أبو خمرة وقبّعة المعموري*/ د. عدنان الظاهر

كتب الأستاذ ناجح المعموري كتاباً خاصاً في صديقه الشاعر موفّق محمد أبو خُمرة شاعراً وإنساناً حليّاً أصيلاً . ساعتمدُ هذا الكتاب مصدراً لمقالي هذا فضلاً عن ديوان الشاعر ( ربما هو الأول ) المعروف " عبديئيل " ** وليس عندي غير ذلك . في لقاء في الحلة ما أعزّه وما أندره مع الشاعر موفّق أبو خُمرة في مقهى الجندول المطل على نهر الفرات وعلى رقبة جسر الحلة الرئيس عصرية أحد أيام شهر شباط الفائت أهداني الأستاذ موفّق كتاباً ألّفه الكاتب والروائي الأستاذ ناجح المعموري بعنوان " قُبّعة موفق محمد " . هناك التقيتُ بنخبة من مثقفي وأدباء وشعراء الحلة كان فيهم الأستاذ ناجح المعموري نفسه . قدّم لي أبو خُمرة هذا الكتاب بكلمة قال فيها [ الصديق العزيز وأُستاذي عدنان الظاهر مع محبّتي .. موفّق مُحمد ] . كان موفق زمان عبد الكريم قاسم أحد تلاميذي في متوسطة الحلة للبنين وكذلك كان المعموري ... دار الزمان لنغدو أصدقاء .
لم يقصّر الأستاذ ناجح المعموري في تقديمه وتحليله لقصائد أبو خُمرة ..
وأعجبني فيما كتب أمران وقف عندهما وقفة متأنية متفحّصة هما شدة تعلّق الشاعر بوالدته من جهة وبالنهر ، فرات الحلة ، من الجهة الأخرى. حلل هذا الأمر نفسياً بل وجنسياً فذكر عُقدة أوديب التي لم أجد لها أثراً فيما كتب أبو خمرة من شعر يخص والدته . تزوج أوديب أُمّه من غير أنْ يعرف أنها أمّه ففقأ عينيه وقد عرفَ الحقيقة ندماً وتكفيراً ! حبُّ الوالدات الواعي القصدي هو لا شكَّ غير الزواج منهنَّ عن طريق الخطأ والجهل . أغلب مادة فصل ( المكان والذاكرة في نص " محلّة الطاق " ) مكرّس لهذه الموضوعة أستعير منه الآتي :
[[ .. والأم في نصوص موفّق محمد موزعة على ثنائيات الحياة ، الحزن / الفرح ، الإنبعاث والموات وفي الحالتين كانت وظلّت مُثيرة للذائذ غير المكشوفة والحسيات المرموز لها وأعتقدُ بأنَّ علاقة الشاعر موفق محمد مع الأم علاقة أوديبية تتحقق بالإتصال الثقافي والرمزي وهذا هو سبب تكرار تمركزات الأم في كل قصائده ، الأم المقدّسة التي لا يُنقصُ الإتصال من قداستها / الصفحة 70 ]] . نحن لا نعرفُ أمّاً مُقدّسة إنما عرفنا الربّة عشتار سومر وبابل آلهة للخصب والنماء وعرفنا بغايا المعابد المقدسات حيث ممارسة الجنس في المعابد معهنَّ هي عملية مقدّسة : البغاء المقدس . نعم ، يتكاثر البشر بهذه الممارسات لكنَّ أحداً لم يعتبر عشتار وسواها من بغايا المعابد أمّاً لأحد . هنَّ أمهات للجميع لا لشخص بعينه . وليس في هذا الأمر من غرابة إذْ مرّت البشرية بمراحل ساد فيها شيوع الجنس وإشاعة الأرض والنساء وكل ما تمتلك العشيرة أو القبيلة أو المجتمع البدائي . جميل أنْ يعرّج الأستاذ المعموري على أسطورة بوذا حيث كتب [[ .. وهنا انحرفت الأسطورة البوذية التي خصّبت والدة بوذا ، عندما نزل إليها شعاع من القمر واتصل معها إدخالاً رمزياً فأنتج بوذا / الصفحة 69 ]] . ألسنا نجد هنا مشابه بين مولد بوذا وقصة مولد عيسى المسيح إبن مريم العذراء ؟ بوذا نتاج شعاع قمري دخل أمه وعيسى نتاج روح الله بهيئة بشر أتى مريمَ ليصنعَ لها غُلاماً زكيّاً هو عيسى المسيح [[ .. فاتخذتْ من دونهم حِجاباً فأرسلنا إليها روحَنا فتمثّلَ لها بَشراً سويّا . قالت إني أعوذُ بالرحمن منكَ إنْ كنتَ تقيّا . قال إنما أنا رسولُ ربّكِ لأهَبَ لكِ غُلاماً زكيّا /  سورة مريم الآيات 17 ، 18 ، 19  ]] . وقبل عيسى المسيح خُلِقَ آدمُ بنفخة من روح ربّه [[ إذْ قال ربّكَ للملائكة إني خالقٌ بشراً من طين . فإذا سويّتهُ ونفختُ فيه من روحي فقَعوا له ساجدين . سورة ص ، الآيات 71 ، 72 ]] . لا وجود للمرأة في قصة خلق آدم . لم تحمله امرأةٌ في رحمها إنما أصله من طين. وهو بذا يختلف عن كل من بوذا ثم المسيح .
يحضرني في هذا المقام كتاب الكاتب لورانس
D.H.Lawrence
بعنوان " أبناء وعشّاق "
Sons and Lovers
عرض فيه عميق تعلّقه بوالدته حدَّ العشق وكان مثل أبو خُمرة يتيم الأب. كما يحضرني ما كتب ذات يوم الأستاذ أحمد فؤاد نجم من أنه يعشق أمّه .. ولا غرابة في هذه المسألة فطبيعي أنْ يتعلق الصبي أو الشاب اليتيم الأب بأمّه بديلاً وتعويضاً عن أبيه الراحل . وهذا ما جاء بلسان عيسى :
 [[ وبَرّاً بوالدتي ولم يجعلني جبّاراً شقيّا / سورة مريم ، الآية 32 ]]. جهدُ الأستاذ ناجح المعموري جهد مشكور حيث أضاء جوانب من شخصية ونفسية وظروف الشاعر موفق أبو خمرة قد لا يعرفها عنه الكثيرون وهذه إحدى مهمات النقد والناقد فالناقد مكتشف ومحلل ومستنتج ومُنظّر .
لم يترك الأستاذ ناجح المعموري لي فُسحة كبيرة لأكتب عن الجوانب الأكثر جديّة في فن أبو خمرة الشعري والهيكلية النظرية في بناء القصيدة. لذا سأصرف جهدي لجوانب أخرى في شعر الشاعر أبو خُمرة وأحاول معرفة بواطن وخفايا أشعاره وأعدد بعضّ مفاصل حياته التي لعبت أدواراً حاسمة في تحديد طبيعة شعره وأنماط سلوكه .
فجيعة الشاعر بفقده ولده /
شارك الإبن الأكبر للشاعر في إنتفاضة شعبان عام 1991 ثم إختفى أثره ولعله انتهى في المقابر الجماعية التي خلّفها نظام صدام حسين وحزبه الحاكم يومذاك . قصيدته " صور مؤطّرة " تحكي فاجعته بولده وما حلَّ بالعراقيين من بؤس ومصائب وقتل عشوائي إثرَ إنتصار النظام على الإنتفاضة الشعبانية ( آذار ) .. يقرأها المرء فينهارُ بكاءً . ما قال فيها ؟
(( حين رأى بأمِّ عينيه طفليه يشحذانْ
زوجَته رغم دماءِ الحيضِ في معمعة العربانْ
عضَّ على يديهِ
أطبقَ فكيهِ
دقَّ بكل قوّةٍ برأسهِ الحيطانْ
ولم تزلْ عاريةً تُحرق في معمعةِ العُربانْ )).
كيف كان رد فعل الأب المفجوع يرى طفليه يستجديان وزوجه حائرة لا تدري ما تصنع ؟ لم يبدد طاقته الإنفعالية بالألفاظ إنما عبّر عن حالته بالصور الأكثر بلاغةً من أي كلام . لم يتكلم بل قال : عضَّ على يديه .. أطبقَ فكيهِ .. دقَّ بكلِ قوّةٍ برأسه الحيطانْ . هكذا كان جواب الشاعر : العض بالأسنان والإطباق بها ثمَّ ضرب الرأس بالحيطان . هيجان واحتجاج عاصف وكفر بأخلاق الحكام الذين حكمونا وداسوا على رقابنا بإسم القومية العربية والوحدة العربية ثم زيّنوها بالإشتراكية إطاراً وتبجّحاً وزخرفاً لكي يسرفوا في ظلم وفي قتل شعوبهم . لم يحمل الشاعر السلاح ضد قاتلي ولده ولكنْ صيّرته المأساة شاعراً يعرف كيف يعبّر عن غضبه وكيف يصرّفُ هذا الغضب وفي أي وجه يجري تصريفه .
يمضي الشاعر في رسم صور المحنة الكبرى التي أحاقت بالعراق والعراقيين وهو وعائلته نموذج ممتاز لهذه المحنة . نقرأ في المقطع الثاني كيف غادر الفقيد إطارَ صورته المُعلّقة على أحد جدران بيتهم ليقضي بعض الوقت مع والديه . أرى في هذا المشهد واحدة من قمم الشاعر الإبداعية . إنه يتخيل ويتمنى ويحوّل الرغبة المستحيلة إلى شئ يشبه الواقع .. إنه يحلم بل ويمشي في نومه حالماً والحلم قد يطابق ما نريد وقد يخالفه . المفجوع يخدع نفسه ليؤاسيها ولينسيها هول الكارثة وربما يهرب للكحول أو المخدّرات والشاعر أبو خمرة صريح في هذا الأمر لا يتحرّج من ذكر الكحول في شعره أبداً يتناوله بأشكال وصيغ شتّى من قبيل ( إلى علي الندّاف أولاً وإلى نص عَرَق ثانياً / قصيدة زائر الليل / الصفحة 73 من ديوان الشاعر عبديئيل ) . ثم ( شكراً للخمرةِ بعد منتصف الليل .. فقد شدّتْ فوق رقبتي المهروشة رأس ملياردير لم تستطعْ حمله .. فأعنتها على ذلك باليدين / قصيدة برقيات الصفحة 68 ).
ثمَّ ما قال في قصيدة " الثلج المقلي " :
(( أدفعُ بابَ الحانةِ في منتصفِ الليلِ
أنصافُ المشلولين
الجثثُ المُلقاةُ على بعضٍ دون استنكارٍ أو خوفٍ
واليأسُ المصلوبُ على وجهي يفتحُ عينيهِ
على الجيلِ الطالعِ من قنيناتِ العرقِ الأبيضَ مثبوراً ))
أكيد كان الكلام هذا زمان الحرب العراقية ـ الإيرانية الدموية والثقيلة .
الشاعر والكحول
يكادُ العرق لا يفارق الشاعر في بعض قصائده فهل هو هروب من تكاليف ومتاعب الحياة أم أنه عامل مساعد للإبداع الشعري كما هو شأن الكثيرين من مشاهير الشعراء والروائيين ... الكحول أو المخدّرات أو كلاهما والأمثلة كثيرة ومعروفة . الكحول لأبي خُمرة برزخ مزدوجٌ فرع يُفضي به للخلاص من حالات نفسية متأزمة جرّاء الحصار والجوع   والحروب وتعسف السلطات الحاكمة . أما الفرع الآخر فإنه طريق الإبداع وإجتراح آفاق فنية لا تتأتى للشاعر في ساعات صحوه . يغلبُ على ظني أنَّ الشاعر موفّق لا يقول شيئاً من الشعر إلاّ إذا كان مخموراً أو واقعاً تحت سطوة وسلطان العرق العراقي الأبيض / حليب السباع . في أية درجة من درجات ومستويات السكر يكتب أشعاره ؟ لا أحسبُ أنه يُثّقل كثيراً حين يعنُّ له أنْ يكتب شعراً وإلاّ لفقد الخيطَ والعصفور وأشعاره خير شاهد على ذلك ، لا يبدو عليها أنها تترنح تحت تأثير المشروب . يكتب تحت سيطرة تامة رغم الخمرة سوى بعض الفلتات القليلة التي تختفي فيها قوة إرادته فيفلت منه الوزن الإيقاعي للقصيدة وتتنوع وتختلط التفعيلات ويمزج الشعر الفصيح بالشعر العامي وببعض الأغاني العراقية كأغاني سعدي الحلّي خاصةً فضلاً عن الأغاني العربية ومنها أغنية لنجاة الصغيرة " وآنة بداري وأخبّي .. ص 75 " وأخرى لفريد الأطرش أغنية " يبو ضحكة جنان مليانة حنان .. ص 81 " التي يحبها كذلك العزيز الفذ الأستاذ صائب خليل . في قصيدة " زائر الليل " المُهداة إلى صديقه علي الندّاف أمثلة كثيرة تؤكّد إستنتاجاتي وفيها من السخرية التي لا يجيدها إلا موفق أبو خمرة فإنه بارع في اصطيادها ووضعها في محلاتها المناسبة فتتألق روح السخرية ممزوجة برائحة وتأثير الخمرة . وما أروعه حين يسخر حيث تدمع العين ويفتّرُ الثغر عن بسمة . نماذج من قصيدة زائر الليل
(( يعشقُ القلبُ ولا أعرفُ سِرّهْ
ويُريني بفمِ الإبريقِ سِحرهْ
وهو نصٌّ لم أعدْ أشربُ غيرَهْ
عندما حددّ هذا السوقُ سِعرهْ
لم أعدْ أمشي بخطٍّ مُختلفْ
وبساقٍ تكتبُ الميمَ ألفْ
...
يا نصفيَّ الغائبْ  
يا مُثقَل الرأسين
بستْ يد الخمّارْ
ما باعني بالدَينْ
وأذهبُ أبعدْ
أتسلّقُ جمجمتي المكتظّةَ بالقازوقْ
وأضربُ فيها خيمةَ خمرٍ للفقراء
...
إقرعْ طبلَ الخمرةِ ولنبدأ فصلَ التطبيرْ ))
موفق محمد أبو خمرة عالم خاص متميّز وعلامة فارقة في فن الخمريات أقرب في فنه الشعري لعالم البداءة والوحشية المتحضّرة مع وعي ضارب في أعماق التراث العربي الإسلامي . في بعض أشعاره ملامح من طبيعة شعر مظفر النواب وعلي محمود طه المهندس ولا سيما قصيدته " الجندول " . عدا ذلك لم أعثر في شعره على أي أثر لبقية الشعراء القدامى والمحدثين . ثقافته القرآنية واضحة وكذلك حفظه وتمكّنه من نظم الشعر الشعبي . لم يكتب قصيدة واحدة كاملة في الكأس والخمر كما كان شأنُ أبي نؤاس مثلاً . الخمرةُ تتغلغل برشاقة في بعض قصائده فتأتي كأفضل وأحلى ما تكون .
في لحظة فراقنا بعد لقائنا في مقهى الجندول قال لي موفّق : سأحلّق هذه الليلة . قلت له أتعني أنك ستتجاوز ربع العرق في هذه الأمسية ؟ أجاب على الفور : بل نص البُطل هو ميزاني اليومي . أحبّته مدينته الحلة لصراحته وجرأته وانفتاح قلبه وصدره وبادلته حبّاً بحب ومحضته الإعجاب والود وإعلاء الشأن . في مقطع " الظل " من قصيدة " قصائد بالكاريكاتير " / الصفحة 111 كتب موفق الشاعر
(( قبلَ غيابِ الشمسِ
وفي بارٍ ملغومٍ يترنّحُ من ثقلِ همومي
فاجأني ظلّي وهو يُصفّقُ للنادلِ
يطلبُ رُبعاً آخرَ يشربهُ صِرْفاً
ويقولُ سلامٌ
قلتُ سلاماً شيخَ السكّيرينْ
فبعدَ مغيبِ الشمسِ فأين تنامُ ؟ )) .
كعادته ... يلتقط الشاعرُ ما يناسب أجواءه النفسية والشعرية من مجزوءات من العديد من سور القرآن . هنا وظّف بعض ما جاء في سورة هود [[ ولقد جاءتْ رُسُلنا إبراهيمَ بالبشرى قالوا سلاماً قال سلامٌ فما لبِثَ أنْ جاءَ بعجلٍ حَنيذ / الآية 69 ]] . لم يؤثّر تغيير سياق الوضع الإعرابي لكلمة " سلام " على نسيج وتأثير الجملة على متلقيها . إستشهادات الشاعر بمجزوءات الآيات كثيرة ربما أُلفتُ النظرَ إليها كلاّ في حينه .. ربّما !
سرحتُ بعيداً فأعود لقصيدة " صُوَرٌ مؤطّرة " .
(( من صورته المؤطّرة بالموتِ والفضّة والسوادْ
قبّلَ والديهِ
أزاحَ عن عينيهما الرمادْ
فجُنَّ مما قد رأى
حطبٌ من البشرِ المُكدّسِ في صناديقِ العتادْ
سيلٌ من اللعناتِ يقتّصُ العبادَ ويستقرُّ على جحيم
من صورته المؤطّرة بالموتِ والفضةِ والرمادْ
شيّعَ والديهِ
رتّلَ بعضَ الدمعِ في عينيهِ
آياً من الذِكْرِ الحكيمْ
ولفَّ صورته وعادْ )).
هذا هو الفقيد الشهيد البار بوالديه يفارق قبره ليكونَ مع أبويهِ .. يقبلّهما ... يودّعهما ثم يعود لرقدته الأبدية . أيستحيلُ بقاءُ الميّت مع أبويه حيّاً ؟
هذا بعضٌ من قصيدة " صور مؤطّرة " .
فجائع الشاعر بفقد الأصدقاء
عبد الجبار عبّاس
عبد الجبار عبّاس مثقف حلاّوي وناقد معروف في الأوساط الأدبية . إنه شقيق أخينا وزميلنا وصديقنا الأستاذ عبد الأمير عبّاس وباقي أشقّائه ستار وغفّار وزاهر الصغير أو أزهر . لا أعرف ظروف وأسباب وملابسات رحيله ولكنْ أفهم من سياق القصيدة التي كتبها فيه " الجب والعقرب " وقدّم لها " أبانا الذي في المقابر نحنُ ضحاياك " .. إلى الناقد الراحل عبد الجبار عبّاس ... أفهم أنه عانى من سجن وتعذيب ربما حتى الموت تحت هذا التعذيب . لم يؤرّخ الشاعر لأحداث موت عبد الجبار كذلك الحال مع كافة قصائد الديوان . يغلبُ على ظني أنَّ الناقد قد فارق الحياة في ثمانينيات القرن الماضي . رسم الشاعر مأساة حياة صديقه في السجن ويبدو أنهما كانا معاً نزيلي هذا السجن .. رسمها بصور دامية يتفطّرُ لها قلبُ القارئ وكتبها بصيغ ودلالات جديدة مُبتكرة لم يأتها الشعراء الذين كتبوا عن حالات مماثلة . كرر الشاعر اسم عبد الجبار مراراً ليحفر في ذاكرتنا أخدوداً عميقاً يذكّرنا بمأساة هذا الإنسان الجميل الوديع المسالم :
(( أُقسمُ يا عبدَ الجبّارْ
طيلةَ هذا العمرِ المرِّ
ومنذُ عرفتكَ في غيابةِ هذا الجبِ
لم أتبينْ وجهكَ
فاجأني صوتُكَ منذُ اليومِ الأولِّ مسحوناً
بأنينٍ يتخثّرُ فيهِ الموتُ
فتأبطتُ جراحي
قلتُ اصبرْ يا مَلَكَ الضيمْ
وتجرّعْ من هذا السُمِّ قليلاً
فسيأتي حتماً بعضُ السيّارةْ
وسيصرخُ وارِدُهمْ يا بُشرى
فأجابَ الصمتُ
وتوسّدنا الجبَّ طويلاً )).
إذاً كان عبد الجبار تحت التعذيب في أحد سجون الطاغية والمجرم الأكبر الذي أذاق العراقيين الهوان والذل والموت . إنه السجن ـ جب يوسف . يأمل الشاعر ويتمنى أنْ ينقذهما من هذا الموت البطئ منقذٌ كما أنقذت السيّارة يوسف بن يعقوب بإخراجه من الجب . الرجوع مرة أخرى للتراث الديني والتشبث بالأساطير حين تنغلق الأبوابُ وتنسدُّ السبل . طال مكوثُ الشاعر وصديقه الناقد في السجن " وتوسّدنا الجبَّ طويلاً ".
أقتطعُ شذراتٍ من مقاطع هذه القصيدة فالتركيز أفضل وأشد وقعاً من الإطالة والتمدد فوق المساحات :
(( مكتوماً كان أنينكَ
ما لكَ لا تنطقُ أو تصرخُ
كنتَ تعبُّ السُمَّ الأزرقَ من أشواكِ الجب
....
دعنا نرحلْ يا عبد الجبار
فلقد أنهكنا هذا الجبُّ العقربُ
...
كحّل عينيكَ ودعنا نرحل
أوكان لزاماً أنْ تحرقنا الكلماتُ
وأنْ توقدَ في الجسدِ التنورَ
...
كيف سنخرجُ ؟
قلتُ اصرخْ يا عبدَ الجبّار
فلعلَّ حبالاً تمتدُّ
وامتدّت
أغرقنا الطوفانُ وأودعنا في جبٍّ أعمق
...
وابيّضتْ عيناكَ
وجاءوا بدمٍ كَذبٍ فوق قميصكَ يا عبدَ الجبّار
وقالوا عذّبهُ الترحالُ كثيراً
عذّبهُ الرفضُ كثيراً
وأنتَ تصارعُ في هذا الجبِّ كواسجًهُ
وتمدُّ حروفاً من نورٍ كي تشرقَ شمسُ الكلمات
تشرقُ شمسُ الكلماتِ
ولا أحدٌ يسألُ عن عبد الجبار
..
ساعدكَ اللهُ أيا عبد الجبار
فما من أحدٍ في هذا العالم
مدَّ إليكَ يداً أو قالَ سلاماً
ما دفعتْ ريحٌ ظهركَ يا عبد الجبّار
وحدكَ كنتَ تصارعُ
كان الهمُّ صليبُكَ
والفقرُ صليبُكَ
والفكرُ صليبُكَ
فتوسّدتَ بهذا الثالوثِ وصار لِجاما )).
علاقة الشاعر بزوجه
رغم الحصار والحروب والجوع وفقد الأحبّة وما أحاق بالعراق من دمار وخراب وموت ومقابر جماعية ... ورغم الميل للخمرة والسكر وقول الشعر ... ظلَّ الشاعر موفّق محمد مؤدّباً كيّساً لم يتلفظ كلماتٍ سوقية بذيئة مهما كانت حالته النفسية والشعرية . لم يجدّف أو يكفر . بل ظلَّ في غاية الرقة حين اضطرته الحالات إلى الإشارة إلى سياقات جنسية فأشار ورمز وكنّى وتكلم بالمجاز . هل هو متديّن ؟ لا أظن ، لكني أراه متأثراً بالأجواء الدينية ولا من غرابة فدار عائلة الشاعر قريبة من نهر الفرات في محلة الطاق تقابلها حسينية آل وتوت وليس بعيداً عنها مسجد ومقر الشبيبة الحسينية . وفي محلة الطاق دارٌ خصصها السيد جعفر القزويني لملتقى المواكب الحسينية وقراءة التعازي في أيام وليالي عاشوراء العشرة . ومحلتا الطاق والجامعين ملأى بالحسينيات وقبور الأولياء . لديَّ دليلان على هذا : حفظه للكثير من الآيات القرآنية ثم هيبته واحترامه للمرأة أمّاً ورمزاً . لنسمع ما قال في قصيدة " زوجة الشاعر " التي جسّد فيها مثاله الأخلاقي العالي حين اقترب من جسد زوجه مخموراً فأبدع في رموزه وكناياته ومجازاته هيبةً لجسد زوجه وأدباً فطرياً وُلد معه في صلب طبيعته :
(( تعرفُ هذا العائدَ من عُلب الليلِ
ومن صخبِ الحاناتِ
مملوءاً رعباً ونقاشاً
مُكتظّاً بالأحلامِ المُرّةْ
حاولَ بعد الربعِ الأولِ أنْ يملأَ كلَّ خطوطِ الطولِ
خطوطِ العَرضِ بكبريتٍ
ويفُجّرَ هذا الكونَ ويبني مملكةً الفقراءِ
حاولَ أنْ يسمعَ كلَّ الأصواتِ
وأنْ يشربَ نخْبَ الموتِ الجاثمِ كالليلِ على الطرُقاتْ .
تعرفُ هذا العائدَ مُنقسماً كالرملِ على كفِّ العصرِ
لا يحملُ إلاّ كُتباً وقصائدَ ممنوعةْ
وحنيناً يتفجّرُ كالبركانِ إلى عينيها
تفتحُ بين يديهِ الينبوعَ المتدفّقَ للذّةِ ما بين النهدِ وبين الشفتينِ
يتأرجحُ بين الحلمِ وبين اليقظة
ويُتمتمُ أشياءً لا تعرفها
وتموتُ الرغبةُ في العينين )) .
إشارات وتلميحات بليغة رائعة تصوّر رغبة الزوج المخمور في ممارسة الجنس المشروع مع حليلته ف [[ تفتحُ بين يديهِ الينبوعَ المتدفّقَ للذةِ ما بين النهدِ وبين الشفتين ]] . منعه أدبه وحياؤه واحترامه لأم أولاده من ذكر هذا الينبوع بالإسم ! حتى وهو في بيته وحيداً مع زوجه أو مختلياً بها لم يفارقه ذِكرُ الخمرِ خاصة وقد أتاها مخوراً ربما في ساعة متأخرة من الليل . الطب يقول إنَّ الكحولَ يقوّي الرغبة الجنسية لدى متعاطيه لكنه يُضعف القدرة الجنسية .
الإبداع كثير في أشعار الشاعر موفّق محمد أبو خُمرةْ أو ... أبو خَمرةْ ولا خَمرة بدون خُمرةٍ وتخمير .
إنتهت سياحتي مع ديوان عبديئيل وقد تركتُ الكثير من روائع قصائده لأنتقلَ إلى الجزء الثاني من هذا العرض . عبد إيل تعني باللغة الآرامية ولغات شرقية أخرى عبد الله ، فإيل هو الله ومدينة القدس هي إيلياء . وإسم العَلَم إيليا معروف في الغرب فهو إسم والد زعيم الثورة البلشفية فلاديمير إيليج لينين .. إصل إيليج هو إيليا . كذلك هو الإسم الأول للروائي السوفياتي الشهير إيليا إهرينبورك . بل والإسم إلياس هو من إيليا ولدينا أسطورة خضر الياس ثم إسم العَلَم المعروف في العراق " ياس " والياس نبتة واسعة الإنتشار في العراق رائحتها جيّدة . وأظنُّ أنَّ الإسم ياسين أو يس مشتق من إلياس ! المهم ...
مع المعموري وكتابه " قبعة موفق محمد "
أنتقل الآن إلى إحدى القصائد التي جاءت ضمن كتاب " قُبّعة موفق محمد " للأستاذ ناجح المعموري فقد استأثرت باهتمامي لما فيها من خصوصيات... أعني قصيدة " سرّي للغاية " . إختياري لهذه القصيدة لا يعني أني لم أُعجب بغيرها لكنها فرضت نفسها عليَّ والنفس ألوان وأشكال وأمزجة . ثم ، أجاد الأستاذ المعموري في تناوله لقصائد الشاعر الأخرى عن الحلة ومحلة الطاق وفرات الحلة فكفاني مؤونة التصدي لهذه الموضوعات الطريفة والكثيرة الإغراء لشخص مثلي حلاّوي أباً عن جد ، وسعيدٌ من اكتفى بغيره / قول مأثور .
ماذا في قصيدة " سرّي للغاية " ؟
فيها السخرية اللاذعة التي تجعلُ القارئ يضحكُ ما شاءَ له الضحك . يسخر الشاعر فيها من نفسه قبل غيره كما يسخر فيها من زمانه ومن ظروفه العراقية وكان بعضها قاتلاً وقد عاصر وعاش تلك الظروف من حروب وغزو وحصار ودمار واحتلال . كيف لا يغرق بالضحك من يقرأ :
(( ألمْ ترَ أنْ لاحمارَ في العالم يُشبه موفّق مُحمد
فهو الوحيد الذي يسيرُ على قدمين اثنينِ
عابراً الشوارعَ من المناطق التي يشمُّ فيها جلدَ أخيه الوحشي
لاعناً مَنْ دجّنهُ
فهو يخافُ الحكوماتِ
وهذا وحدهُ كافٍ لتتويجهِ مَلِكاً رغمَ أنه يكرهُ الأضواءَ
فلم يقف شامخاً مُبرطِماً على قاعدةٍ أُسقِطَ صنَمها
مُحذّراً الجماهيرَ بعج الذي ذاقتهُ الآن
أنْ لاتفتدي بِدمها أيّاً كان
راسماً بأُذنيهِ علامةَ النصرِ
لاطشاً ذيلَهُ بين إليتهِ خَجلاً
من القادمين الذين عانوا الأمرّين في المنافي
...
دعْ الحمارَ طائراً فوق بساط الفيسيفساء الذي أنضجوهُ حتى احترقَ
ليهبطَ حالماً بالسترِ والأمانِ
وهو المربوطُ إلى العربةِ مُذْ كان جحشاً
بريئاً لاهياً لا يعرفُ معنى القطعة المُعلّقة في رقبتهِ
وهو يسيرُ جَنبَ أخيه الأكبر
الحيوان تحت التجربة
وقد صقلته التجاربُ حلوُها ومُرّها
فانفردَ بالعربة
.....
ولم يفرحْ إلاّ مرةً واحدةً
حين قرأ على جدارٍ آيلٍ للسقوطِ البولُ للحميرِ
فماتَ تحته قبلَ أنْ يُفرِغَ ما في رأسهِ من سموم
يشربُ صِرْفاً نخبَ عذاباتِ لم يذُقها
وهو يجلسُ على عجيزتهِ غَرِداً طَرِباً
ماسكاً بيمناهُ بُطلاً من تشريبِ التمر الذي صنعه بيدهِ
بجهاز تقطيرٍ لم تعِرهُ لجانُ التفتيشِ إهتماماً
فصنع منه ما صنعَ من أسلحة الدمار الشامل ))
هل ترك الشاعر أبو خُمرة أمراً لم يذكرهُ مما مرَّ على العراق من مصائب وكوارث ومِحَن ؟ حوّلته الكوارث إلى حمار من باب الإحتجاج على ما لا يستطيعُ ردّه أو الوقوف بوجهه . لم يكن وحده في هذا [ الإستحمار ] إنما ضرب من نفسه مَثَلاً ليس إلاّ . إستحمرَ الجميعُ لأنهم قبلوا بما جرى واستكانوا للحاكم الغاشم والدموي المستبد الذي ساقهم للموت والحروب والحصار والجوع فما الذي يميّزهم عن الحمير ؟ إنه صوت عالٍ صارخ ـ ناهق فهل يا ناسُ مَنْ يسمعُ ؟! هنا يؤرّخ الشاعر لإسقاط تمثال صدام حسين في نيسان 2003 من فوق قاعدته في منتصف ساحة الفردوس في بغداد ، وقد رأى  العراقيون هذا المشهد على الفضائيات في حينه .. ويُحذّر العراقيين أنْ لا يؤلّهوا حاكماً آخر يفتدونه بدمائهم كما كان الشأن مع صدام حيث كانت هتافات بعض الجماهير ( بالروح بالدم نفديك يا زعيم ) . من صور الشاعر الساخرة النادرة [[ راسماً بأُذنيهِ علامةَ النصر ]] . وهذا هو واقع حال آذان الحمير والخيول فإنها دوماً ، تقريباً ، مُنتصِبة للأعلى كما يصنع أحدنا علامة النصر بسبابته ووسطاه لتشكيل الحرف الإنكليزي
V = Victory
الذي يعني النصر .
لم يترك شاردةً أو ورادة إلاّ ومسّها خفيفاً أو ثقيلاً . إنشغاله بسقوط صدام وفلسفة الحمير لم يُنسيانه ذكرَ العراقيين الذي غادروا أو أُجبروا على مغادرة العراق ولا سيّما الأدباء والشعراء منهم حيث شاعت فكرة أدباء الداخل وأدباء الخارج . يشعر الشاعر بالخجل من هؤلاء المغتربين ويقرر أنه لا رأيَ له بمسألةِ أدب الداخل والخارج
(( لاطشاً ذيله بين إليتيهِ خجلاً
من القادمين الذين عانوا الأمرّين في المنافي
...
فلا رأيَ له بأدب الداخل أو الخارج )) .
لم يفرّط بحق أحد من أعضاء الفريقين ... إنه صديق الجميع وإنه حبيب الجميع . كما لم تسلم من سخرية لسانه لجانُ التفتيش الدولية التي كانت تبحث سُدىً عن أسلحة الدمار الشامل وألحّت وألحت حتى أضجرت العراقيين وأسأمتهم . وكما عرفناه جاءت سخريته عميقة المغزى قوية التأثير
(( ماسكاً بيمناهُ بُطلاً من تشريب التمر الذي صنعه بيدهِ
بجهاز تقطير لم تعرهُ لجان التفتيش إهتماماً
فصنع منه ما صنعَ من أسلحة الدمار الشامل ))
تستحقُ لجان التفتيش والتجسس ومن وقف وراءها مِن وراء البحار والمحيطات .. تستحق ما هو أكثر من هذه النماذج الساخرة .
نمضي مع إبداعات موفّق أبو خمرة وكشوفاته في فنون السخرية غير المسبوقة . قال مُغنيّاً شعراً شعبياً من نظمه ، حسبما أعتقد ، يضج بالسخرية وتتنوع فيه صور ولوحات بليغة كأنها ملوّنة مُشتقة من عالم وطولات وطبائع الحمير والجحاش أو الجحوش . نفّذَ حفلته أمام جمهور أصغى له ثمَّ :
(( فألهبَ الجمهورَ وصفّقوا له كثيراً
وخرجوا وهم يحملونه على أكتافهم هاتفين
[ لو نعرفْ إنتَ بيا طولة ]
...
لم يخلّفَ أحداً
رغمَ فحولتهِ التي يمكنُ أنْ يقفَ عليها
مُستغنيّاً عن قوائمهِ الأربعة
يخرجُ وحيداً عارياً كما خلقه اللهُ  )).
الطولة هي الأسطبّل لمن لا يعرف معناها . هل استمتعنا بصورة بالغة الجدّة شديدة التأثير وقوية الدلالة كمثل ما قال في سطرين إثنين فقط هما (( رغم فحولته التي يمكن أنْ يقفَ عليها / مُستغنياً عن قوائمه الأربعة )) ؟ هل تحتاج هذه اللوحة إلى تفسير أم أنَّ معناها فيها غير خافٍ وإشارتها أقوى من البرق الخاطف . ثم :
(( فعلامَ خروجكَ يا صاحبي !؟
قالها أخٌ لم يفارقْ طولته منذُ سقوط العهد الملكي
أنا أفكّر إذاً أنا ديخْ )).
يُذكرني السؤال : فعلام خروجكَ يا صاحبي بما قال أحمد شوقي في أوبريت مجنون ليلى [[ ماذا وقوفكَ والفتيانُ قد ساروا ]]. يبقى التساؤل المشروع عن قصد الشاعر بالأخ الذي لم يفارق طولته منذ سقوط العهد الملكي ! هل يقصد العقائديين ممن ثبتوا ولم ينكسروا ولم يخونوا ؟ أيقصد نفسه إذْ حافظ على موقعه اليساري ودفاعه عن الفقراء والمستضعفين في الأرض ؟ لكنه يلمز هذا الأخ لأنه مفكّرٌ وثائر أو ثوري إذاً هو في نظره حمار آخر .. ديخ .. أي لا يتحرك إلاّ بنهره وزجره بعبارة ديخ الشائعة خصوصاً في الحلة وضواحيها وأريافها . أم أنا على ضلال في تفسيري ؟ أرجو ذلك . للحركة في السياسة نظريات وتأويلات وكذلك للسكون والثبات . لمن الأفضلية .. للمتحرك أم للثابت ؟ للثابت في حركته أم للمتحرك غير الثابت ؟ على أية حال ... مَن استعمل قبل موفق كلمة " ديخْ " ؟ القديمة التي ربما تعود أصولها للسومريين أو البابليين أو أنها كلمة آرامية صابئية . على الصفحة 143 موجز للتأريخ السياسي والوظيفي للشاعر أبو خُمرة يكشف فيه معاناته ومحنته زمان البعث وما بعد البعث وهو قليل من كثير لم يشأ أنْ يكشفه للحليين ولعموم العراقيين.
أقدّر في الختام جهود الأستاذ ناجح المعموري في نقده وتحليله لقصائد الحلة في أشعار صديقه موفّق محمد أبو خمرة .. أخص منها بالذكر قصيدة غَزَل حلّي و قصيدة شمس الحلة ثم يا حلّة وأخيراً قصيدة محلّة
الطاق .
(( تحفّظ غير خطير الشأن )) .
طه باقر والشاعر من محلة الطاق .. نعم . لكنَّ البصير وعلي جواد الطاهر وعبد الجبار عبّاس .. كلاّ ! الراحل الطاهر من محلة جبران [ عكد المُفتي ] ودار ذويه قريب من دار أهلي في هذا العكد القديم الشهير .
إنها تذكرة للأستاذ ناجح المعموري / الصفحة 78 من كتابه " قبعة موفق محمد " .
*
ناجح المعموري / كتاب قبعة موفق محمد . منشورات تموز ، دمشق ، الطبعة الأولى 2012 .
**
موفق محمد / ديوان عبديئيل ، طباعة وإخراج قوس للطباعة ، كوبنهاكن ، الطبعة الأولى 2000

CONVERSATION

0 comments: