جعجع: اتخذوا القرار بتغيير الموازين بالقوة ولا استبعد هجوماً بالصواريخ في محاولة اغتيال أخرى

إيلي الحاج/النهار
"قدري ان انجو دائماً. وجروحي تلتئم بسرعة"، يقول سمير جعجع. ويروي في مقره في معراب فصولاً من اخطار جسيمة واجهها في حياته وخرج منها ليكمل الصراع: "جسمي كله اصابات. ومرات لا تحصى وصلت الى حافة الموت". مصصماً على المضي في المواجهة السياسية وتحمل التبعات، ويرسم صورة للمرحلة المقبلة يستنتج منها السامع ان زمن الاستقرار في لبنان قد انتهى.
يخبر جعجع حلقة ضيقة من الاصدقاء زارته في معراب أمس للاطمئنان والتهنئة بالسلامة، في حضور "النهار" انه لا يستبعد استخدام صواريخ في عمليات اغتيال في المستقبل. وقيل له ان الصواريخ تحمل توقيعاً، وكان جوابه ان محاولة الاغتيال التي تعرض لها، باستخدام بندقيتي قنص متطورتين ومن العيار الثقيل، واجهزة مراقبة ومناظير الكترونية "هي ايضا تحمل توقيعا محترفاً جدا".
ويضيف: "لقد اتخذوا القرار بالاغتيال لتغيير موازين القوى بالقوة".
يوافق رئيس حزب "القوات اللبنانية" على ان صورة الوضع مسيحيا ولبنانيا لكانت شديدة القتامة لو نجحت محاولة اغتياله. ويستمع الى احد الحضور يشبّه المحاولة بعملية تفجير كنيسة سيدة النجاة. اذ تأتي في سياق خطة لتغيير المسار السياسي وتحويلها نهائياً، لذلك أقل ما يوصف به ما جرى بانه خطير جداً. وقال المتحدث "لو كنت مكان الفريق الآخر لفعلت الامر نفسه، فأنت تواجه مبدئياً ولا تعقد صفقات تحت الطاولة". يجيب جعجع: "إذا اقتنعت فأعقد اتفاقاً فوق الطاولة. واذا لا فأواجه حتى لو لم تكن موازين القوى لمصلحتي. فعلت ذلك عام 1994".
وسئل لماذا لم يستغل محاولة الاغتيال اعلامياً وشعبيا؟ وألم يكن الافضل الاعلان عنها فورا عبر "خبر عاجل" يظهر على شاشات التلفزة: "محاولة لاغتيال جعجع" وبعد ذلك يتضح ما جرى تدريجاً؟
يروي جعجع في جوابه انه تصرف بخلفيته العسكرية في اللحظة التي جرت فيها المحاولة وبعدها: "ادركت فورا ان هناك خرقاً من خارج طوق الحماية لمقر "القوات" والمنزل ولم افكر الا مع الاجراءات التي علينا اتخاذها. لم اهتم بالاعلام ولا بالسياسة".
ويتابع روايته، قائلا: "للوهلة الاولى لم يخطر ببالي انها محاولة اغتيال. اعتقدت ان رصاصتين انطلقتا خطأ من بندقية لاحد الحراس. بعد جزء من الثانية ادركت ماذا جرى. كنت انبطحت ارضا تلقائياً. وزحفت، لم ارفع رأسي واقف الا بعدما وصلت الى مكان آمن لا يطل على اي افق. لو تعرض احد غيري لاطلاق نار بهذا الشكل لربما كان رد فعله ان ينحني ويركض. على الفور اتصلت بشباب الحماية وقلت لكل منهم ماذا يجب ان يفعل".
ويكشف رئيس "القوات" ان آخر مرة مشى في المكان الذي تعرض فيه للرصاص كان قبل سنة. وان مجال الرؤية الذي استغله القناصان كان اربعة امتار فقط، علما انه يمشي بسرعة.
يردد احد الحضور "اللي الو عمر ما بتقتلو شدة"
 فيسترجع جعجع صوراً من اهوال واخطار عاشها، مذ كان طالبا في الجامعة الاميركية في بيروت عام 1975، عندما اوقف حاجز خطف السيارة التي كانت تقله في "غرب العاصمة" بتعابير تلك الايام. وكان هو يحمل بين دفاتره الطالبية جريدة "العمل" ككتائبي منضبط. كان المسلحون يفتشون الاغراض التي يحملها الركاب ولم يفتشوه.
يعود الحديث الى تفاصيل محاولة الاغتيال:
"لم نظهر للاعلام الفجوتين اللتين أحدثتهما الرصاصتان لئلا نعطي الفاعلين احداثية يصححون من خلالها". ويضيف: "في تقديري هناك مكان لجأ اليه فريق الاغتيال، وعددهم لا يمكن ان يقل عن ستة، مكان لا يبعد كثيرا عن نقطة اطلاق النار. ولن أقول أكثر. فالباقي شكوك ولسنا من يتولى التحقيق. المحققون عثروا على شجرة محفور فيها ثقبان لفوهتي البندقيتين وثقب لمنظار الكتروني، كذلك لاحظوا وجود ممرات حديثة في الحرج الحديث وأغصان مكسورة بفعل أيد بشرية. وفي تقديري، المراقبة استمرت شهورا طويلة.
وردا على سؤال يقول جعجع:
"انتهت مفاعيل اتفاق الدوحة في ما يتعلق بوقف الاغتيالات السياسية في لبنان، وانتهت مفاعيل الاتفاق مع النظام السوري في هذا الشأن، والذي أعلنه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي".
ومنذ متى انتهى الاتفاق؟
يجيب: "منذ أن وصل "الربيع العربي" الى سوريا. خلص".
وسئل لماذا لم يسيِّر حزب "القوات" تظاهرات او ينظم اعتصامات اثر المحاولة؟
يجيب: "لماذا نسير تظاهرات؟ ألنقول ان للقوات شعبية؟ كل الناس يعرفون حجمنا. تحريك الناس يستلزم خطة لما بعد. لو كنا في مرحلة السعي الى اسقاط الحكومة مثلا لكانت محاولة الاغتيال مناسبة لاسقاطها. لكن الوضع مختلف".
وهل يأسف لأنه تخلى عن وسائل الحماية الذاتية؟
"لا أبدا"، يقول بسرعة، ويضيف: "للمقاومة المسلحة ايجابياتها وسلبياتها – وأنا جربتها – وللعمل السياسي السلمي ايجايباته وسلبياته وقد اخترناه في شكل نهائي بحسناته وسلبياته وفي مقدمها ان الدولة تحميك ولا تحمي نفسك. أنت لست سلطة. هذا قرار نهائي اتخذناه ولن نعود عنه".
ماذا عن ردود الفعل؟
"مواقف الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا لافتة جدا من محاولة الاغتيال. وغدا بريطانيا ودول عربية ترى الى موضوع عودة الاغتيالات من زاوية أنه خطير، بل شديد الخطورة".
ومحليا؟ "الرؤساء ميشال سليمان ونبيه بري ونجيب ميقاتي اتصلوا مستنكرين ومهنئين بالسلامة. الرئيس سعد الحريري اتصل بي مرتين متتاليتين فور علمه بالنبأ لقلقه علي، ونصحني بألا أتحرك. رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط كان معبرا ومختصرا على طريقته في التحدث. أما اكثر من شعرت بتأثره فهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس. تكلم بعاطفة وهو يقول "ماذا نسمع؟ انشغل بالنا عليك".
يذكر جعجع بالخير كل من زاره او اتصل، نواب "المستقبل"، وشخصيات 14 آذار، والناس والاصدقاء... وبسؤاله عن تصرف السلطات الامنية يجيب: "قوى الامن خصوصا، وقيادة الجيش ومدير مديرية المخابرات يفعلون ما يجب فعله. ويحققون جديا".
ويؤكد رئيس "القوات" ان علاقة حزبه بكل قوى 14 آذار ممتازة. ويشيد بزيارة النائب سامي الجميل لمعراب الاسبوع الماضي، ويقول: "اتفقنا على أمور عدة، وعلى ألا نعلن عنها".
وماذا يتوقع لسوريا الغارقة في الدم؟
يجيب جعجع بأسف ان "التفاوض الجدي في الموضوع السوري بين روسيا والدول الغربية لم يبدأ بعد. وفي هذه المرحلة الانتقالية اذا ضعف النظام فسيلقى من يقويه ليستمر. واذا ضعفت الثورة فستلقى من يقويها". ولا يفوته ابداء قلق على جنبلاط لأن "الحديث عنه في دوائر النظام السوري، على ما يتناهى الينا، ينم عن نية سوء". ويختم مطمئنا: "نحن اتخذنا تدابير احترازية".

CONVERSATION

0 comments: