حدوثة رعب مصرية ـ الجزء الرابع/ فراس الور

فجاة أشَرت نادية بيديها فانطلق الرجال محاولين الامساك به و لكن يداهم مرت من خلال جسده كما تمر في الهواء الطلق فدوت في الحديقة صيحات الهلع و الخوف من الجمهور، و هم بعض منهم بمغادرة الفيلا و البعض الاخر احاط ببولس و عائلته محاويلين تهدئتهم.  
ذهب الرجل و اختفى في سواد الليل الذي كان يحيط بالبوابة الذي اتى منها، فلحقه بولس و هو يقول "والله ما رأيت أغرب من هذا!"
فقال احدهم لجاكلين "اطلبي من الكاهن ان يصلي عليها،" و قال آخر "ربما يكون من صنع لها عمل او حجاب، سأقراء عليها القرآن" 
أعلن مرقس للجمع "أرجوكم تصرفوا كأنه لم يحدث شيئ، فلن ندع عجوز ساخر يعبث بأمسيتنا." 
عاد بولس و صياحه يدوي في الحديقة من الصدمة "مرقس! نادية! البوابة مغلقة و حتى يعجز اي شاب يافع ان يقفز من علوها!"
 لكن بالرغم من محاولة صاحب الحفل تهدئة ضيوفه إلا انه في خلال نصف ساعة غادر الجمع الفيلا و بقيا بولس و نادية لوحدهما يفكران بتفسير للذي قاله العجوز.

"1/oct/2013"  الجمعة، بورتو مارينا، ميناء حورية مرسى علم :003 صباحا
جلس مرقس على الكنب داخل يخته الخاص الذي كان راسياً في الميناء السياحي في مرسى علم يستمتع بالهدوء المهيمن على الاجواء البحرية الرطبة، فلم يسمع شيئ الا اصوات الامواج الهادئة و هي تغازل الشواطئ الازلية بين الفينة و الاخرى، حتى اليخوت المحيطة كانت ساكنة من دون حراك لحسن حظه، فكان بحاجة للراحة بعد السفر بطائرته الخاصة من القاهرة الى مرسى علم و للتفكير الطويل بمجريات الحفلة الصاخبة التي انتهت مع ما جلبته معها من مفاجئات منذ ساعتين. بالفعل كانت غريبة جدا و الرجل العجوز كلامه مريب، ما هو المدفون تحت الرمال الحمراء يا ترى، و هل هذه الرمال هي صحراء وادي رم؟ كان له اصدقاء كثر في الاردن و كان يسمع منهم كيف ان هنالك مناطق بها الذهب العثملي و الرصد الذي كان يحرسه و كيف ان هذه المناطق بكر و لم يتم استخراج ذهبها بسبب الرصد السحري، ربما كان هذا الرصد السحري للذهب الفرعوني المزمع ان يخرجه الجنرال؟ و لكن لا...لا يجب ان يكون ضعيفا فالذهب اذا استطاعوا استخراجه سيباع باثمان كبيرة جدا. 
"يا جنرال، هيا اسرع وسافر الى الاردن فحين عودتك انت ورقة شايب محروقة في لعبتي؟ الا تعلم انني أص موتك،" الغبي ما كان يعلم بما يخبئه له قدره عندما ينتهي من العملية، صحيح انه ذو خبرة عسكرية عريقة و خدم الجيش المصري بكفائة تامة، و الأوسمة التي يرتديها في الحفلات الرسمية كانت تزين صدره بالكامل من كثرتها، ولكن عملهم كمافيا مختلف تماما عن ادارة الثكنات العسكرية، خبرة الجنرال العسكرية لن تفيده بشيئ، فعملهم يتطلب الحنكة و الفطنة و المكر، فلولا العيون الروسية التي كانت تراقبه على مدار الساعة لكانوا جميعا في خبر كان، أه يا جنرال كم انت غبي فلولا آيفن كانت العميلة السرية أودت بنا الى الجحيم. 
عندما قررت السكرتيرة السالفة ترك عملها لمتابعة عقد عمل آخر في شركة أخرى قام رؤوف بالاعلان عن الشاغر في الجرائد الرسمية كما كانت ستفعل اي شركة في مكانه، و بعد عشرات المقابلات مع المتقدمات قابل واحدة ذات كفائة و خبرة عالية، كان اسمها الهام ابوالذهب و كانت حاصلة على شهادة سكرتارية من اعرق المعاهد في القاهرة كما ان خبرتها كبيرة في مجال المراسلات، قام بتوظيفها بسرعة و خلال فترة الشهر الاول كانت تقوم بعملها بالصورة المعهودة لأي سكرتيرة نشيطة، و لكن حدث طارئ لفت انتباه آيفن، فبعد وصول الشحنة المعتادة و قبل نقلها الى المستودعات من الميناء كانت الهام جالسة في مكتب الجنرال حيث كان يملي عليها نص مراسلة و كان آيفن موجود معها في المكتب على وشك الانطلاق بمأمورية كلف بها، و لكن رن هاتف رؤوف النقال و عندما اجاب قال بصوت عال مرحبا "أهلا ايها النقيب،" فتلفتت عليه ليلى بحركة عفوية و كأنه يناديها، فارتبكت قليلا ثم تابعة عملها كالمعتاد، لفتت انتباه آيفن هذه الحادثة و حيث انه بكل مكر أخفى في هذه اللحظة انه انتبه لحركتها العفوية لم تشعر ليلى بأي خطر و انه تنبه أحد لما جرى، و في خلال دقائق قليلة قام بأخباره بالمجريات، ثم أخبر الجنرال بالحادثة و قاموا بفصل الكوكايين عن السكر، فتثبتت شكوكهم عندما هاجمت الشرطة الشحنة المنتقلة الى القاهرة و لم تجد شيئا.
فقام الجنرال بحبس ليلى و حصل على ملفها من خلال علاقته الشخصية في السلك العسكري، فكانت نهاية سريعة لها، لا شك ان الجنرال كان ذكيا بالطريقة التي تخلص بها من الجثة و قويا في تحذير الدولة من الاقتراب منه و اعماله، و لكن امره قد اكتشف و فقد مساندة المجموعة له مع كل أسف. 
نظر الى ساعته و اذ بها تشير الى الثالثة و عشرة دقائق صباحا، ستأتي بعد ثلث ساعة من الان، كم كان الترقب يشعل ذاته باللهفة فعندما رآها في حفل لصديقه سالم في الاردن أكد صديقه انها ستلبي كل طلباته فكانت جميلة و جذابة و ذات خبرة عالية و في الخمسين من العمر كما كان يحب، كان معتاد على امراة مصرية لتلبية احتياجاته الا انه لاول مرة سيكسر الروتين و سيجتمع مع امرآة أردنية، و الرائع بالموضوع ان زوجته ستغيب لاسبوعين كاملين لتساعد صديقتها في تحضيرات زفافها في فرنسا و لتحضر حفل الاستقبال، بالرغم من حبه لزوجته و التي كانت من عائلة ثرية و ابنة الملياردير المعروف حكمت شكري مالك مجموعة شركات عالمية للازياء و العطور الا ان في هذه اللحظات كانت تنطلق حرياته الجنسية بلا قيود و خجل، فالنساء الذي يأتونه كانوا يأتون لأمتاعه بنقوده، و كانوا ينفذون بلا نقاش كل طلباته، و بعد اشباع رغباته الجنسية كان يبارح اليخت لتبقى اسراره في طي الكتمان داخل الجدران العائمة، فيجب ان يبقى هذا السر بعيدا عن زوجته خوفا من غضبها هي و عائلتها، ناهيك عن اخوتها الثلاث و عن المشاكل و الشجار معهم.  
تعرف علي نادية بالصدفة حين سافر الى فرنسا و دخل شركتهم طالباً ان يكون الموزع الرسمي لبعض من عطور شركتهم في مصر، كان حينها مالك لشركة متوسطة لا يزيد رأس مالها عن نصف مليون دولار و كان الطموح و الرغبة في الانجاز يغلي بعروقه، فحينما قابلها في مكتبها دق الحب ابواب قلبهم و ما كان بنادية في نهاية الاجتماع الا كل اصرار و رغبة في ان يتعرف على اباها و اهلها لتوقيع معهم شخصيا العقود، و بعد هذه الحادثة باسبوع تلت بضع مكالمات هاتفية و زيارات بينهما ليستقر بهم الامر الى الخطبة و الزفاف بعد ثلاثة اشهر. 
لم توفر نادية جهدا في تعريف مرقس على كل معارف اهلها في فرنسا و مصر و الذين كانوا يتمتعون بالنفوذ و المال، فبعد زواجهما و في الحفلات التي كانوا يقيمونها كانت المصالح و النقود تلتقي لتيسر امور اجندة اعماله، و في غضون العامين قام بتأسيس شركتين كبيرتين ليصبح في رصيده ثلاثة شركات كبرى، الاولى كانت لتوزيع العطور و الثانية للاستيراد و تصدير المواد الغذائية و الثالثة لتصنيع و بيع المنظقات المنزلية، اما الرابعة فكانت اكبرها و هي مصنع لصناعة السيارات مع صديق خليجي، كانت شركاته بفضل علاقات زوجته تنموا و تكبر و لكن ولعه للمال كان لا ينتهي فدخل بغير علم زوجته في مافيا سرية لتجارة و بيع المخدرات و التحف المسروقة، و بفضل هذه التجارة وصلت حساباته الى ربع مليار دولار، و لكنه حوت صغير بالنسبة لعمه والد نادية فاذا غضب منه سيجد مليون طريقة لتحطيمه و عقابه.
فجأة سمع اصوات طقطقت نعل نسائي على مدخل اليخت الكبير، قام و توجه الى الباب و فتح مرحبا الى ان الصدمة خرست لسانه و اردته واقفا كتمثال حجري في مكانه لبضعة ثواني، دخلت بكل ثقة لتنشر عطرها من حوله فأغمض عينيه و لوعة الإشتياق تنتشر في كيانه، شعرها البني الطويل الذي كان يتراقص يمنتا و يسارا خلف ظهرها كان يبرحه كالسياط الجالدة آلماً و يوقد نار الرغبة به، جلست بكل هدوء على كنب اليخت، كانت ترتدي قميص احمر و بنطال اسود و نعل كعب عالي انيق، كانت اول ثلاثة ازرار من قميصها غير مربوطة مبينة جزء يسير من صدرها و كان بياض بشرتها يلمع تحت اضواء اليخت الانيقة، كانت عيون رغدة السوداء مليئة بالغضب فقالت آمرة "اذهب و حرك اليخت الى عرض البحر."
استجمع قواه بعد دقيقة صمت و قال بإرتباك "هنالك ضيفة ستأتي."
"لن تأتي، اذهب و حرك القارب."
في خلال ثوان معدودة كان اليخت الكبير يتحرك في عرض البحر و كانت المسافات بينه و بين اليبس تكبر، "ما هذا التغير المفاجئ في الخطط يا ترى؟" رغدة كانت امرأة ذات شخصية قوية و قادرة ان تفعل ما تريد، فصديقها كان رجل الاعمال الخليجي الذي كان سيفتح معه الشركة و ما كان يريد اية شوشرة معه او على مصالحه، السياسة مطلوبة بعمله و سرعان ما كان سيعرف ما المقصود بحركتها، بالنهاية اردنية او مصرية او لبنانية كانوا بالنسبة اليه كالسلع و لكن رغدة بالذات كانت امر مختلف.
اوقف محرك اليخت و ارسى مرساته، نظر الى الافق فما كان واضحا من الميناء الى اضوائه و التي اضمحلت بالمسافات الى نجوم صغيرة متلألئة، توجه مرة أخرى الى الصالة مبتسما، كانت واقفة عند البار تشرب الجعة و رائحة عطرها الوردي منتشرة في الاجواء، امرأة بقمة حسنها بالرغم من انها في السابعة و الاربعين من العمر، سأل محاولا تلطيف مزاجها المعكر "انا اعرف هذا العطر الرائع، اليس الف وردة و وردة؟"
التزمت الصمت، فسأل مرة أخرى "ماذا دهاك يا رغدة؟"
انزلت الكوب من يدها بعصبية و صفعة البار براحة يديها، استدارت بغضب قالت"انت جبان، الا تتذكر ماذا فعلت بي في آخر مرة التقينا؟"
تذكر مرقس و ابتسم، ثم قال محاولاً الشرح "لا تلوميني فزوجتي أنهت زيارتها بسرعة،"
فقاطعته مجادلة "عندما اتصلت بي و ترجيتني قمت بالغاء موعد مع زبون مهم لاجلك و من ثم بعد وصولي بيوم الغيت موعدنا على الهاتف و لم تدفع لي شيئا. لم تأتي لزيارتي حتى."
قال محاولا تلطيف الموقف "ارتبكت من قدوم زوجتي، لا تنزعجي مني."
"حسابي في المرة السالفة مع الحاضرة عشرة الاف دولار،"
ضحك مرقس مستهزئا "بدل عطل و ضرر يعني."
قالت متوعدة "بما انك منتظرا امرأة غيري و مزاجك يناسب الاجواء المعهودة سأحسن عقابك."
اقتربت منه و نيران الغضب تشتعل في عينيها، خلعت نعليها بهدوء ثم فكت الحزام و سحبته عن خصرها، بدأت بفك ازرار قميصه ثم نزعته عن جسده و ألقته بعيدا، تحول مرقس الى طفل صغير بين يديها و بدأت ذكريات معاملة زوجة ابيه الحازمة و حزامها القاصي في طفولته و مراهقته تعود الى ذهنه، فكم مرة ذاق من عقابها المر، أضافر قدمي رغدة كانت دائما مزينة بطلاء الاضافر الاحمر و كذا اضافر يديها و كان خصرها النحيل المغري و حزمها يشبعانه برغبة جنسية متوحشة فركع فجأة عند قدميها و قبلهم طالبا الرحمة، إبتدأت بازالت قميصها عنها و لكن قبل أن تنزعه كليا حاول تقبيلها، فسرعان ما احس بجلدة حارقة على ظهره العاري، صرخ من الام بشدة و جلس على الارض ناظرا اليها فوبخته قائلة "هل سمحت لك بلمس جسدي؟"
"انا اسف يا سيدتي انا خادمك الرحمة."
سارت حوله كالغزال الرشيق بقوامها الطويل و انزلت جلدتان سريعتان قاصيتان على ظهره فاردته يصرخ و يتلوي من الوجع على الارض.
"بدلا من ان تدعوني مرة أخرى و تعوض لي خسارتي تتركني و تطلب امرأة ثانية يا كلب."
صرخ بولس باكياً كالطفل من شدة ضربها "ارجوكِ سامحيني، لن أعيدها ثانية"
نظرة رغدة الى علامات الجلد الحمراء الظاهرة على جسده و أحست ان نارها بدأت تنطفأ، خسارتها كانت خمسة الاف دولار و لكن عرفت كيف تأخذ ثأرها من هذا الكريه، "مادمت تحب الجلد من النساء فالتأخذ ما يكفيك مني،" فرفعت الحزام و انزلت على جوانب ساعديه جلدتان فنهض عن الارض و هو يفرك ساعديه من الوجع و هرب من امامها الى زاوية الصالة و صراخه يدوي في اليخت "سادفع لك ما تريدين!"
جلست رغدة على كنب اليخت و هي تتنهد بسرعة من المجهود الذي بذلته، فكت ازرار قميصها و نزعته كليا لتبقي في البنطال و الصدرية فقط، أشعلت سيجارة و أخذت نفساً عميقا منها، نظرت اليه بابتسامة و هو يبكي من عقابها، فكان ينظر اليها بين الفينة و الاخري و عيونه تشع رغبة لها، حاول ان يسرق حقها فاستغلت نقطة ضعفه و أعطته ما يستحق و لكن ايقظت في داخله ما سيجبرها ان تمضي الليل معه، ايقظت رغبة جنسية متوحشة لن تطفأها الى القبلات و ممارست الغرام. 
لم تكن رغدة لتسلك في طريق الحرام لولا فقر بيت أبيها التي تربت فيه و الجوع الكاسر، ففي ليلة لم يكن لها قمر منير انقطع الزاد من بيتها و كانت والدتها و والدها المريضين جالسين في البيت لا حول لهم ولا قوة، و كانت بكر ثلاثة أخوة مازالوا في المدرسة، و رغم انها كانت في العشرين من العمر خرجت في تلك الليلة و هي ترتدي جلبابها البالي تمشي في شوارع القاهرة تستعطي و تشحد العطف و المال من الناس، و لكن مرت ساعات لم تنال فيها الا ما يكفيها لوجبة خفيفة، و قبل ان تشتري حتى لقمتها توقفت عندها سيارة امريكية الصنع فاخرة يقودها رجل يطلب منها ان تصعد، مضت بضع ثواني و هو يترجاها و لكن فكرة ان تعود الى المنزل و جيبها فارغ حطمتها، فاقتربت منه و شرحت له ظروفها و طلبت منه الحسنة، و لكن اصر ان تصعد معه، فأخذت قرارها و صعدت بالسيارة و رغم هذا رفض ان يعطيها اي مال قبل ان تذهب معه الى منزله، فالبرغم من قدرته على اعطاء الحسنة من غير مقابل الا انه فتك بشرفها قبل ان يعطيها ما تحتاج،  فكانت هذه الليلة الملعونة التي قصت بها عليها ظروفها و بطش بها اهل الملايين بنواياهم السيئة. 
كذبت على اهلها و شرحت لهم انها وجدت العمل بفندق فاخر لتفسر رجوعها الى المنزل متأخرة في الليل، و ليلة بعد ليلة اصبحت تكسب المال الوفير و اكتفى بيتها من الطعام و اغرقت اهلها بالهدايا و اللباس الثمين، فتحسنت صحة امها و اباها و اكملوا اخوتها المدرسة و لكن اقسمت بشرفها الضائع الذي اصبح سلعة عند ذوي المادة ان تكسب الكثير كي لا تعود الى ايام الفقر من جديد، و ها هيا في السابعة و الاربعين من العمر و عظام ابويها مدفونة تحت التراب و اخويها موظفون و متزويجين من فضلها عليهم و ينعمون بالراحة مع عائلتهم، و لكن كانت كبش الفداء و ما زالت تنتقل من زبون الى آخر لا لإنها معوزة ماديا و لكن لان الحياة لم تعلمها مهنة ثانية لكسب لقمتها، فإذا الحياة لم تسامحها و الأغنياء حرموها يد العون فلماذا تسامح مليونير مثل مرقس في حقها. 
نظرت اليه مبتسمة و قالت بنبرة حنونة كما يحب دائما "تعال اليً يا حبيبي، هيا،"
اقترب منها ببطئ فضمته اليها بعطف الأم على ابنها قائلة "في المرة القادمة عليك احترام المواعيد قليلا، انا احبك فلا تدعني اغضب منك،" وضعت رأسه على صدرها قائلة "هل ستحبك الاخريات كما انا احبك؟"
حنان رغدة عليه كان حلو المذاق فلف ذراعيه حولها و لمست شفتيه شفاهها برفق، و في خلال ثواني كانت يديهما تتحرك على اجساد بعضهما البعض بإيقاع منسجم و قبلاتهم لبعض تزيدهم رغبة لممارسة الحب. 
 2/Oct/2010السبت، شارع الشيخ ريحان – وزارة الداخلية – مكتب اللواء نرجس الاعرج
عصف الرعب في نرجس و زلزل كيانها، فكانت مشاهد التلفاز تروي لناظرها ابشع المشاهد بينما كان صراخ الضحية يهز ارجاء مكتبها الكبير، كانت تتجمد الدماء في شراين جسدها مع كل صيحة آهٍ ملوعة تطلقها الضحية المسكينة و الأسود تقطع و تطحن لحم جسدها اربا صغيرة بلا رحمة، و منظر دمائها التي تصفت بالكامل ريثما انتهى التسجيل على الفيديو كان بشع جدا، فلم ترى بتاريخ حياتها الحافل بالانجازات لدولتها وحشية بهذه الصورة، ما العقلية المريضة التي صورت هذه الاحداث و لترسلها بكل جرئة وقحة الي مكتب وزيرة و لواء بالجيش؟ نظرت الى مدير مكتبها رفعت سعيد و سألت "ماذا قالت الرسالة؟"
اجابها و الدموع في عينيه "مع حبي و تقديري لعملائكم السيريين."
لم تستطع نرجس السيطرة على اعصابها فانهمرت الدموع من عينيها و صرخت "رفعت من كانت هذه المسكينة!!!"
فاجاب برهبة و جسده يهتز من غضب الوزيرة "النقيب ليلى الصعيدي"
ضربت المكتب بيدها بغضب و صرخت به "انا لا اشحد منك المعلومات اعطيني ملفها بالكامل!!!"
خرج احمد لبرهة من الزمن ثم عاد و معه الملف، قام بوضعه على مكتبها و انتظر الاوامر بهدوء، ارتجفت يدا ليلى حينما فتحت الملف و رأت صورتها، ألف صاعقة رعب برقت في داخلها و هزت عالمها حينما قرأت بياناتها، كانت هي! فملفها قطع الشك باليقين! و الصدمة ان ما يفهم من الشريط هو تهديد بالابتعاد، فهذه اللغة تفهمها جيدا و لا يفهمها الا الضباط في المناصب الرفيعة مثلها. 
احست فجأة بدوار شديد في رأسها، أمرت رفعت "اتركني الان لو سمحت!" و ما إن خرج حتى امسكت بسلة المهملات و استفرغت كل ما في معدتها، كانت المواد الحارقة تتدفق في حلقها بلا رحمة و تخرج من فمها كالشلالات حتى انهكت قواها، فمنظر لحم ليلى المغموس مع دمائها في فم الاسود ارهق صبرها و قدرة تحملها.
"يا اولاد الكلب!!!" صرخت افكارها و هي تجفف فمها بمحرمة معطرة، "تريدون إرهاب جهاز الامن يا كلاب الطرق!!!" عرفت جيدا ان مرسل الشريط كان يمارس وسيلة ضغط عصبي على اجهزة أمن الدولة و على مكتبها، كان يريد تركيع الارادة في داخل كل شرطي و عميل يتبع اثره و اثر عملياته، فها هو يقول انني لا اهاب عملائكم، "أه يا رؤوف الخائن انت تعرف ان أمرك انكشف و لكن ما سر غطرستك و ثقتك الزائدة بنفسك؟" أعصابها الثائرة دفعت يداها لتمسك الهاتف و ابتدأت بضرب رقم الهاتف النقال لمدير مباحث امن الدولة و لكنها تنبهت في آخر لحظة الى أمر مهم فأغلقت السماعة قبل ان تكمل الرقم، ماذا ستقول له؟ "ماذا سأشرح له؟" 
نظرت الى الساعة فكانت الثانية عشر ظهرا، نهضت من على مكتبها و غادرت غرفة المكتب مسرعة الى المصعد الالكتروني في طابقها، و ما احست بنفسها الا و هي تدير محرك سيارتها وتسير بين السيارات المسرعة في الطريق، كانت تائهة في الشوارع بلا هدف، كالسفينة المبحرة في عرض البحر بلا بوصلة تقودها في مسلك واضح...تدير سيارتها يمنتا و يسارا في الطرق بدون وعي او تفكير، فصور الوحوش و هي تغرز انيابها في جسد ليلى كانت تتماثل امام عيونها بلا رحمة و تشحن ضميرها ليعذبها، و صراخها و استغاثاتها التي كانت ما تزال ترن في اذنيها ما كانت براحمة لها بل كانت تكويها بغير شفقة.
ضربة المقود بيديها و صرخت باعلى صوتها "سامحيني يا ليلى فأنا اعلم ان روحك تسمعني!!!أنا السبب!!!" وما انهت هذه الجملة الا و كنيسة من الكنائس على مقربة منها.
*****

CONVERSATION

0 comments: