نَسْرُ بروميثيوس/ أسعد البصري

وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاق
إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاق / القيامة

عن ابن عباس: ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) يقول: آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة ، فتلتقي الشدة بالشدة . الدنيا تختلط بالآخرة ، ليس في آخر يوم فقط ، بل أحياناً لسنوات طويلة . العثار والتوقف ، بداية الحكمة والعُزلة . فلا أنت تخرج ، ولا أنت تدخل . من هذا المكان فقط يخرج الأدب ، الكلام العميق . تختلط لغة الدنيا ، بلغة الآخرة . من العجز عن المشي ، تنبت الأجنحة . يقولون الجاحظ أُصيب بالشلل آخر أيامه . رامبو بُترتْ ساقُهْ قبل موته ، حتى كانوا يحملونه حملاً . والسياب يصرخ " هو المرضُ ، تفكّكَ منه جسمي وانحَنَتْ ساقيْ ، فما أمشي " . من غير الممكن أن تحمل الكلام وبدنك معاً ، لا بدّ أن ساقك تَلْتَفُّ بساقك . آخرتك توجعُ دنياك .

لا أعتقد أن المتنبي واجه (فاتك) في بادية السماوة ، بسبب الكبرياء ، أعتقد أنه أراد أن يموت ، لأنه تعب من المشي . شَعَرَ بألم في ساقه . الدّابّة تدبّ على الأرض بلا كلل ، والنمل يدبي بلا مَلَلْ . وحده الكاتب يحطُّ عليه طائرٌ ثقيل يأكلُ كبده ، كالنسر الذي يأكل كبد برومثيوس . لا يفهمني ، في ربيعكم هذا ، سوى من التفَّتْ ساقه بساقه . العاجز عن مساعدة نفسه ، لَن يستطيع مدّ عونه لي بكل تأكيد . مَسْخُ كافكا ، الشعور بالبشاعة ، التحوّل إلى دودة عملاقة ، والرغبة بالظلام . موت المسخ هو خروجه ، كما حدث في الحكاية . تلتفُّ ساقي بساقي ، توجِعُني دنياي ، لاشتباكها بآخِرَتي " شدّةٌ تلتقي بشدّة " . فهل هذا بداية نجاة ؟ . لا أشتاق إلى أحد ، كاشتياقي إلى ربّي . علماني فاشل .

CONVERSATION

0 comments: