، سوى حشدي بحُبّ استطلاع لمعرفة مَن تكون تلك! وتشاءُ الصدف أن تصلني منها رسالةٌ موجّهةٌ لصديقي د. محمد بكر البوجي، من ضمن مجموعة أصدقاء آخرين، ولا يتوانى د. البوجي بإسعافي برقم هاتفها، ليتمّ الاتصال وتنظيم لقاء تعارف في فندق سانت جبريئيل في الناصرة مدينة البشارة، على مدار يوميْن حميميْن وجميليْن، ننساق كلتانا في روح واحدة وحديث طويل متشعّبٍ ومُشوّقٍ، فلا عجب، حين تلتقي امرأة مميّزة أنوثةً وحضورًا، أن تتجذّر راسخةً في عمق الذاكرة، ببسمتها الطفوليّةٍ المحنّكةٍ العصيّة على النسيان!
إنّها الشاعرة والكاتبة والمناضلة الفلسطينيّة حنان عوّاد، التي وُلدت في القدس عام 1951 وتقيم فيها، وقد أتمّت دراستها في مدارسها، وحصلت على دبلوم في التربية من معهد المعلّمات بفلسطين عام 1971، ثمّ حصلت على شهادة البكالوريوس في الآداب من جامعة بيروت العربية عام 1974، وشهادة الماجستير من جامعة ماكجيل بكندا، وهي رئيس فرع فلسطين في منظّمة المرأة العالميّة للسلام والحرّيّة، وعضو مجلس أمناء المجلس العربيّ في القدس، وعضو استشاري في مجلّة المواكب، وتحاضر في جامعة بيرزيت بفلسطين. ومن مؤلّفاتها:
 - قضايا عربيّة في أدب غادة السمّان: رسالة ماجستير بالإنجليزيّة من جامعة ماكجيل، كندا، صدرت عام 1983، وتُرجمت إلى العربيّة عن دار الطليعة، بيروت، 1989، (دراسة).
- مِن دَمي أكتب، مواقف سياسيّة: وكالة أبو عرفة للصحافة والنشر، القدس 1983، (شعر وخواطر).
- الفارسُ يُزفّ إلى الوطن: دار الأسوار، عكا، 1988، (شعر).
- اخترت الخطر: اتّحاد الأدباء والكُتّاب الفلسطينيّين في الأراضي المحتلّة، القدس، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة، 1989، (شعر).
- صدى الحنين: دار المشارق، بيروت، 1992، (شعر).
- حوار الأسلاك الشائكة: دار العروبة، القاهرة، 1993، (حوارات).
- أثر النكبة في أدب سميرة عزّام، فلسطين.
- صورة المرأة في أدب غسّان كنفاني: جامعة ماكجيل، كندا.
-  المرأة في الشعر الفلسطيني: - فلسطين
كيف واكبتْ حنان عوّاد بداية التشكيلات الوطنيّة في القدس والضفّة الغربيّة وغزّة؟ وكيف عايشتْ فورة النبض الوطنيّ في الشارع الفلسطينيّ؟ وكيف تصفُ البدايات وما يُترجَم على أرض الواقع اليوم؟
سؤالٌ عميقٌ جدّا وكبيرٌ جدّا، يُشكّلُ مراحلَ تاريخيّةً مُتعدّدة في مستوى النضال الوطنيّ الفلسطينيّ، ففي الطفولة عِشنا على الفكرةِ القوميّةِ العربيّةِ، وكُنّا نستمعُ إلى صوتِ العربِ، وإلى البُعدِ الفِكريّ والثقافيّ والسياسيّ والإنسانيّ، الذي كان يَجمعُ الأُمّةَ العربيّةَ جمعاء. هذه التحضيراتُ النفسيّة في الطفولة، طبعًا تولّدت عندما انطلقت الثورةُ الفلسطينيّةُ عام 1965، لتُشكّلَ الحُلمَ ثانيةً على أرضِ الواقع، وهنالكَ البُعدُ النّضاليّ الفلسطينيّ على جميعِ المستوياتِ النّضاليّةِ والمُقاومة، بالكلمةِ والفكرة وفي الواقع العربيّ!
وبالطبع، الروح الثائرة، وروح الثورة، والطمأنينة الفلسطينيّة، ابتدأت منذ أن تشكّلتْ مُنظّمةُ التحريرِ الفلسطينيّةِ، كمُمثّلٍ لهذا الشعب، يعني؛ الشعب في الداخل والخارج وجميعِ أماكنِ التواجُد.
بدأ هنالك برنامجُ عملٍ سياسيٍّ ووطنيٍّ، وتأكيدٍ للهُويّةِ الوطنيّةِ الفلسطينيّةِ، وطبعًا نحن وفي مراحلِ الطفولةِ والإعداديّةِ والثانويّةِ، بدأنا تدريجيًّا نستوعبُ هذه الفكرة، وبدأنا نُحسّ بهذا الإحساسِ المُعمّقِ، بالإضافةِ إلى التربيةِ العائليّة، فوالدي؛ رحمة الله عليه، كان رجلًا مُثقّفًا جدًّا، وكانَ يَبثُّ في ذِهني كلَّ ملامحِ الهُويّةِ، ومَلامحَ الفِكرةِ، وكيفيّةَ الدفاعِ عنها على جميعِ المستويات.
وطبعًا فوجئنا، وفوجئَ الشعبُ العربيُّ بنكسةِ حزيران، وكانَ لها وقعٌ كبيرٌ على المستوى الإبداعيِّ والسياسيِّ والاقتصاديّ، وعلى مفهومِ الحُلمِ الوطنيِّ الفلسطينيّ، الذي بدأت ملامحُهُ تتداخلُ في معنى الهزيمة، وفي معنى النكسة. وهذه الظروفُ الصعبةُ أيضًا انعكستْ على السيكولوجيّةِ الفلسطينيّة، وعلى السيكلوجيّةِ العربيّة، فإذا ما قرأنا ما كَتبَ الكُتّابُ ما بعدَ هزيمةِ حزيران، نجدُ كمًّا كبيرًا مِن الرواياتِ الواجمة، والقصائِدِ اليائسة والقلقةِ الخائفةِ اللّائمة، كذلك انطلقتْ أبعادُ جَلدِ الذّاتِ، ومحاسبةِ مَن السبب، وهذه القوّة العظمى التي كانت تُنادي بالحُرّيّةِ والعدالةِ وتحرير فلسطين، مِنَ النهرِ إلى البحر، كيف تهزمُ هذا الفِكرَ، وكيف تهزمُ الحقيقةَ في هذا الواقع؟ّ
وبالطّبع، ردّات فِعلِ الكُتّاب ونحن جميعًا، تأخذُ المَنحى التواصُليّ النفسيّ، إذ لم نتوقّعْ أن تكونَ هنالِكَ هزيمة، ولكن كلّما كنّا نكبر، بدأنا نتعرّفُ على حجمِ المؤامرةِ الدوليّة التي صيغت لحمايةِ هذا الكيانِ الصهيونيّ، وبدأنا نرى أنّ القوّةَ النفسيّةَ للإنسانِ الفلسطينيّ والإنسانِ العربيّ، هي المُعادِل الموضوعيّ لجميع هذهِ المؤامرات التي كانت في العالم!
فماذا تستطيعُ هذهِ القوّةُ النفسيّةُ مِن خلالِ الكلمةِ، ومن خلالِ البندقيّةِ، ومِن خلالِ الموقفِ السياسيّ أن تفعلَ، كي تُناطحَ كلَّ هذهِ القُوى؟
وكانَ هناكَ إصرارٌ فلسطينيٌّ على النضالِ وَعلى المقاومة، وعلى إثباتِ الذات، فحضورُ الرئيسِ الراحلِ أبو عمّار، رحمة الله عليه، في الأممِ المتّحدة، أطلقَ الصرخةَ العالميّة بأنّ هناك فلسطين، وأنّ هناك شعبٌ فلسطينيّ، وهذا الشعبُ رغمَ أنّ وطنَهُ اقتُطِعَ وهذا الفردوسُ المفقود، ولكن نحنُ نريدُ السلامَ الشاملَ والعادلَ، الذي يُثَبِّتُ الإنسانَ الفلسطينيَّ في وطنِه!
وابتدأت العمليّةُ النضاليّةُ بمُكْتمَلاتِها ومُشتمَلاتها في جميعِ المواقع في بيروت، وتونس، وفي كلّ مكانٍ، وفي داخل الأرضِ المحتلّة بدأ العملُ النضاليّ، للمحافظةِ على الهُويّةِ الوطنيّة! وأمامَ هذه المعطياتِ كلِّها، بدأ قلمي ينمو، وأوّلُ مقالٍ كتبتُهُ ونُشِرَ في جريدةِ القدس، حين كنتُ في عمر 17 سنة، وكانَ رفضٌ تامٌّ للاحتلال، وتفاجأ قرّاءُ الجريدة، إذ عرفوا المرأةَ تكتبُ عن الأزياءِ والجَمال والمطبخ وأمورٍ تخصّها، ولكن أن تكتبَ امرأةٌ مقالًا مُضادًّا ضدَّ الواقع، وكيفَ يجبُ على الإنسانِ الفلسطينيِّ أن يُحافظَ على هُويّتِهِ، وكيفَ يقولُ لا، في وجهِ مَن قالَ نعم، أمامَ الإلتزاماتِ؟!
وطبعًا، كنتُ خلالَ الفترةِ هذه أدرسُ وأقرأ يوميًّا عددًا كبيرًا مِن الكتب، وأتابعُ وأستأنسُ برأيِ والدَيَّ فيما أقرأ، وكيفَ أواجهُ القراءة، وكانَ والدي يُضيفُ لي الكثيرَ مِن المعلومات، وبدأتُ أتعمّقُ في الفِكرةِ الفلسطينيّة، وكانَ الاحتلالُ ومُمارساتُهُ يُؤثّران على الصياغة النفسيّة للإنسانِ الفلسطينيّ، فالحُرّيّةُ والعدالةُ غابتا عنّا أيّامَ الاحتلال، ولذلك بدأ قلمي يتحدّى، وعندما أسّست جريدة الشعب، كان لي زاوية تحرير في القدس، وأوّلُ مقالٍ كتبتُهُ "كلماتٌ ومواقف"، وكنتُ أكتبُ بالبُعدِ الرمزيّ، أي الأدبيّ مع السياسيّ، حتّى يستطيعَ القارئُ أن يستوعبَ هذا الموضوعَ، وأحيانًا كثّفتُ الرمزَ كثيرًا، كي تَمُرَّ المقالةُ مِن بين أسنان مِقصِّ الرقيب، لكنّ الرقيبَ يبدو أنه بَعدَ فترةٍ بدأ يفهمُ، وبدأت الرقابةُ الإسرائيليّة تشطبُ من مقالاتي سطرًا ثمّ سطريْن، ثمّ فقرةً كاملة، وبدأت تكبرُ مراحلُ الشطب، إلى أن تمّ شطبُ المقالةِ كلّها، التي تَدرُجُ تحتَ اسم حنان عوّاد، ومُنِعت من النشرِ، فجَمعتُ كلَّ المقالات، إذ لم تكن المقالاتُ سياسيّةً مباشرة، ولا أدبيّةً مباشرة، بل كانتْ بثوبٍ أدبيٍّ تحملُ فِكرًا، وليستْ طويلة، إنّما تحملُ هدفًا وإشارةً أو إيماءةً مُعيّنةً، وكنتُ حينَ أتجوّلُ في القدس وأيّ مكانٍ في فلسطين، كانَ الناسُ يوقفوني ويتساءلون عن مقالتي الأسبوعيّة!
هذه كانت سلسلة كاملة في جريدة الشعب، وخلال ثماني سنواتٍ، كتبتها عن الحزن الفلسطينيّ، والألم والإنسان الفلسطينيّ والمقاومة، في كتاب "مِن دمي أكتبُ" عام 1982، وصارَ الكتابُ هو البديلُ للمقالةِ المشطوبةِ في الصحف!
في الثمانيناتِ كانت القدس هي مركزيّةُ الثورةِ ومركزيّةُ المُنظّمة، وكنّا على علاقةٍ متواصلةٍ مع القيادةِ في تونس، فأسّسنا نقاباتٍ واتحادات، وكانت الفكرةُ الوطنيّةُ الذاتيّةُ التي تنَفّذتْ على أرض الواقع، فانطلقتْ إبداعاتٌ مِن الفكرةِ الوطنيّة، وطبعًا تابعتُ الكتابةَ بالرغم مِن شطب الرقيب لمقالاتي، وكانت اجتماعاتٌ ولقاءاتٌ ونشاطاتٌ أدبيّةٌ كثيرة، وكان صوتُ الثورة يَجمعُ الكُتّابَ مِن كلّ أنحاءِ فلسطين، وهذهِ النشاطاتُ تحتاجُ إلى إبداعاتٍ وكتاباتٍ، بالإضافةِ إلى ذلك، طبعًا البُعدُ الأكاديميّ والعِلميّ الذي كنتُ أتابعُ به، وبالتالي ليس فقط المقالة الإبداعيّة، وإنّما أيضًا الدراسات السياسيّة والاجتماعيّة، وكلّ ما يتعلّقُ بالفكرةِ الوطنيّة الفلسطينيّة! 
درستُ في عدّةِ جامعاتٍ في العالم، وفي عدّة تخصّصاتٍ أيضًا، فكان عندي نهمٌ دراسيٌّ وجنونٌ وإدمانٌ وجوعٌ دراسيّ بما معناه، وكنتُ أتخرّجُ مِن جامعتيْنِ في آنٍ واحد، وأحصلُ على شهادتيْن في آن واحد، من خلال الدوام في إحدى الجامعات، ومن خلال المُراسلة في الأخرى، فحصلتُ على درجتيْن من البكالوريوس في الأدب العربيّ والنقد، وفي الأدب المقارن أيضًا، وحين بدأتُ أحضّرُ للدكتوراة في جامعتيْن، وكنتُ قادرةً أن أنجزَ العملَ في كلتيهما، لولا أنّ الجامعتيْن فرضتا تواجدي، وتابعت في إحداها، والدكتوراة هي ليست نهاية لبداية المعرفة، لأنّ المعرفة كالأنهار وكالأمواج، فأنتِ تُتابعين الحركة الأدبيّةَ الثقافيّةَ والسياسيّة!

حنان عوّاد عايشتْ جيلًا مِن المثقّفين، جزءٌ قليلٌ منهم حافظ على الشكلِ والمضمونِ الثقافيّ في مسيرتِهِ الأدبيّة، والغالبيّة انحازتْ للسياسة، ممّا يَفرضُ تساؤلًا؛ لماذا هذا الانحيازُ للسياسة؟
أوّلًا؛ هنالكَ قضيّةٌ مُهمّةٌ جدًّا بالنسبةِ للأدب الفلسطينيّ والإبداع الفلسطينيّ، فالعلاقة علاقة التوأمة ما بين السياسيّ والمُبدع. هنالكَ تعليلٌ أو تفسيرٌ لهذا التلازم ما بين الكلمة والسياسة، فنحن أصحابُ قضيّةٍ جمْعيّةٍ، ووجدانٍ جمْعيٍّ للإنسانِ الفلسطينيّ، فليست هي قضيّةً عابرةً، أو قضيّةً جزئيّةً، أو مرحليّةً من حياتِنا النضاليّة، هذه القضيّةُ أخذت روحَنا أيضًا، فلذلك؛ الإبداعُ الفلسطينيُّ كان مربوطًا ربطًا مباشرًا بالسياسة! 
لكن هنالك فرقٌ كبيرٌ، فالسياسة تعني القدرةَ على تحويلِ المُمكنِ لصالحِ الشعبِ الفلسطينيّ، هذا أوّلًا، أو السياسة هي السياسيّ الذي يُقدّمُ البُعدَ السياسيّ، فالسياسةُ هي الممكنُ. لكنّ الأدبَ هو المُطلَق. فكيف يستطيعُ الأديبُ أن يَمزجَ ما بين المُمكنِ والمُطلَقِ، في بُعدٍ أدبيٍّ فنّيٍّ يَصلُ إلى المُتلقّي؟
طبعًا، نحنُ خضعنا وكثيرٌ مِن الكُتّاب لأدبِ الشِّعار، يعني؛ مَن تَحدّثَ عن فلسطين في شِعارِها، بدونِ مُراعاةٍ للبُعدِ الفنّيِ كما يجبُ أن يكون، لذلكَ محمود درويش- طيّب اللهُ ثراه- قال: "اِرحمونا مِن هذا الحبّ القاسي"! إذ كانَ كثيرٌ مِن الكُتّابِ المَعروفينَ والقادرينَ على حمْلِ الرسالةِ الوطنيّةِ، مَن تَحدّثَ عن فلسطين بقصيدةٍ قد لا تكونُ مُكتمِلةَ الآليّة، كانَ فيها تجييشٌ للمشاعر، وتَخدُمُ المرحلةَ الشعاراتيّة، فالأدب هو فنٌّ وهو روحٌ وتواصلٌ وإبداع، ويجبُ أن يكونَ عنصرُ الإبداعِ في أيّة كلمةٍ تُقالُ لفلسطين، خاصّةً إذا كانت في المحاور الأدبيّة، فتختلفُ عن المقال الصحافيّ، أو المقال السياسيّ، فالعنصرُ الفنّيّ في الأدب ضرورةٌ حتميّةٌ، والعنصرُ الأدبيّ أيضًا ضرورةٌ حتميّة، ويجبُ أن يليقَ كلامُ المُبدِع بمَن يَتحدّثُ معهم، ويليقُ أيضًا بفلسطين. لذلك؛ كانت هذه مُهمّةٌ لكتّابنا الكبار، وعلى رأسِهم محمود درويش، فقد نجح بتفوّقٍ غيرِ عاديّ في وضع العروس فلسطين، في ثوبِها الأبيض المُزركش بكلّ إبداعات الفنون، وكذلك معين بسيسو، وسميح القاسم، والعديد من شعرائِنا الذين أبدعوا في صياغةِ الفكرةِ الفلسطينيّةِ دون شعار، ولكن بعُمقٍ وتفاصيلٍ إبداعيّةٍ فنّيّةٍ، تصلُ إلى قلب المُتلقّي، ويعيشُ فيها أيضًا بُعدًا خياليًّا ووجدانيًّا وواقعيّا.

ما بعد التوقيع على اتفاقيّة أوسلو، أصبح الحديث عن إشكاليّةٍ بين السياسيّ والثقافيّ! ما مدى وجود هذه الإشكاليّة، وكيف يمكن إعادة الروح للوجه الثقافيّ وللمثقّف، بالشكل الذي رسمَتْهُ انتفاضةُ الحجر مثلًا؟
أقولُ لكِ بصراحة، أنّنا بعدَ اتّفاقيّة أوسلو، واكبنا الاتفاقيّة مع سيادة الرئيس الراحل، رحمة الله عليه، بتفاصيلِها، وبتحرّكاتِها، وبمؤتمراتِها التي كانت تتحرّك، فاتّفاقيّة أوسلو عكسَت على أرواحِنا بُعدًا يائسًا حقيقة، بمعنى؛ وقفات تشنُّجٍ، فمعظمُ الشعراءِ والأدباءِ الذينَ يَحملونَ الانتماءَ الحقيقيّ إلى الوطن، توقّفوا في لحظاتٍ وفي تساؤلاتٍ، لمحاولة فهم ما يجري أوّلًا.
وثانيًا، أنا أرجعُ لكتابي "الفارسُ يُزَفُّ إلى الوطن"، أو كتاب "مِن دمي أكتبُ"، وأنا أتحدّثُ عن فلسطين بكامل إبداعاتِها وجَماليّاتِها، وبهذا النمط من التحدّي الصارخ كتبتُ المقالات كالبندقيّة تمامًا، يعني تتحدّثُ عن الثورة في لبنان، وعن صبرا وشاتيلّا، وعن كلّ مواقع النضال الفلسطينيّة فجاة ماذا سيفعلُ القلمُ، وعلينا أن نتحدّثَ عن السلام؟ بأيّ معنى هذا السلام؟ وما هو السلام؟ وأيّ سلامٍ نبتغيه؟
بالطبع ومنطقيًّا، الثورة لا بدّ أن يكون لها ثمرٌ من ثمراتها، يعني الثورة الفلسطينيّة، والنضال المقاوِم، والانتفاضة، يجبُ أن يكون هناك ثمر من ثمراتها، وأن يتشكّلَ شيءٌ على الأرض الواقع، فكانَ هاجسُ الرئيس الراحل، رحمة الله عليه، أن يُوطّدَ القَدمَ الفلسطينيّة في أرض فلسطين، ولو شبر من أرض فلسطين كان يريدُ أن يحصلَ عليه، حتّى يمتدّ هذا الشبر، وطبعًا كمفاجأة اندهش الإنسان الفلسطينيّ، ولكن لحظات الاندهاش لم تَخلق أدبًا رفيعًا، بل كان أدبًا ناقدًا للمرحلة، فمثلًا إدوارد سعيد كان مُفكّرًا فلسطينيًّا من الطراز الأوّل، فلمّا كتب "غزّة وأريحا"، لم يكن هذا إدوارد سعيد، أو أسلوب الرجُل العبقريّ العظيم في اختيار الكلمات، وأنا تحدّثت معه في ذلك الوقت، وما حدث له هو حدث لمعظمنا، وماذا يعني اتفاق غزّة أريحا؟ أين فلسطين من ذلك؟ فمنحى المُثقّفِ أخذ منحى آخر، وتساؤلات إلى أين؟ وأين نحن؟
ولكنّنا نثقُ بالرجُل ثقةً مُطلَقةً كبطل السلام، ونحترمُهُ كرمزٍ للثورةِ الفلسطينيّة، لذلك مع الدهشةِ ومع الحزن والوجوم غير العاديّ الذي أصابَ أقلامَنا، بدأتُ أنا وآخرون وتدريجيًّا أيضًا نتداخلُ بوقائع ما يجري في العالم، فأين نحن؟ وماذا يجبُ أن نفعلَ لتكونَ لنا قدَمٌ في فلسطين؟ وماذا يجبُ أن نفعلَ ولم يُطبَّق على أرض فلسطين؟ أيُّ قرارٍ مِن قراراتِ الدوليّة، سواء كانت قرارات مجلس الأمن أو قرارات الهيئة المتّحدة؟ فهل نقبلُ بالممكن السياسيّ؟ وهل نُحقّقُ فيما بعدُ النصيبَ الأكبر وتحريرًا أكبر؟
العالمُ العربيّ لم تكنْ لديهِ الجاهزيّةُ للقتال، ولا يريدُ أن يُطلقَ أيّةَ رصاصة، والكلُّ يَدعمُ فكرةَ الوضع السياسيّ، ولكنّ "إسرائيل" كانت تقومُ بما تريد، وفي الأمم المتّحدة تأخذُ القرارَ السياسيّ، ولها دعمٌ عسكريٌّ دائمٌ ومُتوفّرٌ سنويًّا.
هذا هو الوضعُ الفلسطينيّ، وقد كانت بيروتُ مَعقلَ المقاومةِ ومعقلَ الثورةِ ومعقلَ الفكرةِ ومَعقلَ الإبداع وكلّ شيء، ولكن حينما خرجت المقاومةُ من بيروت، وانتقلتْ إلى تونس، فالبُعدُ الجغرافيّ تغيّرَ، والوضعُ تغيّر، رغمَ وجودِ عمليّاتٍ ومقاومة، لكن ليست بالزخم والكَمّ الذي كانته في السابق، وبدأت طبعًا هذه المفاوضات بكيفيّة تحقيق شيء ما على أرض فلسطين، وقامت الاتفاقيّةُ، ونحنُ كتَبْنا ونقَدْنا وصرَخنا، ومِن بَعدِ الصدمةِ، بدأ الإنسانُ الفلسطينيّ بالتفكير العقلانيّ السياسيّ المتوازن في التوازنات الدوليّة، فكان أصعبُ ما يمكن، أن تأخذَ الممكنَ السياسيّ والمُطلقَ الأدبيّ، فلا أديب يُدافعُ عن الحقّ وعن الحرّيّة ولا يُجزّئ فلسطين، فلا يتحدّثُ عن القدس ويترك يافا، ففلسطين هي كلٌّ متكاملٌ وبُعدٌ وجدانيٌّ شموليٌّ وبُعدٌ إنسانيٌّ شموليّ، إذن؛ كيف أكتبُ عن المُطلَقِ الذي عشتُ حياتي أدافعُ عنه كما عاشه زملائي الكُتّاب؟ وأنا كمواطن فلسطينيٍّ في أرض فلسطين، وتحت الاحتلال، وفي برنامج سياسيّ قادِم، كيف أستطيعُ أن أتفهّمَ هذه المرحلةَ وخلفيّةَ هذه المرحلة؟ كان صعبًا جدًّا، ولكن مع الأيّام بدأنا تدريجيًّا نفهمُ هذه المعاركَ العالميّةَ تجاهَ الشعب الفلسطينيّ. 

في استعراضٍ لمسيرةِ حنان عوّاد، نجدُ الكوفيّةَ تنفردُ على أكتافها شكلًا وشِعرًا ووطنًا. ما الكامنُ من أسرارٍ بين خيوط الكوفيّة؟
منذ أن بدأتُ النضالَ الوطنيّ وأنا ألتفُّ بهذه الكوفيّة، رمزَ الصعودِ والصمودِ الفلسطينيّ، ورمزَ النضالِ والقتالِ الفلسطينيِّ، ورمزَ الحقِّ الفلسطينيّ، يعني؛ لها علاقةٌ بالتاريخ وعلاقةٌ بالمقاومةِ والبندقيّة، وعلاقة بأبو عمّار الذي اعتمرَ الكوفيّة ورَفعها، وكانت الكوفيّة لا تفارقني، حتّى حين أذهبُ عبرَ المطار، رغمَ أنّي كنتُ أوقَفُ ويُحاولون أخذها منّي، وكنتُ أناقشُهم إن كان هناكَ قانونٌ دوليٌّ في العالم، يُبرّرُ لكم أن تأخذوا الكوفيّة منّي فزوّدوني به، وأنا سأنزعها. لذلك لم أنزعها أبدًا في حياتي، فهذه الخيوطُ البيضاءُ والسوداءُ تحملُ الكثيرَ من العشقِ الفلسطينيّ والنضالِ الفلسطينيّ، وللرّمزيّة الكبرى التي تَجمعُ ابناءَ الشعبِ الفلسطينيِّ الواحد. صحيحٌ أنّ هناكَ أكثرَ مِن لونٍ للكوفيّة، إلّا أنّ هذهِ الكوفيّةَ السوداءَ البيضاءَ هي اللونُ السائد، والوجدانُ الجَمْعيّ الذي يَجمعُ الفكرَ الفلسطينيّ، ومِظلّةٌ للإنسانِ الفلسطينيّ بشكلٍ عامّ.
وأغربُ موقفٍ حدثٍ في حياتي كانَ قبلَ عدّة أشهر، فكنتُ قادمةً للجسر في وقتِ حَرٍّ شديدٍ، وكوفيّتي في حقيبتي، وإذا بالعمّال الذين كانوا في الجسر يستوقفونني ويسألونني: حنان، أين الكوفيّة؟ هل غيّرتِ الاتّجاه؟ فحتّى شعبي وقرّائي اعتادوا أن يَرَوْني بالكوفيّة كجزءٍ منّي.

هناكَ مَن يقول: كلّما نظرنا في صورة حنان عوّاد، يجذبُنا الحنينُ للقدسِ بشوارعِها العتيقةِ ولاتّحاداتِها، ولبيتِ الشرق ومسرحِ الحكواتي .. ماذا فقدنا بمنظور هؤلاء الذين يقولون، وماذا تبقّى لدينا؟
بقي لنا كلُّ شيء، فالقدسُ باقيةٌ وذكرياتُنا باقيةٌ وعملُنا  النضاليُّ باقٍ، رغمَ كلّ محاولاتِ الاحتلالِ لطمس الهُويّة، ومحاولةِ مُصادرةِ الأراضي وبناءِ المستوطنات، فالقدسُ ليستْ فقط هذه المواقع التي ذكرتِها، وإنّما القدسُ هي كلّ بقعةٍ مِن أرض القدس، هي البلد القديمة، وهي المناطق المحيطة، وهي الكنائسُ المُشعّة، وهي المسجدُ الاقصى أيضًا، وهي كلّ عوامل الجَمال التاريخيّ التي صاغَها التاريخُ في مدينةِ القدس، وهي باقيةٌ مهما حاولَ الاحتلال، لأنّها بالنسبةِ لي عشتُها خطوةً خطوةً يوميًّا وأنا صغيرة، وكنتُ أعيشُ خارجَ القدس العتيقة، ولكن يوميًّا كنتُ أذهبُ إلى القدس القديمة، وأقضي أوقاتًا رائعةً جدًّا بكلّ ملامحِها، وكانت لي برامجي الخاصّة في العُطلِ المدرسيّةِ والإجازات والجمعة والأحد، فكنتُ أقفزُ على الدرّاجات في باب العمود، وأصعدُ إلى حارة النصارى، وأتحدّثُ مع تُجّارٍ وأشتري أشياءَ، وأسمعُ تهاليلَ الصلواتِ سواء في الكنائس أو في المسجدِ، وأنا الآنَ أكتبُ في كتابي مُذكّراتٍ سياسيّةً وأجَسّدُ الوضعَ فيها، واليومَ حينَ أمرُّ ببعضِ التجّارِ القَدامى الذين كنتُ أشتري منهم بعضَ الأشياء، كانوا صغارًا وكبروا، فهذه الأيّامُ والسنين التي تركَت البصماتِ عليها، لا يمكن أن تذهبَ مهما حاولَ الاحتلالُ.
وطبيعيّ، عندما قلتِ أُغلِقَ بيتُ الشرق، لكنّ امتدادَ العملِ الدبلوماسيّ والسياسيّ في آفاقٍ أخرى مختلفةٍ، ومسرحُ الحكواتيّ لا زالَ يَعملُ مِن وقتٍ لآخر، ولكن قبلَ ذلكَ الإغلاق الذي منَعَ أبناءَ الشعبِ الفلسطينيّ مِن التواجد في القدس، كنّا الحركةُ جميعُها نلتقي في القدس، وأيُّ مهرجانٍ تُرفعُ شعلتُهُ مِن مدينة القدس، وهذهِ أثّرت في السياق العامّ، ولكنّ البُعدَ السيكلوجيّ والبُعدَ النفسيّ، والبقاءَ والمواطنةَ الفلسطينيّةَ في داخل القدس، رغمَ القهر ومحاولاتِ المصادرةِ.
هذهِ علامةٌ فارقةٌ وعلامةٌ مُهمّةٌ في صياغةِ التاريخِ الوطنيّ الفلسطينيّ. صحيحٌ أنّها صوّرتْ أملاكًا وأراض كثيرة، ولكن أقول كما قال الرئيس الشهيد: "إنّني أراهنُ على أبناءِ شعبي"، والإنسانُ هو الذي سيحملُ خطواتِ النضالِ، والإنسانُ هو الذي يحافظُ على ما كان وما يكون وسيكون.   

وماذا عن محاولاتِ تهجيرِ سكّان القدس منذ عام 1967؟
محاولاتُ التهجيرِ كان فيها المفاجآتُ والمداهماتُ المستمرّة إلى البيوتِ والأراضي، ومصادرةُ مواقع استراتيجيّة في القدس من آلافِ الدونمات، والآن يتمُّ مصادرةُ بيوتٍ في مناطقَ متعدّدةٍ في سلوان والشيخ جرّاح، حتّى في منطقة الطور، وهذه المصادرةُ مستمرّةٌ ولم تتوقّف إطلاقًا، وقامَ الاحتلالُ بسحْبِ هُويّاتِ المواطنينَ في مدينة القدس، حينما وَضعوا الحواجزَ في قلندية، ومَنعوا الناس من دخول القدس. لذلك؛ مَن يعيشُ خارجَ المكانِ لا يَحقُّ له أن يحملَ هُويّةَ القدس، ولذلك هناك موجاتٌ من تحرّكاتٍ فلسطينيّةٍ كبيرة، ومستعدٌّ الإنسانُ الفلسطينيّ في مدينة القدس أن تكونَ له عائلةٌ كبيرةٌ في بيتٍ صغير وحتّى غرفة، حتّى يُحافظ على البقاء، ومَن سُحبت منهم الهُويّة، لم يستطيعوا دخولَ القدس إلّا بتصريحٍ خاصٍّ، ولمدّةٍ طويلةٍ خلالَ الانتفاضة لم تُعطَ التصاريح، والعائلةُ الفلسطينيّةُ تفتّتْ تمامًا، فمثلًا عائلتي في الضفّة لم أستطع أن أراهم أو ألتقيَ بهم خلالَ فترة الانتفاضةِ الثانية، فكانت هناكَ حواجز ولا يَسمحون لنا بالتحرّكِ والمرور، وحتّى هذه اللحظات أيضًا تُعطى التصاريحُ لعددٍ قليلٍ من الناس، ولا يستطيعون أن يدخلوا إلى مدينةِ القدس، ولو حصلت مناسبةُ فرحٍ أو حزنٍ، فالأهلُ في المناطق العديدةِ لا يستطيعونَ أن يَحضروا ويتواجدوا، لذلك؛ قسّمَ الاحتلالُ العائلاتِ الفلسطينيّة، وحتّى فكفكوا المواقعَ أيضًا، فيمكن أن تشاهدي بيتًا يُحسبُ نصفُهُ في الضفّة الغربيّة، ونصفُهُ الآخرُ في القدس. فالتشكّلاتُ وما يَجري في فلسطين، لا يمكنُ أن نجدَها إلّا في أساطيرِ الأوّلين، وهيَ اليوم تنفيذُ أساطيرِ الأوّلين، كي تكونَ وقائعَ على هذه الأرض، وحتّى مهما شَرحت للعالم الخارجيّ، لا يمكنُهُ أن يستوعبَ ماذا يعني ذلك، وكيف أنّ إنسانًا مِن رام الله يَبعد 16 كم عن القدس، لا يستطيعُ دخولَ القدس، وهي نفسُ الوحدةِ الجغرافيّةِ ونفسُ التاريخ.
فلذلك؛ هناك ظلمٌ وقعَ على الإنسانِ الفلسطينيّ، لم يُحدّثُ التاريخُ بمِثلِهِ، فالجدارُ يَعكسُ حاجزًا نفسيًّا عندَ الإنسانِ الفلسطينيّ، ويُحبِطُ العزائمَ، وأحيانًا كثيرة هناك اشياءُ مُهمّةٌ تُحرّكُكِ وتتحرّكين إليها، ولكن صعوبةَ الطريقِ وصعوبةَ الوصولِ تَحُدُّ وتجعلُك تتراجعين، فمثلًا؛ تخيّلي مَرافقَ الأطفال، وكيف يَصلُ الأطفالُ إلى مدارسِهم مِن خلالِ بوّاباتِ الحصارِ والجدار، وكذلكَ النساءَ والأمّهاتِ الحواملَ، وكيف يَصلنَ إلى المستشفيات! لم  يُحاصَر المكانُ الفلسطينيّ فقط، كذلك حوصرَ الزمانُ الفلسطينيُّ والإنسانُ الفلسطينيّ والسيكلوجيّةُ الفلسطينيّة أيضًا.
هذه الأمورُ طبعًا لا يتلمّسُها الكلّ، فحينما تأتي إلينا وفودٌ تضامنيّةٌ، لا تستطيعُ أن تُدركَ إلى أيّ مدى ستكون الكلماتُ والوقائعُ قادرةً على تصوير ما يجري، فهذا ليس أبارتهايد فقط (فصل عنصريّ)، أو إجرام فقط، ولا يمكنُ تصويرُهُ، فالكلماتُ تتوقّفُ عندما تتحدّثُ عن فلسطين، فكيف يكونُ الكاتبُ أمامَ كلّ هذه المواقف؟
هل استطاعَ الكاتبُ الفلسطينيّ والإعلامُ الفلسطينيّ أن يوصلَ معاناةَ الشعب الفلسطينيّ وعبرَ الحواجز؟ وما مدى التأثير على الفِكر الأوروبي، وعلى تغييرِ مفاهيمَ سائدةٍ وزعزعتِها؟
الإعلامُ جدًّا مُهمٌّ، وفي المرحلةِ الحاليّة، الإعلامُ ساعدَ القضيّةَ الفلسطينيّةَ إلى حدٍّ كبير، ليسَ الإعلامُ الفلسطينيُّ فقط، وأيضًا الإعلامُ العربيّ، فعَكس ما يجري في غزة وفي القدس وفي أنحاء فلسطين، فالإعلامُ أعطى صورةً للحياة، وفي السابق لم يكن الإعلامُ العالميُّ يأخذ إلّا من الجانب الإسرائيليّ، وما تبُثُّهُ مِن صورٍ وادّعاءاتٍ تدّعيها إسرائيل. وحينما ذهبتُ إلى أمريكا في ندوات، كان هناك تعاطفٌ مع القضيّة الفلسطينيّة، وقامَ أحدُ الموجودين الأمريكان وقال: "إذا أردتم أن تعرفوا عن فلسطين، اُنظروا إلى تلفزيون فلسطين، وأحبّذ الجزيرة لأنّها تأتيكم بتفاصيلَ أخرى".
وهذا يعني؛ أنّه خاصّةً خلالَ الحروب المُستمرّةِ  والمُداهماتِ والاغتيالات، لعبَ الإعلامُ دورًا كبيرًا في إبراز الصوتِ الفلسطينيّ، ونقطةً أخرى هي عملُنا الدوليّ والجهودُ الدؤوبة مع هذه الآلام أيضًا، في بثِّ الفِكرةِ وفِعلِ القرارِ السياسيّ واللقاءاتِ مع العالم، ورغمَ صعوبةِ الظروف، إلّا أنّه بدأ هناك تعاطفٌ وتفهّمٌ كبيرٌ لِما يجري، فإسرائيلُ لا تقفُ ولا تتوقّفُ عن تهديدِ مَن يُساندُ ويقفُ مع القضيّةِ الفلسطينيّة، ولكن مع إرهاب الدولة المنظّم، الذي صاغتْهُ الحكومةُ الإسرائيليّةُ على أبناءِ الشعب الفلسطينيّ بكافّةِ أشكالِهِ وصُورِه لم تعُد الأمورُ مغيّبةً عن العالم.
لذلك؛ في السابق كان أصدقاؤُنا يقفونَ معنا، ولكن في المحفل الدوليّ لم يجرؤوا أن يَرفعوا أصواتهم ويتحَدَّوْا، وكانوا يصمتون ويدعمون من الخلف، وينتظرون نجاحَنا في أيّةِ قمّةٍ وأيّ موقفٍ عالميٍّ نقومُ به. أمّا الآن فقد بدأ المُفكّرونَ والشعوبُ يُعلنونَ عن مواقفِهم ويكتبون، ففي أحداثِ الحربِ على غزّة جاءتني برقيّةٌ مباشرة من شعراءَ عالميّين، ومِن أرقى ما يمكن ومن غير لفٍّ ولا دوران، وبكلماتٍ واضحةٍ لا تحملُ التأويلَ تقول:
"نحن نشجبُ هذا الإرهابَ وهذا الأبرتهايد"! وهذا الكلامُ لم يكن في السابق، مثل إدوار سعيد والكُتّاب والمُفكّرين الفلسطينيّين في هذه الرسالة التي يحملونها. لذلك أنا أقول دائمًا، إنّ الذي يُمثّلُ فلسطين عليه مسؤوليّةٌ كبرى، يجبُ أن لا تغفلَ عينُهُ ولا ينام، عندما يكونُ في محفلٍ دوليٍّ ومسؤوليّةٍ سياسيّة، لا ينامُ كمثقّفٍ وكسياسيٍّ وكإنسان، لأنّ العلاقاتِ الإنسانيّةَ والفهمَ الإنسانيّ والكيفيّة التي يتكلّم بها ويطرحُ القضيّة الفلسطينيّة والعمل الدوليّ ليس سهلًا، وليس مُجرّدَ ذهابٍ وإيابٍ من المؤتمر، فالموضوعُ مُهمٌّ جدًّا مثلَ الاستراتيجيّةِ العسكريّةِ تمامًا.   
ما زال أبو عمّار العنوان الأبرز في روحيّة حنان عوّاد شعرًا ومضمونًا. ما هي المواقف التي لا تنساها حنان في رعايتِهِ للثقافة والمثقّفين ولكِ شخصيًّا؟ هل هذا ينطبق على الرئيس أبو مازن أيضًا؟
العشقُ المُطلَقُ أنتِ قلتِ، فأبو عمّار هو الرمزُ والإنسانُ الخالدُ أيضًا بالنسبة لي، وقبلَ أن أتمكّنَ مِن لقائِهِ رحمة الله عليه، كنتُ أكتبُ عنه دائمًا بمقالاتٍ تُجسّدُ الثورةَ وقادةَ الثورة، وتُجسّدُ الفدائي الأوّلَ والفدائيّين جميعًا، لكن كنتُ دائمًا أتساءلُ، كيف سأرى هذا العملاقَ عن قرب؟ وهو كان يتابعُ كتاباتي دائمًا، ويطلبُ نشْرَها في مجلّة المجلس الوطنيّ، والمجلّاتِ الصادرةِ عن مُنظّمةِ التحرير في ذلك الوقت، وطبعًا أنتِ تعرفينَ أنّه مِن الصعب جدًّا في ذلك الوقت التواصلَ العمليّ، لأنّ أيّ لقاءٍ أو  أيّ اتصالٍ كان يُؤدّي إلى السجن. وعندما أُعلنَ عام 1988 إعلانُ دولتيْنِ في جنينف، طبعًا أنا دُعيتُ هناك، وقبلَها كان عليّ أن أقدّمَ صورةَ الانتفاضةِ وصورة النضالِ الفلسطينيّ في الخليج العربيّ، إذ كانتْ بعضُ القُوى تَدّعي أنّها هي التي قامت بالانتفاضة، وأنّها هي التي نجحتْ في إبرازِ الصوتِ الوطنيّ الفلسطينيّ، فكانَ عليّ أن أذهبَ بتنسيقٍ معَ السيد الرئيس الراحل، ومع الأخ أبو جهاد إلى الخليج العربيّ لأُبرزَ صوتَ الانتفاضة، وكلُّ البرامجِ كانت تُغطّي كلّ الخليج العربيّ في ذلك الوقت، وهناك التقيتُ عمليًّا مع الرئيس أبو عمّار وجهًا لوجه، وكان اللقاءُ غيرَ عاديٍّ في الكويت، وكلّ الصحفيّين من حولي في ذلك الوقت، ويأخذنا الحديثُ عن انتفاضة الأرض المُحتلّة، وكنتُ أتحدّثُ بنظرةٍ فكريّةٍ وثقافيّةٍ راقية، والسفراءُ اجتمعوا من حولي يستمعون، مَن هذه الآتيةُ مِن الأرض المُحتلّة، والتي تتحدّثُ بهذا التحدّي وبهذه اللغة؟ وطبعًا أبو عمّار يعرفُني، فجلستُ معهُ جلسةً هامّةً جدًّا، وقد أخذني بالأحضان وبكلّ احترامٍ وتقدير، وتحيّرتُ كيف أبدأ الحديثَ، فقالَ لي إنّه يُتابعُني. فقلتُ له: قالت رابعة العدويّةُ وهي تُناجي الذات الإلهيّة: "أحبُّكَ حُبّيْنِ حُبَّ الهَوى وحُبًّا لأنّكَ أهلٌ لذاكا"، وأمّا أنا فأحبُّكَ لثلاث، حُبَّ الوطن، وحُبَّ الهوى، وحُبًّا لأنّكَ أهلُ أهلٍ لذاكا. ففي ذلك الوقت لمعَت عينُ سيّدي الرئيس دامعة، وقدّمتُ له خارطة فلسطين والقدس، وقدّم لي خاتمًا.
الجميلة حنان عوّاد لم تتزوّج، فهل تراهُ نصّبَكِ عروسَ فلسطين المنذورة؟ 
نعم، حمّلني مِن خلالِ الخاتم مسؤوليّةً، وبكلّ ثقةٍ وبكلّ جُهدٍ لم أتوانَ في يومٍ من الأيّام أن أتقاعسَ عن أيّ شيء، ضمنَ حدودِ مسؤوليّاتي الكبرى، والخاتمُ غيرُ عاديّ، يَحملُ أكثرَ مِن رمزِ حقيقة، ومنذ تلك اللحظة، بدأ يُوجّهُ لي الرئيس مهامّ على الصعيد الدوليّ، مهامّ كبيرةً وصعبةً وقاسيةً أحيانًا في المؤتمرات، لأنّ الوضعَ الفلسطينيّ لم يكن سهلًا، والحمدُلله أنّني نجحتُ في تمثيلِهِ على مستوى الرؤساء، أو مع المنظّماتِ الدوليّة أو مع الناس، ولم أنكسر ولا مرّة، ولم أعمل بتنازلاتٍ مُعيّنةٍ في القرار السياسيّ، وكنتُ أرسلُ له بكلّ إنجازٍ يَتمُّ على الصعيد الثقافيّ والسياسيّ والقرار السياسيّ، وكنتُ أُطلعُهُ وأخاطبُهُ بشكلٍ مباشر، ومن أيّ مكانٍ في العالم، وكنتُ أسافرُ معهُ إلى أماكنَ عديدة.
هل هنالك مواقف خاصّة مع أبو عمّار غيرَ الخاتم لا زالت تعتمرُ ذاكرة حنان عوّاد؟
كلُّ المواقفِ معهُ كانت خاصّةً ولا يمكنُ أن تُنسى في جميعِها، فهي سِجلٌّ حافلٌ في علاقتي السياسيّة والشخصيّة من المواقف التي تعجزُ الكلماتُ عن تصويرها، في كلّ موقفٍ وكلّ اجتماعٍ وفي كلّ رحلةِ سفر، كان إنسانًا راقيًا يُقدّرُ الإنسانَ حقيقة، سواء في الأحزان أو الأفراح تجدينه معك، فمثلًا عندما تُوفّي والدي كان السيد الرئيس في تونس، ولأوّل مرّة تُرسَلُ برقيّةٌ إلى الأرض المُحتلّة، وبقي يتّصل بي دائمًا لأنّه يعرف كم كان والدي عزيزًا عليّ، وأحيانًا في المؤتمرات والقضايا الشائكة كان يقول لي: "اجتهدي وخذي القرار"! ولذلك؛ بنيتُ له علاقاتٍ دوليّةً كبيرة، ففي عام 2004 وحينما أُراجعُ نفسي الآن أستغربُ، فقد قمتُ بمؤتمراتٍ تضامنيّةٍ له في جميع أنحاءِ العالم، وكلّ أسبوعيْن بدولة وبحضورِ كُتّابِ جائزة نوبل، ففي أحد المؤتمرات الهامّةِ جدًّا في البرتغال، كان ساراماكو قد جَمَعَ المُفكّرين البرتغاليّين جميعًا، فأنا قدّمتُ كلمةً عن فلسطين، وهو قدّم كلمةً عن فلسطين، وفتحنا الخطّ مع سيادة الرئيس رحمة الله عليه، وبدؤوا بالهُتافِ باللغةِ البرتغاليّة، وكانت معنويّاتُ الرئيسِ عاليةً جدًّا.
ونفسُ الأمر أيضًا في تركيا، وكان محمود درويش رحمة الله عليه أيضًا موجودًا في الاحتفال، إذ نظّمتُ مهرجانًا تضامنيًّا راقيًا جدًّا بوجود الكُتّابِ والمُفكّرين، فأبو عمّار كان محبوبًا جدًّا، ولست وحدي فقط أُحبّه، وإنّما جميعُ الناس مَن عرفوا حقيقتَهُ وقدّسوهُ كثيرًا، فلذلكَ كانت تهتفُ الناسُ باسمِهِ بعفويّةٍ وبمحبّةٍ، ضمنَ برامجَ فيها قصائدُ وكلماتُ تضامن، ففي كولومبيا بعد وفاة أبو عمّار بعام، كنتُ ضيفةَ الشرفِ في مهرجانٍ ضخمٍ عالميّ، فكنت أنا وكُتّابٌ حاصلون على جائزة نوبل على المنصّة، فقرؤوا هم وأنا جاء دوري فقلت: "لو كان معي الرئيس الآن، لكانتْ كلمتُهُ هي الأولى". فلا تصدّقين كيف كان وكأنّك في بيروت أو فلسطين، هاجَ الحضورُ تصفيقًا وتصفيرًا وهتافًا لأبو عمّار، وهذا يدلّ كم كان له حضورٌ معنويٌّ.
وفيي سيريلنكا بعدما أنهينا المؤتمر، خرجتُ أتمشّى ما بين الأشجار، فنظرَ الأطفالُ إلى كوفيّتي وبدؤوا يهتفون: "أبو عمّار أبو عمّار"! فبذورُ أبو عمّار في النفس كقائد ثوريّ وكرمزٍ للقضيّة الفلسطينيّةِ الوطنيّة، وحضور أبو عمّار لديّ يُمثّل في كثيرٍ من الأعمالِ والكتاباتِ التي كتبتها، كـ "يوميّات الحصار" وقصائد كثيرة، وحينما جاء غزّة كتبتُ له هذا المقطع:
توسّدْ قلوبَ العاشقين مُعانِقًا/ واسْتلقِ على فننِ الأشواقِ يا بطلُ/ واغفُ على همساتِ الشمسِ في دنفِ الأحداقِ/ وقبَلٌ مع النسمات ترتحلُ/ تُمطرُ ذاكَ الوجهَ منسوجًا على أرقٍ/ مِن كنوز الحبّ فيها الدفء يكتملُ/ توسّدْ والهوى لمّا الهوى يعلو إليكَ فينتشرُ / قدسيّةَ الأحداقِ تمشي في عيونٍ لا أحداقَ لها فتنتصرُ.
نحن لا نعبُدُ أشخاصًا، ولكنّه الاحترام الكبيرَ والتقدير لهذه الرمزيّة، فهو ليس فقط رمزًا، فكان أكثرَ مِن رمزٍ، كان قائدًا وإنسانًا، والبُعد الإنسانيّ لازمَ أبو عمّار في الكثير من المناحي، وفي أحد اللقاءاتِ كان مؤتمر للمرأة، فاتّصل أعضاءُ البرلمان وطلبوا من رئاسةِ المؤتمر أن يلتقوا مع ممثّلة فلسطين، وجاء اثنان، شخصيّتان برلمانيّتان فقالا لي: "نُحمّلُكِ الأمانة بأن توصلي تحيّاتنا لأبو عمّار، وقولي له سينتصر". لماذا؟ "إنّنا ذهبنا مع وفد إلى الشرق لنزورَ أبو عمّار في الاعتصام، ولمّا اقتربنا من المقاطعة ارتجفنا من هذا الزعيمِ الكبير، وكيف سنلتقيه، وفجأة أبو عمّار نزلَ عن الدرج وفتح لنا باب السيّارة وأخذنا بالأحضان، وكان يُطعمُنا وقتَ العشاء كلَّ واحدٍ في فمِهِ لقمةً، فليسَ من المعقول أن يكونَ هذا الإنسانُ فقط زعيمًا بل ملاكًا، فنرجوكِ أن تُسلّمي عليه، وبلّغيهِ إعجابنا الشديد"!
فلاحظي الرأي العامّ والبُعدَ الإنسانيّ الذي ميّز أبو عمّار كثيرًا، وفي الجانب السياسيّ والعسكريّ وبُعدِ القرار، فلا يُمكنُ لأيّ إنسانٍ أن يصلَ إلى أبو عمّار ويرجعَ خائبًا، ففي أحد الأيّام كنّا في المقاطعة وبمَراسمَ رسميّة، فانتبهَ أبو عمّار إلى عجوزٍ جاءت تطلبُ المساعدة، فقال للشباب: أوقفوا السيارة. ونزل وأخذها بالأحضان، وطلبَ منهم أن يصرفوا لها ما تريده. فهذه ميزاتُ أبو عمّار، أنّه أحبّ الشعبَ والناس، وفي أحد الأيّام في أواخر الحصار، كانت طاولةٌ في غرفةِ الاجتماعات، وأثناءَ الاجتماع كان يتحدّثُ ويمشي خلف الطاولة، فقلت له: "إنّ العالمَ العربيّ لم يُساندْكَ، فمَن سيساندُكَ يا أبو عمّار"؟  فقال: "أنا أراهنُ على شعبي، فأنا لا أُراهن على أيّ أحدٍ في الدنيا إلّا على شعبي"!
كان أبو عمّار الصورةَ للشعب الفلسطينيّ، والصوتَ للشعب الفلسطينيّ، وهو أيضًا مُلهِمٌ بمعناه أنّ العملَ النضاليّ والرمزيّة التي يَحملُها، انعكست علينا في أعمالنا، والشخصيّةُ الأسطوريّةُ تعكسُ على روح الشاعر والمبدع، وبالتالي دائمًا نتفاعل مع هذه الشخصيّة بكلماتٍ علّها تليقُ بهذا المُطلَقِ الأبديّ!
بعدَ إغلاق المؤسّسات الثقافيّةِ والنقابيّةِ في القدس، غابت القدسُ عن واجهةِ المشهد الثقافيّ. هل باعتقادك أنّ الفلسطينيّين يتحمّلون جزءًا من مسؤوليّة هذا الغياب، خاصّةً بعدَ أن أصبحتْ ملفًّا مِن ضمن مجموعة ملفّاتٍ على طاولةِ السياسيّين في رام الله؟
أكيد أنّ موضوعَ القدس هو مسؤوليّةٌ جماعيّة، فكلُّ انتهاكاتِ الاحتلالِ هي أيضًا مسؤوليّةٌ جماعيّة، نأخذُ بعين الاعتبار أوّلًا إغلاقَ القدس، بمعنى؛ الذي أثّرَ غير المؤسّسات التي أغلقتْها إسرائيل مباشرة، صار إغلاقٌ بطيءٌ للمؤسّسات، لذلك؛ بسبب الحواجز وعدم إدخال الفلسطينيّين الى مدينة القدس، فأنتِ تعرفينَ أنّ القدسَ كانت هي مركزيّة التحرّك ومركزيّة التجمّع، فالنقاباتُ والاتّحاداتُ كلّ أعضائِها يأتونَها مِن جميع أنحاء فلسطين إلى القدس، ولكنّ الأعضاءَ لم يتمكّنوا مِن الوصول إلى القدس، فكيف ستجتمعُ الهيئة العامّة في مدينة القدس؟ وقليلًا قليلًا وتدريجيًّا، بعضُ المؤسّساتِ حوّلتْ ملفّاتِها ومكاتبَها خارجَ القدس إلى رام الله أو إلى الرام. لكنّي رفضتُ وأعضاءُ الهيئة معي أن نُحوّلَ مكتبَ رابطة القلم الفلسطينيّ إلى رام الله، وبقينا في مدينة القدس رغم المداهمات ورغم الضرائب المفروضة علينا، وفضّلنا أن نتحرّكَ بالبطيء والقليل، ولا أن تنتقلَ المكاتبُ إلى رام الله أو إلى أيّ مكان آخر غير القدس، فحافظنا على عملنا، ولا يمكنُ أن نبدأ أيّ مهرجانٍ أو لقاءٍ أو مؤتمرٍ أو اجتماعٍ أو مهرجانِ تضامن، إلّا أن يُفتَتَحَ في مدينة القدس، ثمّ ينتقلُ إلى باقي المدن الفلسطينيّة!
هذه قضيّة سياسيّة مُهمّةٌ، فيها تأكيدٌ على الواجب الوطنيّ لكلّ فلسطينيّ يستطيع، لأنّني آخذ بعين الاعتبار، أنّ هناك أناسًا لا يستطيعون، لأنّ قوّات الاحتلال تمنعُهم أو تعتقلُهم وتسجنُهم، فأنا أقول: هذا فرضٌ جهاديٌّ، لأنّ القتالَ إذا دخلَ الاحتلال إلى كلّ موقعٍ من مواقع القدس، فيجب أن يتمّ الجهادُ بكلّ الأشكال والصور!
اضغط هنا لتكملة الحوار

CONVERSATION

0 comments: