همسات مصرية تعيش فى باريس: وما نيل (الديمقراطية) بالتمنى/ ليلى حجازى

لم يعد خافيا على أى مواطن مصرى بان الإصلاح ليس عملا سياسيا فحسب بل عملا حضاريا شاملا يتناول المفاهيم والأفكار وان الإصلاح الديمقراطي الحقيقي شيء مطلوب ومرغوب لنضع مصر على (التراك) لتنطلق نحو مستقبل افضل نتمناه لها جميعا، والشعب المصرى الآن وبعد قيام ثورتين متتاليتين فى فترة زمنية قليلة أصبح يدرك أهمية الحراك الثورى فى القضاء على النظم المستبدة وإحداث التغيير السياسي في المنطقة العربية بل والعالم بأثره هذا بالإضافة إلى أن الإصلاح وتحقيق الديمقراطية عملية تحتاج إلى استمرارية واستدامة, ذلك لأن معالجة معوقات النهضة وبالذات في الإطار الاجتماعي لا يمكن أن يحددها سقف زمني محدد لكونها تمس القيم والأفكار وطرق التفاعل الاجتماعي فى المجتمع، ومن ناحية أخرى ندرك جميعنا أنه من الصعب تحقيق النجاح على جميع الأصعدة فى وقت واحد لكن المهم في كل مرحلة التشخيص العلمي والسياسى للواقع وتشخيص المشاكل التي تتطلب فعلا إصلاحيا جذريا وسريعا خاصة تلك التى تهدد وحدة وسلامة المجتمع ويمكن أن تجره إلى الفوضى والاحتراب مما يسهل على المتربصين بوطننا سواء فى الداخل أو الخارج الهيمنة والسيطرة على مجتمعاتنا. من جانب آخر، فلا بد أن ندرك أن الإصلاح عملية صعبة ومعقدة وتحتاج إلى نفس طويل, فالإصلاح ليس عملية ارادية تحدث بمجرد الرغبة في تحقيقها بل هي عملية شاقة وطويلة وإذا كان الشاعر العربى الكبير ابراهيم ناجى شاعر الاطلال الخالدة قد قال ومانيل المكطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلابا فاستطيع أن أستعير شطرا من هذا البيت بقليل من التصرف وأقول :ومانيل الديمقراطية بالتمنى.
لقد أصبح المواطن المصرى أكثر إطلاعا وأوسع آفاقا، وعلى علم بكل ما يجري في العالم من أحداث، وبالتالي أكثر معرفة بواجباته وأكثر مطالبة بحقوقه، لذلك فانه لا يقبل بأقل من الحصول على حقوقه كاملة غير منقوصة, تلك الحقوق التى تحرك من اجلها فى ثورتين كبيرتين. وهذا لن يتحقق بسهولة ولكن يحتاج الى طريق طويل من الاصلاح . واول هذا الطريق الاصلاح الفكرى للمواطن من خلال التوعية الاعلامية والثقافية . ومن ثم الاصلاح والديمقراطية بالنسبة للشعب المصرى الآن لم تعد فقط أسلوب الحكم، بل ممارسة سلوكية واسلوب حياة، كذلك فالاصلاح السياسي أيضا له مقومات أهمها البعد التشريعي، فلا ديمقراطية وأصلاح بدون قوانين عصرية حديثة تراعي متطلبات التحديث والعولمة ورغم أن العبرة ليست بالقوانين بل بدرجة تطبيقها والالتزام بها، أما غياب القوانين الديمقراطية أسوأ بكثيرمن وجودها مع عدم الالتزام بها. فاقرار التشريعات أكثر صعوبة من تفعيلها.وإذا كان لكل مجتمع خصوصيته وتركيبته وظروفه الاجتماعية الخاصة فإجراءات الإصلاح التي يؤمن بها الشعب المصرى تكمن بالمشاركة الفعالة للمواطن، فى الانتخابات بشرط ايجاد قوانين تضمن نزاهتها وحيادها، وتطبيق سيادة القانون الأخذ بعين الاعتبار توصيف القوانين التى تنحاز  للفقراء وتحميهم من الاستغلال والاحتكار.كما لايفوتنا فى هذا الصدد التأكيد على ضرورة اقرار القوانين التى تساند الاطراف الضعيفة فى المجتمع حتى يشتد عودها مثل المرأة المعيله والأطفال والمعاقين ، بحيث تسير بالتوازى مع محاربة الفساد، وإقرار مبدأ اللامركزية بهدف توزيع عادل للسلطة ولمكاسب التنمية على مستوى الإقليم.
ان الديمقراطية هي البوصلة التى تمكنا من تحديد الأولويات لمفهوم الإصلاح وبمعنى تبرز على سبيل المثال حرية التعبير كأهم أدوات الديمقراطية فإذا لم يكن هناك فى المجتمع حرية للتعبير فكيف لأى نظام أن يتعرف على الخلل ليقوم بإصلاحه ؟ وكذلك الرقابة على أداء الحكومة من أدوات الاصلاح والدبمفراطية فإذا لم يكن هناك رقابة يصعب على الحكومة تقييم وتقويم ومحاسبة المقصرين، فالديمقراطية أفضل آلية تساعد المجتمع والدولة على التغيير للأفضل، الديمقراطية غاية وليست وسيلة حتى يمكننا الارتقاء بالعمل السياسي والاجتماعى في النظام الحاكم الذي يعادل فى أى نظام سياسى نفس الدور الذى يقوم به القلب فى جسد الانسان تلك المضغة التى إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله, اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد 

CONVERSATION

0 comments: