بوليفارية تشافيز ومناهضة الامبريالية/ زهير الخويلدي

"أعرف أني تركت قلبي في جذور هذه الشجرة... اشعر أني مثلكم عربي..."
فقدت الانسانية  في نهاية الأسبوع الأول من شهر مارس 2013  بعد صراع طويل مع المرض العضال  سياسيا اشتراكيا فذا وزعيما تاريخيا لأمريكا اللاتينية وهو الرئيس الفنيزويلي هوغو تشافيز وقد عُرِف عنه مناصرته اللاّمشروطة للديمقراطيات الشعبية والمباشرة في العالم ودعمه لقضيا التحرر الوطني وانحيازه الى الطبقات الفقيرة والمحرومة وايمانه العميق بالعدالة الاجتماعية والمساواة بين الأمم والأعراق والثقافات ودعمه الكبير للمجتمعات التائقة نحو الانعتاق من بطش الدول الرأسمالية.
لقد كان البوليفاري قائد كل اليساريين والاشتراكيين والشيوعيين والقوميين العرب وكان رمزا لكل الثوريين وقد أحبه البسطاء والطيبون وذلك لقربه من الناس والتحامه بالجماهير وحبه للمثقفين والتزامه بالقيم الكونية ومناهضته الشديدة للسياسات الامبريالية واالصهيونية في العالم. لقد كان الكومانديتو ثوريا أمميا عابرا للقارات والدول ولا يعرف المذاهب والحدود والأحزاب يحمل كل الجنسيات ويكلم الناس بكل اللغات ويفهمه الطفل ويقتدي به الشاب ويرتاح له الكهل ويبستم له الشيخ وتعشقه الجميلات ويتمنى رفقته الطلاب وينهل من توجيهاته المفكرون.
 لم يكن تشافيز صهر العرب وصديقهم فحسب بل كان نصيرا لهم في وقت الضيق وسندهم في السراء والضراء ومدافعا شرسا على حقوقهم ومعرفا بعدالة قضاياهم بين الأمم ومنظرا لتحالف سياسي استراتيجي معهم ومحبا للفلسطينيين وسيادة دول العراق ولبنان وسوريا في أزمنة الحرب والسلم. يوصف هوغو بأنه مقبل أيادي شعبه وأن فشل الانقلاب العسكري عليه الذي دبره الرأسماليون والبرجوازيون كان بفعل الثورة الشعبية التي اندلعت في كافة أرجاء فنيزويلا وأطاحت بالانقلابيين ومنعت مخططهم وأعادت الشرعية البوليفارية من جديد الى سدة الحكم. لقد حسم البطل الاشتراكي معركته مع صندوق النقد الدولي والدوائر الاستعمارية وأمم موارد النفط وقضى نسبيا على البطالة والفقر والأمية والمديونية ووفر التعليم المجاني والعلاج الجيد والغذاء الصحي والسكن اللائق للناس. في الواقع هو من طينة عظماء الانسانية ومن الأشخاص الذين يحترمهم الجميع من كل الملل والنحل حتى من يختلف معهم ومن الذين يحظون بالتقدير والإعجاب على مواقفهم التاريخية ومنجزهم الثوري بالنسبة الى شعوبهم وعدائهم الواضح لمصاصي دماء الفقراء والمرابين. بالرغم من الضغوطات التي تعرض لها من تشويه اعلامي وتضليل وخداع وغدر الا أنه بقي ثابتا في مواقفه من المقاومة الباسلة وصامدا في مواجهة سلطة رأس المال ومحاربا شرسا لكل أشكال الفساد والاستغلال ومشهرا بسياسات العولمة المتوحشة.
لقد استطاع الثائر الزاباتيستي أن يحفر اسمه في قلوبنا الغاضبة وينقش سيرته في ذاكرتنا الجماعية بحيث لا تقدر نوائب الدهر وغبار الزمان من محوها بسهولة.
كاتب فلسفي

CONVERSATION

0 comments: