حوار حصل بين البطريركين صفير والراعي في غرفة مقفلة

الجمهورية
نشرت "الجمهورية" حوارا بين البطريرك السابق نصرالله صفير والبطريرك بشارة الراعي وذكرت انه في صباح باكر، طلب اوّل بطريرك حليق الذقن، لقاء آخر البطاركة الملتحين. منذ العام 1986، ولسنوات، عرفت بكركي "بطريركين تحت سقف واحد". بطريرك مستقيل وثانٍ ممارس.

هي المرة الثانية بعد استقالة البطريرك انطونيوس خريش. الاحاديث التي كانت تدور بين البطريرك خريش وخلفه صفير، لا تشبه ما دار بين البطريرك صفير وخلفه. كانت تحلو لصفير مقاربة النكتة مع اخيه انطونيوس خريش. هذه الايام لا يستعيد صفير روح الدعابة، إلّا مع قلة. اكثر من نصف قرن والبطريرك صفير قابع في هذا الصرح، يعرف فيه الحجر والبشر، خصوصاً الاباء، والرؤساء العامين، والمطارنة، والبطاركة. وكرسيه في صدر دار الصرح، تحوّل مراراً كرسي اعتراف لرؤساء جمهورية وسياسيين. البطريرك صفير واكبه خمسة رؤساء جمهورية، وكان تاسع من سكنوا بكركي. ربما من دلائل شأنه الكبير، ان من اقتحموا صرحه يوماً، لم يجدوا طريقة في التعبير عن امتعاضهم إلّا برفعه على الاكتاف! ابن جبال. ادنى مكان سكنه: بكركي!

في ما يأتي، بعض من حوار بين البطريركين. اورده بالفصحى للدلالة على انه متخيّل. بعض الكلمات بالعامية كان لا بد منها.

جلس البطريرك صفير، بعد ان أغلق باب جناحه عليه وعلى طالب اللقاء، وبادر: خير؟

• الراعي: سيدنا، احب دوماً أن استأنس برأيك. ولكنك في الاجتماعات اصبحت مقلاً جداً في الكلام.

- صفير: انا قلت في وسائل الاعلام: "ربما في كثرة الكلام عثرات، لذلك لا اتكلم كثيراً في الاجتماعات".

• الراعي: الحق معك. لاحظ كيف يعاملني بعض وسائل الاعلام. حيناً يلتبس عليهم القصد، وحيناً آخر يحرِّفون الكلام، فأضطرّ الى الايضاح.

- صفير: لا بَقاش توَضِّح.

• الراعي: في الموضوع السوري، فريق يحسبني اليه وفريق عليه. ويهملون قولي انني "صدى للبطاركة الحويك وعريضة وصفير".

- صفير: ايام البطريرك عريضة كانت دمشق تنادي: "لا اله الا الله، البطرك عريضة حبيب الله".

• الراعي: يا ليتني تذكّرت هذه الواقعة.

- صفير: البطريرك عريضة كان من بشريّ.

• الراعي: اعرف.

- صفير: دكتور الجامعة جوزيف الياس، ارسل إلي مقالات عدّة. واحدة عنوانها: "يوم كانت بكركي محجاً للسياسيين السوريين". كانو يْجو السُنّة، لعند عريضة من الشام وحلب وحمص وحماه وادلب. مطرح ما عم بيصير مْشاكل اليوم. رح إبعتلك ياهن قراهن... مْنَاح.

• الراعي: سقى الله تلك الايام. لم يكن هناك متطرفون اسلاميون.

- صفير: ومن قال لك؟ لقد تعرض يومذاك مرشد "الاخوان المسلمين" مصطفى السباعي لحملة قادها رئيس رابطة العلماء ابو الخير الميداني.

• الراعي: والسبب؟

- صفير: السبب ان "الاخوان المسلمين" وافقوا على صون حرية الاعتقاد، وعلى ان تحترم الدولة جميع الاديان السماوية وتكفل لها القيام بجميع الشعائر..." إقرأ مقالة جوزيف الياس. "الاخوان المسلمين" كانوا في لجنة إعداد الدستور. الآن اسمح لي انا بسؤال. ماذا قصدت ان النظام في سوريا شيء، والدولة شيء آخر؟

• الراعي: في الدول العربية دين الدولة هو الاسلام. سوريا لا تقول انها دولة اسلامية.

- صفير: وانت أيش بتقول؟

• الراعي: أعرِف. لم اكن موفقاً في هذا التصريح.

- صفير: لدينا الكثير من المشاكل مع سوريا. ماضيا وحاضرا ومستقبلا. في الماضي كان القوتلي والشيشكلي أقصى ما يفعلانه، قطع الحدود. مع الاسد الاب، والابن، والاخ، صارت حروب، واحتلالات، واغتيالات، وفرض مواقف واشخاص. الماضي على علّاته كان افضل. وانا اعلم انك ستكون صلباً ومعارضاً لأي تجاوز سوري اذا حصل بعد سقوط النظام.

• الراعي: سيسقط النظام؟

- صفير: خَيّي بشارة. القسطنطينية وسقطت.

• الراعي: قصدي، أتعتقد ان المسألة قريبة؟

- صفير: "الف عام في عينيك يا رب، كيوم أمس الذي عبر". أتريد نصيحة؟

• الراعي: انت اخي الكبير ومعلّمي.

- صفير: قرأت لك تصريحاً تقول فيه إنك لا تريد ان تتكلم في السياسة، بعد الآن. حسناً تفعل. وسمعت ايضاً انك تمتنع عن قراءة الصحف ومشاهدة القنوات وسماع الاذاعات.

• الراعي: أليس هكذا افضل؟

- صفير: لا يمنع ان تسمع "صوت المحبة". أبونا فادي نشيط.

• الراعي: يبدو ان اخواننا في الطائفة لن يتفقوا على قانون للانتخابات. ما رأيك؟

- صفير: مصيبتنا من جماعتنا. قل لهم انك مع اصغر الدوائر، ودعهم يتخبّطون!

• الراعي: يا ليت جماعتنا، يتحاورون بروح المحبة، كما يحصل الآن في هذه الغرفة؟

- صفير (يبتسم، ويسأل): عندَك سَفر قريب؟

• الراعي (تزامن السؤال مع صوت جرس كنيسة الصرح، فلم يسمع السؤال): عفوا؟ ماذا؟

- صفير: ماشيش.


CONVERSATION

0 comments: