
الفشل في إسقاط النظام السوري،وسقوط تجربة الاخوان في مصر،وفشل الاسير في إحتلال صيدا،وفشل بندر في الفتنة المذهبية في لبنان،وكذلك فشله في إقناع روسيا بالتخلي عن الأسد،رغم الإغراءات المالية الكبيرة،كلها عوامل تدخل في الحسابات الأمريكية والخليجية العربية،لما ستؤول الأوضاع عليه في مصر،هذه الاوضاع التي ربما تندفع نحو خيارات تكون خارج إطار السيطرة الأمريكية،وبما يهدد المشروع والدور الأمريكي في المنطقة لسنوات طويلة.
ومن الواضح أيضا ان الحكم الجديد في مصر،وكما يقول الأستاذ ناصر قنديل" هو حصيلة تقاطع رغبتين جامحتين واحدة لدى الشعب بأغلبية كاسحة بالتخلص من التجربة المقيتة للأخوان وثانية لدى الجيش بالخروج من التجارب والرهانات بعدما تكشفت الصورة لمستقبل مشروع الأخوان في المنطقة ووضع اليد على السلطة مباشرة أو من وراء الستار لحسم الأمر وإعادة الإستقرار وبناء مشروعه الذي حال دونه مشروع مبارك للتوريث وهو مشروع ينتظم كرغبة تحت مظلة ذات الخيارات الإقليمية القديمة اي العلاقة بالغرب والخليج ولا يمس كامب ديفيد لكن وفقا لمعادلة الضرورة للتفرغ للداخل واعادة بناء الدولة الوطنية التي تآكلت في ثلاثة عقود من العبث والفساد وزادها عبث الأخوان وفسادهم مصائب وتعقيدات ".
وانا رؤيتي لهذا الموقف السعودي،ليس بصحوة ضمير،او تعبير عن تغير استراتيجي في الموقف السعودي من حركة الإخوان،أو قضايا الحرية والديمقراطية ومسألة القومية العربية،فهي ترى في هذه القضايا والمفردات في حال تمددها وإنتصار القائمين عليها،خطر داهم يتهدد وجودها ومصالحها في عقر دارها،وهذا الموقف السعودي،ياتي في إطار الإحتواء والتكتيك الدفاعي،ومنع الثورة المصرية من ولوج المرحلة الثالثة من الثورة،والتي من شأنها إحداث حالة قطع مع المشروع الأمريكي،فثورة يناير/2011،أطاحت بنظام مبارك التوريثي البائد،والمرحلة الثانية،ثورة 30 يونيو /2013 أطاحت بمرسي والإخوان في زمن قياسي،عندما أصروا على اخونة الدولة والسلطة والمجتمع .
وهذا التكتيك هدفه قطع الطريق على الموجة الثالثة من ثورات الانتقال إلى الديمقراطية التي شهدتها مصر،فهي التي ستعيد الجيش إلى ثكناته، وتؤسس لنظام ديمقراطي صلب وراسخ، وهذا ما يثير هلع وفزع السعودية وبقية دول المنطقة، ولذلك الدعم المالي السعودي الكبير لمصر وللسيسي والجيش،من اجل عدم بلوغ هذا الخيار خيار السيادة والإستقلال والإستقرار،خيار يحسم لمكانة مصر وسيادتها وإستقرارها الأولوية وعندها اللعبة ستنتهي و تتحدد الخيارات.
وايضاً السعودية ومعها امريكا وباقي عربان ومشيخات الخليج،ضخت المليارات،من اجل شعبنة الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة،وحرف الصراع من صراع عربي- إسرائيلي إلى صراع عربي- فارسي،يشيطن ايران وحزب الله ويجعلهما العدو الأول للعرب والمسلمين،وبالتالي فهي مستعدة لضخ المليارات في سبيل أن لا يقترب النظام الجديد من ايران،او يطبع علاقاته معها،فهذا معناه قبر مشروع الفتنة المذهبية،ومعناه أيضاً إنتصار لهذا المحور،محور المقاومة والممانعة،محور ايران سوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية،وما قد يترتب عليه من تغير جوهري في شكل التحالفات والمعادلات في المنطقة.
هذه هي حقيقة المواقف السعودية والعربية الخليجية الأخرى من النظام الجديد في مصر،مواقف ذات تكتيكات دفاعية إستباقية،بغرض قطع الطريق على الثورة المصرية،ومنع ولوجها لمرحلتها الثالثة،مرحلة بناء نظام ديمقراطي،يحسم خياراته لجهة السيادة والإستقلال والإستقرار،وبما يعبد الطريق نحو إنبعاث المشروع القومي العربي الوحدوي من جديد.
0 comments:
إرسال تعليق