الفنّانة التَّشكيليّة الكرديّة آشنا أحمد دولت: نعم، أشعر أحياناً كثيرة بالإحباط والشُّعور بالفراغ للإنتماء في بلاد الغربة

الفنّانة التَّشكيليّة الكرديّة آشنا أحمد دولت اشراقة لونيّة طافحة بطفولةٍ من نكهةِ الطِّينِ الأصيل
حوار صبری يوسف ـ ستوكهولم 
الفنَّانة التَّشكيليّة الكورديّة آشنا أحمد دولت، مواليد بغداد. ترعرعَتْ في بيتٍ يحمل آفاقاً فكريّة ثقافيّة متفتّحة، شغوفة بالرَّسم منذ صغرها، خريجة معهد الفنون الجَّميلة من السليمانيّة، وهندسة مدنيّة من جامعة ستوكهولم، تنظر إلى الأفق البعيد من خلال تشكيلاتها اللَّونيّة، وكأنَّها في حالة فرحٍ مستمر، وشوقٍ مستمر، وحنانٍ مهتاج مثل بحيرة وان!
تواشيحها اللَّونيّة مفتوحة على أبوابِ الدُّفء والوفاء، إزرقاقٌ فاتح يموجُ في ثناياه بياضٌ معبَّقٌ بحنينِ الطُّفولة وصفاء الرُّوح وهي تهفو إلى زرقة السَّماء. يتداخل إحمرارٌ خفيف مع اصفرار متعطِّش إلى جبالٍ بعيدة، محفورة في منعرجات ذاكرة فنّانة من نكهةِ الطِّين الأصيل، كأنّها تريد بهذه الأصالة أن تعيدنا إلى صفاء الطَّين منذ تشكيله الأوَّل!
ترسم البسمة رغم الغربة والهجرة وتنافرات هذا الزَّمان، ترسم المنازل الجَّانحة نحو الضَّوء، ترسم الأحلام والرَّغبات، ترسم وميضَ الأمل القادم كي تقول لنا: أنا هنا، كأّنّها تخاطب الآخرين كي ينضمُّوا إليها في بناء وهج الفرح، رغم زمهرير الحياة. لوحتها تشبه قصيدة منفلشة من يراع الحلم، تريد أن تفتح أبواب الأمل لكلِّ الحزانى، لكلِّ الَّذين ينتظرون الرَّبيع!
آشنا هادئة وواثقة في خطواتها وهي تتقدَّم، ترسم وكأنّها في حالة غنائيّة، تذكِّرني بأغاني ملحميّة كرديّة، سمعتها مراراً (حَمْدِين وشَمْدِين ومَمّ وزين). كلّما أراها تعانق لوحاتها، أفرح. تذكّّرني بحميميّة أُسَرنا الشَّرقيّة. آشنا فنَانة ذات بَوح شرقي دافئ، متوائمة مع حميميّة الإنسان، تبدو لوحاتها كخيوطِ حنينٍ إلى إنسانيّة الإنسان، في أرضٍ مخلخلةِ الأجنحة!
لوحات آشنا أشبه ما تكون تدفُّقات حلميّة طافحة بدموعٍ مملَّحة بشهقاتِ شوقٍ إلى مرابع الطُّفولة تارةً، وشوقٍ مفتوحٍ إلى مروجِ الرُّوحِ تارةً أخرى، كأنّها في حالة عشقٍ منذ أمدٍ بعيد مع رفيقِ دربٍ من بوحِ الياسمين، حيث تستمدُّ من عوالمه خصوبة الألوان لتفرشها فوق جفونِ اللَّيلِ كلَ مساء، لتعيد صياغاتها في صباحاتٍ مرفرفةٍ بزغبِ الطُّفولة، فلا ترى أجمل من وليدها المكتنز بألوانِ أفراحِ الدُّنيا، فتعانقه بكلِّ جوارحها وترسمُ حفاوة الطّفولة مع الأطفال كي تقدِّم لروحها الشّفيفة ولنا وللحياة كرنفالاً لونيَّاً متدفِّقاً من مآقي الأطفال!  
قدَّمَت الكثير من المعارض الفرديّة والجَّماعيّة داخل وخارج السُّويد، التقيتها أكثر من مرّة في ستوكهولم، فولد هذا الحوار:
                                                      
1 ـ كانت أمُّكِ مقمّطة بأجملِ الألوانِ عندما كانت حُبلى بكِ، فهل ورثْتِ عن أمِّكِ كلّ هذا الطَّيف اللَّوني البهيج؟!
           
لا أدري فيما إذا كان لدى أمّي نفس الموهبة الفنّية أم لا. أنا أشبه أمِّي من ناحية القلب الكبير وحب الآخرين وروح المساعدة للآخرين، وهذه الصِّفات المميَّزة لأمّي أفتخر بها. أمِّي لم يُتَحْ لها ما أُتيحَ لي من فُرَصٍ في مجال الإبداع الفنّي، لهذا لا أستطيع أن أقول أنَّني ورثتُ منها الموهبة الفنّية، وأريد بنفس الوقت أن أشير إلى أيام طفولتي في بداية حياتي الفنّية، حيث ظهر حبي للفنِّ من خلال أحد أقربائي، وهو الَّذي حفّزني على حبّي للرسم، وهو ابن خالي الفنّان هيرش حسن، حيث كنتُ أركّز عليه عندما كان يرسم لوحاته، وتمنّيت أثناء ذلك أن أرسمَ يوماً ما مثله، والحمد لله من خلال دراستي للفن وجهودي المستمرّة، وصلتُ إلى مرحلة متقدِّمة، وها أنا اليوم أرسم لوحات على مستوى جيّد، وأشارك مع فنّانين عالميين أيضاً. فلا بدّ أن يكون هناك مورّثات فنِّية في موهبتي أيضاً، إلى جانب جهودي الشَّخصية الَّتي بذلتها خلال مسيرتي الفنّية. 

2 ـ طفولتُكِ مكتنزة ببهاءِ المروج، أَلهذا تفتَّحتْ أزاهير الطُّفولة ومباهج الطَّبيعة في لوحاتِكِ؟                              
طفولتي كانت طبيعيّة كأيِّ شخص آخر، ليس فيها شيء مميَّز عن الأطفال الآخرين، لكنِّي أريد أن أشير إلى أنَّ حياتي كانت ربّما مختلفة عن بعض رفاقي ممَّن كانوا معي في نفس المرحلة، حيث أنِّني ترعرعتُ وكبرتُ ضمن عائلة سياسيّة، تهتم بالسياسة، فقد كان والدي سياسيَّاً، لهذا كان يرتاد بيتنا الكثير من الزُّوار السياسيين والمثقَّفين، فهذه التَّجرية أنضجتني وكانت مفيدة بالنسبة لي ولكلِّ أفراد أسرتي، وقد ساعدتني على تفتُّح ذهني مبكراً منذ الطُّفولة، وقد كان لي اختياراتي وطموحاتي منذ البداية، ونمَتْ ثقتي بنفسي داخل وخارج البيت أيضاً، وكنتُ حريصة على أن أحافظ على الثِّقة الَّتي منحتني إيَّاها أسرتي، كي أكون عند حسن ظنَّهم بي، ولحسن حظّي التقيت بأحسن وأرقى شخص في حياتي، واخترته شريكاً لحياتي، وكم أنا فخورة وسعيدة جدّاً بوجود حبيبي وشريك عمري، زوجي ومدير أعمالي شوان قادر، وإنَّ كلّ نجاحي هو من خلال إهتمامه بي، حيث يساعدني ويمنحني القوّة في الاستمرار في حياتي الفنّية والعائليّة والإبداعيّة في المجتمع الَّذي نحن فيه. 
إنَّ وجود زوجي وابني الوحيد والعزيز في حياتي، يسهِّل ويضيء لي كل الأهداف الَّتي أسعى إليها، ويتمُّ معالجة أي شيء يعترض طريقي من خلال تفهمهما وثقتهما العميقة بي وبمستقبلي الفنِّي، ويشجعانني على الاستمرار في العطاء والإبداع، فهما يعرفان ويعترفان بأنَّني فنّانة موهوبة، قويّة، نبيهة، طموحة ومجتهدة، لهذا أناضل وأجتهد كثيراً من أجل تحقيق أهدافي وطموحاتي مهما أصادف من مشاكل أو ظروف معيّنة، وهما يجدان أنّني مصمّمة بقوَّة للوصول إلى أهدافي، فيزيدانني ثقةً وتشجيعاً، ويقفان معي في كلِّ صغيرةٍ أو كبيرة، من أجل تحقيق نجاحاتي الفنّية وأهدافي الَّتي أصبحت أهدافنا نحن الثَّلاثة، وأشكر الله وأحمده أنّني وصلت إلى الكثير من أهدافي حتّى الآن، ولدي إحساس كبير أنّني سأحقِّق طموحاتي وأهدافي في المستقبل، طالما لدي زوج ورفيق درب رائع وابن عزيز وغالي وهما يتفهَّمان طموحاتي ويسعان مثلي من أجل تحقيقها، وأنا سعيدة للغاية وأشكرهما لأنَّني بفضلهما حقَّقتُ الكثير من أهدافي حتَّى الآن.                                   

3 ـ أرى ألوانَكِ وفضاءاتِ لوحاتكِ تتوقُ إلى الحرّية والسُّموّ والجَّمال، كيفَ تشكَّلَتْ هذه التَّطلُّعات في إيقاعها الفنّي؟      
تنبع ألواني بعفويّة من أعماقي، أختار الألوان الَّتي تمنحني متعة وراحة في داخلي، ألواني حرّة مثلي كإنسانة لها شخصيَّتها ومواقفها الخاصَّة للأحداث الَّتي تجري حولي وفي حياتنا اليومية، أختار الألوان الَّتي أحبّها وأرتاح لها وتعكس ما بداخلي من مشاعر، وفضاءات لوحاتي مبنيّة على الحرِّية والجّمال، لأنَّني أنحاز إلى كلِّ عملٍ حرّ وجميل، كما أنّني أركّز على التَّوازن اللَّوني والتَّشكيل وأسلوب التَّعبير عبر لوحاتي، وهكذا تظهر اللَّوحات متناسقة لونيّاً وجميلة، وتعكس الكثير من التَّفاسير والمعاني الواضحة الَّتي أودُّ عرضها عبر ألواني وتشكيلات لوحاتي.                                               

4 ـ موضوعات لوحاتك أشبه ما تكون منبعثة من توهّجات حلميَّة، هل ترسمين لوحاتكِ من خلال تدفُّقات الحلم؟           
الأحلام هي نتيجة الأمنيات الحقيقيّة عندما نحصل عليها في الواقع، ونتمنّى أن تتحقَّق في المستقبل، ونحن نحلم بها أثناء اليقظة والحلم معاً، من الطَّبيعي أن يكون لنا أحلامنا وتطلُّعاتنا الفنّية، وإن رسالة الفنّان هي أن يترجم أحاسيسه الفنِّية الحلميّة وأمانيه، وكلّما نركّز على طموحاتنا، نستطيع أن نحقِّقها في حياتنا المستقبليّة، وممكن أن تنبع فكرة ما، من خلال حبِّي لموضوع ما يتعلّق برغباتي وأمانيّ الشَّخصيّة والمتعلِّقة بحياتي الإجتماعيّة وعلاقاتي مع الحياة، فهناك الكثير من المواضيع تدفعني لرسم لوحة من وحي عوالمها، فالحلم والطّموح والرّغبات والأماني لها دور كبير في رسم لوحات جميلة.
5 ـ لديكِ طموحات كبيرة، متربِّعة على إرادة قويّة، من أين تنبع طموحاتكِ وإرادتكِ لتشكيل آفاق عوالمِكِ الفنّية؟          

لكلِّ إنسان طموحات خاصّة في الحياة، لكن لا يناضل كلّ إنسان من أجل تحقيق طموحاته، أنا من الفنَّانات اللَّواتي تصنع إرادتها الخاصّة بنفسها للوصول إلى أهدافي، هذه القوَّة استمدُّها من الحياة، من الطَّبيعة، من المجتمع، ومن خلال هذه القوَّة الَّتي أمتلكها أستطيع أن أذلِّل العقبات الَّتي تقف في طريق نجاحي، لأنَّ إرادتي القويّة وتفاؤلي يساعدانني على النّجاح من خلال قوَّة إرادتي وثقتي الكبيرة بنفسي، ومن خلال الأحداث اليوميّة وخبرتي في الحياة، وكلُّ هذا ينعكس إيجاباً على لوحاتي
.
6 ـ تتميّز كردستان بطبيعتها الخلابة، وروعةِ جبالها الشّامخة، ما تأثير هذه الطَّبيعة البديعة على إبداع لوحتكِ؟          

شكراً لوصفكَ الجَّميل لبلدي، بالطبع كلّ البلدان لها طبيعتها الخاصّة والجَّميلة، وهذا الجَّمال المحيط بالفنَّان والفنَّانة ينعكس على أفراد المجتمع ككلّ، وقد انعكس جمال بلدي على شخصيَّتي وعلى فنِّي أيضاً، وعندما ينظر المشاهد إلى لوحاتي، يلاحظ مباشرة الألوان الزَّاهية الجَّميلة الخاصّة بطبيعة الأكراد وكردستان، لأنّني أعكس طبيعة بلدي على لوحاتي، بكلِّ افتخار واعتزاز، لأنّني أريد أن أكون سفيرة وفيّة ومخلصة لبلدي، وهذه هي رسالة كلّ الفنّانين والمثقَّفين والسياسيين بأن يكونوا سفراء أمناء لبلدهم أينما كانوا. الوفاء هو الرِّسالة الواضحة لكلِّ أفراد المجتمع المخلصين، وبرأيي الَّذي ليس له وفاء لبلده، ليس له وفاء لنفسه ولا لِمَنْ حوله، ويفقد ثقة الآخرين به. أنا كفنَّانة إستطعتُ أن أعطي فكرة جيّدة عن بلدي وشعبي وينعكس هذا بشكل رائع في لوحاتي، وهذه هي رسالتي في الحياة، أن أقدِّم أجمل ما لدي لبلدي ولمَنْ يحيط بي في الحياة. 
7 ـ كيفَ تولدُ عندكِ فكرة اللَّوحة، وكيف تجسِّدينها على بياضِ اللّوحة إلى أن تصبح لوحة باذخة بالألوان؟               
لا بدَّ لكلِّ فكرة من سبب أساسي لها قبل أن تولد، وأفكار لوحاتي أبنيها من خلال أحداثٍ حصلت معي وتترك أثراً بي، تنمو الفكرة وتتطوَّر. وأريد أن أعترف أنّني غير قادرة على ترجمة مشاعري في وصف معاناة الآخرين عبر الكتابة، لكنِّي قادرة على ترجمة هذه المشاعر عبر لوحاتي ومشاريعي الفنّية الفرديّة والجّماعيّة أيضاً، ولدي الرّغبة القويّة في التَّعاون مع الآخرين والقيام بمشاريع فنّية مشتركة، طالما تقودنا إلى أهداف مشتركة أساسها التًَّعاون والفائدة من خبرات بعضنا بعضاً.
تولد الأفكار قبل أن أرسم اللَّوحة، وعندما أقف أمام اللّوحة البيضاء، تولد أفكاري وتنتظرني الألوان، ويصبح هناك تفاعل ما بين اللَّون والأفكار، ثمَّ تتطوَّر اللَّوحة إلى ما لا نهاية، لأنَّ روحي تندمج مع فكرتي من خلال الألوان، فأترجم أفكاري وأعطيها الهويّة الخاصّة بي مركّزةً على جمال اللَّوحة، وجاذبيَّتها، وتشكيلاتها اللَّونية الجَّميلة والمنسجمة مع أفكاري.

8 ـ رسمتِ بعض الرُّسوم الخاصَّة بكتب الأطفال، هل تترجمين أفكار القصص في الكتب عبر الرَّسم؟                       
نعم، رسمتُ بعض الرُّسوم للكتب التَّعليميّة للأطفال الأكراد في المهجر، وذلك من خلال محتويات الكتاب، سواء كانت مواضيع قصصيّة أو مواضيع تعليميّة، فقد ترجمتُ القصص والمواضيع التَّعليميّة عبر الرَّسم كمساعدة لشرح القصص والمواضيع. هذه كانت تجربة جميلة، وأفتخر بهذه التَّجربة لأنَّ أطفالنا سيفتحون عيونهم في بداية حياتهم الدِّراسيّة على رسومي الَّتي رسمتها لهم، ومن الطَّبيعي ستنطبع هذه الرّسوم في أذهان أطفالنا. أنّه شعور بالفخر والاعتزاز أن أقدِّم عبر فنّي رسوماً توضيحيّة في المناهج التَّعليميّة والدِّراسيّة من هذا الجّانب، وقد كان العمل طوعيّاً، لخدمة الأطفال الأكراد في بلاد المهجر.
  
9 ـ ماذا يعني لكِ الرَّسم، اللَّون، الفرشاة، بياض اللَّوحة، الطّفل، الطَّبيعة، الفرح، الغربة، الذّكريات البعيدة؟                
الرَّسم : يعني لي، الحياة، استرخاء، جمال ومتعة.
اللَّون: جمال، وطريق الوصول إلى الجَّمال.
الفرشاة: هي وسيلة للتعبير عن المقاومة والنِّضال من أجل الحقوق وأداة للوصول إلى تحقيق الأهداف. 
بياض اللّوحة: باب لنموِّ الفكرة ومصدر الإلهام لأفكار لوحاتي.
الطّفل: يعني النَّقاوة وبساطة الحياة والبراءة، وهو الممرّ البدائي للوصول للحديقة الكبيرة.
الطّبيعة: الحقيقة الواقعيّة.
الفرح: تجدُّد العمر.
الغربة: تعلُّم الأشياء الجديدة والنُّضوج.
الذّكريات البعيدة: أجمل ما في الكون، وتمنحني طاقة كبيرة للاستمرار في مواجهة الحياة الصّعبة.

10 ـ هناك ملاحم شعريّة غنائيّة كرديّة، يتمُّ تقديمها في مناسبات ومهرجانات متعدِّدة، هل راودكِ أن تستلهمي من فضاءات الغناء والموسيقى الكرديّة لوحات معيَّنة؟                                                                                    
بالتأكيد، لأنَّ الغناء هو الكولتور: الثّقافة، والثّقافة موجودة في داخل عوالمنا، خاصة عوالم الفنّان، عندما تُتاح له الفرصة للتعبير عن تطلُّعاته، فالأعمال الفنّية نابعة من الفضاءات الغنائيّة والموسيقيَّة وما يرافقها من أفراح، فمن المؤكّد انعكست الموسيقى الكرديّة والغناء الكردي على لوحاتي دون أن أخطِّط لها، لأنَّ هذه الموسيقى جزء من حياتي، وتظهر بشكل لاشعوري، لأنّني بالأساس عندما أرسم أسمع إلى الموسيقى الكرديّة وهذا يعطيني طاقات  فنّية ويولدُ اللَّون من طبيعة البيئة الكرديّة من دون قصدٍ لأنّه يولد بشكل عفوي، فللموسيقى الكرديّة دور هام في استلهام فضاءات لوحاتي الفنِّية.
            
11 ـ من المعروف أن فولكلور الزَّيّ الكردي، خاصة النِّسائي، غني بالألوان، ما مدى انعكاس هذا على لوحاتكِ؟         
بالتأكيد، تنعكس ألوان الزَّي الكردي عليّ كفنَّانة كرديّة، وهي ألوان جميلة، ألوان حارّة وصارخة وبرَّاقة وصادقة وتنبع من طبيعة بيئتنا الجَّبليّة الغنيّة بالألوان، وهذه الألوان موجودة في داخلي كإنسانة عاشتْ وترعرتْ في هذه البيئة الجَّميلة، فبكلِّ تأكيد لهذه الألوان انعكاسات على لوحاتي، فمن الطَّبيعي أن يؤثّر المناخ والبيئة على التّقنيات اللَّونيّة والفنّية عند الفنّان.
 
  12 ـ ما هي التَّقنيات الَّتي تتبعينها عندما ترسمين، وبأيَّةِ ألوانٍ ترسمين، وعلى أيَّةِ موادٍ تهدهدينَ ألوانكِ؟                      
أنا كفنّانة أكاديميّة، استخدمتُ ومارستُ كلَّ المواد والتَّقنيات الأساسيّة لفن الرَّسم، وإشتغلتُ بمواد مختلفة بما فيها الكولاج، وجرّبتُ مدارس وتقنيات مختلفة كي استمتع بالفنِّ ككل. لهذا لدي معلومات جيّدة لإستخدام أكثريّة المواد.                                 
أحبُّ أن أرسمَ بالزَّيت والألوان المائيّة والباستيل، ولكن في الفترة الأخيرة بدأتُ أستخدم ألوان الأكريل، واستمتعتُ باستخدام هذه الألوان، وأحببتُ أن أستمرَّ عليها، بسبب سهولةِ الرَّسم فيها، ولأن ألوان الأكريل تجفُّ بسرعة، وأستطيع العمل عليها للمرة الثَّانية، إضافة إلى أنّها اقتصاديّة وجميلة أيضاً. الآن أكثريّة لوحاتي من الأكريل، مع بعض المواد الأخرى.         
      
13 ـ هل عندما ترسمين، تهمسُ في أذنكِ: القصيدة، الأغنية، الموسيقى، الرّقص، أم أنَّكِ غائصة في دفءِ عناقات الأم قبلَ أن تعبري البحار؟ هل لهذه المشاعر وما يماثلها مساحةً في رحابِ لوحاتكِ؟                                                 
بالطبع، دائماً هذه الحميميات تهمس في أذني، حيث ذكريات طفولتي، دفء أحضان أمِّي والإحساس بالأمان معها قبل عبور البحار وعدم الشُّعور بالخوف .. وفراق الأم. للأم، الوطن، الأهل، الأصدقاء ورائحة الطّبيعة، الرِّمال والجِّبال وأشياء قديمة ودَّعتها هناك، لكلِّ هذه الذّكريات الحميمة دور كبير في تقنيات لوحاتي، وهذا برأيي شيء طبيعي لأيِّ شخص مهاجر ومشتاق لبلده ولذكرياته القديمة المحفورة في داخله.                                                                       
إنَّ لكلّ فنَّانة تأملات خاصّة عندما ترسم، كي تستلهم أفكاراً للوحتها من خلال الاستماع إلى موسيقى معيّنة، وتواصلها مع ذكرياتها القديمة، السَّعيدة والحزينة، بحسب ما تتطلَّبه اللَّوحة، والذّكريات الَّتي نتذكَّرها غالباً ما تكون عائليّة دافئة بالحب الَّذي علمَّتني أمِّي، وتتراءى أمامي أحياناً الذّكريات دفعةً واحدة، وأحاول أن أمسك بخيط الذّكريات، لكنِّي لا أستطيع فأغوص في أعماقها، وأندمج معها بكلِّ روحي ومشاعري كأنها حيّة أمامي، وأحياناً أستفيق من هذه التَّأملات والذّكريات فأجد نفسي باكية، وأحياناً أخرى أضحك وهذا البكاء والحزن يتوقَّفان على الذّكريات الَّتي تتراءى أمامي، وكلّ هذا ينعكس على لوحاتي بشكل جميل، وهي منبع غني لبناء لوحات تحمل أفكاراً نابعة من مشاعر حميمة، سواء كانت حزينةً أو سارّة. 
             
14 ـ أراكِ ـ عبر لوحاتكِ ـ تشبهين غيمة ماطرة فوقَ مروجِ الغربة، هل فجَّرتِ الغربة في أعماقكِ تدفُّقاً لونيّاً؟!         
نعم، أشعر أحياناً كثيرة بالإحباط والشُّعور بالفراغ للإنتماء في بلاد الغربة، لأنَّنا في بلاد الاغتراب، ومهما انسجمنا، لا نشعر أنّنا من نفس البلد، لأنّه البلد الثّاني لنا، وفي نفس الوقت في بلدنا الأوَّل لا ينظر إلينا كمواطن/مواطنة مثل بقيّة المواطنين الَّذين يعيشون في البلد، بل نشعر أحياناً أنَّنا نحن المغتربين متعلِّقين في الهواء ولا نعرف بالضَّبط إلى مَن ننتمي؟          
وهذا السُّؤال ذكَّرني بما أحسست به عندما رجعتُ إلى بلدي بعد 16 سنة من فراقي الأوَّل للبلد، وقبل ما أرجع كنتُ أتخيَّل أنّني في بلدي ولدي الحقّ أن أقول ما أريد قوله، لكنِّي رأيتُ العكس تماماً، وشعرتُ أنّني لستُ أنا مَن تغيَّر فقط، بل العالم والدُّنيا كلّها تغيَّرت، خاصةً أنّني لم أجد المكان الَّذي تربَّيت وكبرت في وسطه، وهذا ليس ذنبنا وإنّما القدر لعب دوراً وأبعدنا عن وطننا، وشعرت بإحساس غريب عندما رجعت من المهجر، الإحساس بأنَّني لستُ من قوم البلد الثَّاني الَّذي جئت منه، وبنفس الوقت شعرت وكأنّي لست من قوم بلدي الأصلي. إنَّ الإحساس بالفراغ للإنتماء الشَّخصي، آذاني في الأعماق، وأتساءل مَنْ أنا؟! مَن أنا؟! هل سأعيش طوال حياتي وأنا معلَّقة في الفضاء، ولم أجد الجواب الشَّافي لسؤالي؟! لهذا السَّبب، قرَّرتُ أن أثبت وجودي كفنّانة وأحترم قومي ووطني الَّذي ولدتُ فيه، وأحترم بنفس الوقت الوطن الَّذي أعيش فيه في غربتي، ولا أريد أن أفكّر أنّني غريبة، ولهذا يشعر مَنْ يشاهد لوحاتي أنَّ هناك غيمة غير واضحة أرسمها أحياناً في لوحاتي، أي أنَّ هناك حالة ضبابيّة غير واضحة في عوالم المغتربين، وإنَّ هذا الإحساس مع الكثير من الأحاسيس الاغترابيّة الأخرى، فجَّرَتْ في أعماقي أحاسيس فنِّية، وأحاول أن أهدِّئ نفسي من خلال ألواني ومواضيع لوحاتي الَّتي تترجم مشاعري الاغترابيّة والشَّوقيّة ومعاناتي الَّتي تظهر عبر ألواني ومواضيع لوحاتي، وبرأيي أنَّ هذه المعاناة والغربة هي الَّتي تخلق الفنّان، وتخلق السِّياسي والمثقَّف، وتقوده إلى التَّفكير والتَّحليل كي يعالج المعادلات الصَّعبة الَّتي تصادفه في الحياة.       
وقد علَّمتني الغربة الصَّبر ومعالجة الصّعوبات، وعبر الفن واللَّون قاومت معظم الصّعوبات الَّتي صادفتها، لأنّني أملك إرادة قويّة وتصميم قوي، إضافة إلى أنَّني تعلَّمتُ من خلال ظروف الغربة كيف أتعامل مع الأحداث الحلوة والمرّة أيضاً، وأجسِّدها فنّياً، ويجد المتابع لأعمالي الفنّية تأثير الغربة وانعكاسها بشكل واضح على لوحاتي.                                        

15 ـ ما رأيكِ بحوار الحضارات عبر اللَّون والقصيدة والكلمة الحرّة عبر القارّات، تأكيداً على إنسانيّة الإنسان؟!          
هذا السُّؤال والكلام جميل جدَّاً جدَّاً، وأنا أعمل وأناضل من أجل هذا الأمر، لكي أصل إلى الأهداف والحياة الجَّميلة، القائمة على الاحترام المتبادل بين الشُّعوب والأفراد، والتَّواصل والتَّعاون مع الآخر بكل مودَّة ومحبّة وثقة وصدق لبعضنا بعضاً من دون أن نجرح أو نؤذي بعضنا، بعيداً عن الأغراض والمنافع الشَّخصيّة الضَّيقة.                                            
الحضارة هي هويّة وثقافة البلد لما تحمله من آداب رفيعة وفنون وثقافة وفكر، ولا بدَّ من إبراز هذه الثّقافة والفنون وتقديمها للآخرين عبر الثّقافة والفنِّ والأدب، ومن خلال الحوار والتّبادل المعرفي بين المجتمعات، وتبادل الخبرات الفنّية والثّقافية والأدبيّة لما فيه مصلحة وخير جميع المجتمعات والحضارات.
                                                      
16 ـ كيف ممكن أن ندخلَ البهجة والفرح إلى قلوب الأطفال في كلِّ أنحاءِ العالم؟!                                          

بأن لا ننساهم، ونترك لهم المجال كي يعبِّروا عن أنفسهم ويشاركوا معنا في التَّعبير عن أفكارهم ومشاعرهم، عبر نشاطات عديدة نقوم بها معهم، وأن نضعهم في الاعتبار في برامجنا ومشاريعنا الفنّية، فمثلاً ابني يرافقني في أغلب معارضي ومشاريعي الَّتي أشترك فيها سواء داخل أو خارج السُّويد، وقد فكَّرتُ بتأسيس جمعية فنّية مشتركة مع الأطفال. اسم جمعيتنا: الفن للأطفال، وأعضاؤنا من الفنّانين الكبار ومن أطفالهم، لأنّنا عندما ننظِّم مشروعاً فنّياً لنا، غالباً يكون في أوقات فراغنا في العطلة الرسميّة، كي نشرف على أولادنا ونشغلهم بما هو مفيد لهم ولنا أيضاً، ولكي نزرع في قلوبهم حبّ الفنِّ والثَّقافة، ومن خلال وجودهم في هكذا أجواء، سيتأثَّرون بالفنِّ وتتطوَّر مواهب الطّلاب الَّذين لديهم موهبة فنّية، وسيتعرَّفون على فنّانين مختصّين في الفنِّ، وكلّ هذا سينمِّي موهبتهم الفنّية من الصِّغر، ويمنحهم قوة وثقة في أنفسهم أكثر وأكثر، ولا مانع من اصطحاب أولادنا معنا خلال مشاركاتنا الفنّية الخارجيّة، ففي هذا فائدة سياحيّة وفنِّية وثقافيّة أيضاً، وقد استفدت من تجربتي الشَّخصيّة كثيراً ولهذا السَّبب فكَّرتُ بتأسيس هذه الجّمعيّة، وحالياً أنا رئيسة جمعيّة الفنّ للأطفال ولدينا حتّى الآن حوالي 90 عضو من الكبار والأطفال من عدّة دول من العالم، نتبادل خبراتنا ونعمّق مواهب الأطفال الفنّية كما نتعرّف على بيئات جديدة وثقافة جديدة ونتمتَّع في رحلاتنا ومشاريعنا الفنِّية في الدُّول الَّتي نسافر إليها.                                 
                               
17 ـ ما رأيك في إقامة معرض فنّي يشارك فيه مائة طفل وطفلة يعبِّرون فيه عن رأيهم في المحبِّة والفرح والسَّلام؟      
هذه الفكرة رائعة وجميلة واشتغلنا على نفس هذه الفكرة في الهند عام 2011، ووجدنا أنَّ الأطفال يفكِّرون ويعبِّرون عن أفكارهم بأسلوب جميل، يصعب على الكبار أن يفكِّروا بها، لهذا فإنَّ الاعتماد على أفكار الأطفال وتطلُّعاتهم أسلوب جميل ورائع للوصول إلى أفكار أو أهداف معيّنة يسعون للوصول إليها. إنَّ تعابير وتخيُّلات وأحاسيس الأطفال هي صادقة دائماً، والأجمل من هذا كلّه، أنَّ هذه التَّجارب الَّتي نتعامل عبرها مع الأطفال، تعيدنا للطفولة والبساطة والحياة الصَّافية البريئة.
   
18 ـ شاركتِ بنشاطات فنِّية في الهند، وكنتِ المنسِّقة لمعرض مدى 2، كما نظّمتِ ورشة عمل فنِّية في مصر بالتَّنسيق مع بعض الفنّانين الكورد، تحدَّثي عن هذه التَّجارب الفريدة؟!                                                                   
        
نعم، شاركتُ في ورشة العمل والمعرض في الهند، من خلال انضمامي للمنظَّمة العالميّة الفنّية "تيلُس آرت". وقد كنّا 40 فنَّاناً وفنَّانة من كلِّ أنحاء العالم، توزّعنا على ثلاث مدن خلال ثلاثة أسابيع، وقمنا بإعداد ورشة عمل مع كلِّ الفنّانين وأطفال لإحدى مدارس الهند في منطقة "دارمبور"، الواقعة في حدود نيبال. واشتغلنا اسبوعاً في نيودلهي، وهناك قدّمنا معرضنا الخاصّ بالفنَّانين المشتركين، وزرنا دار الأيتام، الّتي تبنَّته المنظَّمة بكلِّ المصاريف لهذه التَّظاهرة والتَّجمّع الفنِّي. وفي الاسبوع الثَّالث قضيناه في قرية "كاليياكة" في وسط الهند، وفي اسبوعنا الثَّاني التقينا مع حوالي 500 طالب وطالبة من مدارس المنطقة الَّتي كنّا فيها أثناء ورشة العمل الفنّي، وقد أشرف الفنَّانون والفنَّانات على أعمال الطّلاب والطَّالبات وقد رسموا لوحات جميلة، وبعد أن انتهوا من رسم لوحاتهم قدَّمنا معرضاً مشتركاً جميلاً جدَّاً. وبعدها نظَّمتُ مشروعاً فنّياً من خلال ورشة عمل فنّية لمجموعة من فنَّاني الخليج العربي لتقديم معرض فنِّي لهم في السّويد عام 2011، تحت اسم مدى 2، وهذا المشروع كان ثمرة تعارفي على مجموعة من الفنَّانين الخليجيين، ووعدتهم بأن أنظِّم لهم معرضاً في السُّويد، بالتَّعاون مع الفنّان شاكر بدر عطيّة رئيس جمعية الفنّانين التّشكيليين العراقيين في السّويد، وبدعم من دائرة الثّقافة السُّويديّة، استطعنا أن ننظِّم ونقيم معرضاً جميلاً في السُّويد، استمرَّ المعرض ثلاثة أسابيع في غاليري هوسبي.                       
                                                                                
وقد كان هذا المشروع نقطة الانطلاق، لأنَّ الفنّانين كانوا على مستوى فنِّي كبير. كنتُ عضوة مؤسِّسة لمجموعة المدى، ثمَّ تمَّ دعوة كلّ المشاركين في معرض مدى من قبل المركز الثّقافي العراقي في ستوكهولم، بالتّنسيق مع الفنّان شاكر بدر عطيّة، وتمَّ عرض معرض مدى 2 لمدة شهر في سبتمر 2012، وقد حضر الافتتاح الكثير من الفنّانين والفنّانات والجالية العراقية والعربيّة المهتمّة بالثقافة والفنّ، كما حضر المعرض طلاب وطالبات إحدى مدارس ستوكهولم، وتمَّ إعداد ورشة عمل من الطّلاب وقدّموا أعمالاً فنّية بشكل حرّ وكان ناجحاً!                                                                 
  وفي شهر تشرين الثّاني (أكتوبر) 2012، نظّمتُ مشروعاً فنيّاً في مصر لبعض الفنّانين الكورد، للإشتراك في مهرجان الغردقة الدَّولي للفن التَّشكيلي. كان المعرض وورشة العمل خلال اسبوع، ابتداءً من 1. 11. حتّى غاية 8. 11. 2012. وكان الفنّانون المشتركون من كافّة أنحاء العالم. كانت تجربة جميلة جدّاً، وحمل المهرجان عنوان: مصر بخير، وكان بإشراف الفنَّان مرتضى سليم والفنّان فاروق وهبة. وسررت جدّاً عندما اختارني د. الفنّان فاروق وهبة رئيس نقابة الفنّانين التّشكيليين في مصر وعميد أكاديمية الفنون في الاسكندريّة، لإفتتاح معرضي الشَّخصي في غاليري خاص بالفنِّ التَّشكيلي، وهذا شرف كبير لي لأنّه تمَّ اختياري من بين الفنّانين واختيار فنّانة إماراتية لافتتاح كل منّا معرضه الشَّخصي.             
                                                       
كما أنِّي أحضِّرُ أيضاً لمشروع فنِّي وخيري في كردستان خلال العام القادم 2013 بعنوان: الوقوف ضدّ ضرب الأطفال، أتمنّى أن يتحقَّق هذا المشروع، وذلك باستضافة حوالي 40 فنّان وفنّانة من عدَّة دولٍ من العالم، ضمن ورشة فنّية مشتركة في عدّة مدن خلال 10 أيام، بهدف تعارف الفنَّانين الضّيوف على الفنّانين الكورد، لتقديم ورشة عمل مع الأطفال، واللَّوحات الَّتي يتمُّ رسمها خلال ورشة العمل ستبقى في كردستان ليتم تقديم ريع بيعها للأطفال المحتاجين واليتامى والمرضى، وبهذه الطَّريقة نكون قد خدمنا أطفالنا وفنَّانينا كما نقدِّم للفنَّانين الضّيوف فرصة التَّعارف على بلدنا وثقافتنا وعلى الفنّانين الكورد، كما أنَّ هناك عدّة مشاريع فنّية مقرَّرة تنفيذها في السَّويد لفنّانين من خارج السُّويد، لتنظيم ورشة عمل فنّية لهم في السُّويد.      
وقد نظَّمتُ مشروع فنِّي بالتَّنسيق مع بعضِ الأصدقاء، لإقامة معرض مشترك لمجموعة من الأصدقاء  الفنّانين في غاليري "يارفلَّّة" في "ياكوبسبيري"، في ستوكهولم، بتاريخ 1. 12. 2012، يستمر المعرض حتى منتصف كانون الثاني (يناير) من السَّنة الجَّديدة 2013، إشترك في هذا المعرض كلّ من الفنّانة آشنا أحمد دولت، الفنّان شاكر بدر عطيّة، الفنّان عبَّاس عبَّاس، الفنّان فرهاد سعيد، والفنَّان ياسين عزيز، ولديّ مشاركة في مهرجان الفن التَّشكيلي في مدينة مكناس في المغرب العربي في شهر شباط (فبراير) من العام الجديد 2013، مع الفنّان عمر درويش من النَّرويج والفنّان آري بابان من كردستان وأنا (آشنا أحمد دولت) من السُّويد وفنانين آخرين، كما سأشترك في معرض في الخليج في آذار (مارس) 2013 القادم. 
وهناك تنسيق مع مجموعة المدى الفنّية في الخليج ومجموعات فنّية أخرى لإقامة عدّة معارض فنّية في عدد من البلدان والعواصم الغربيّة والعربيّة، في برلين، لندن، فنلندة، مصر، الأردن، والخليج العربي وغيرها من البلدان.
                   
19 ـ الفنَّان، المبدع غالباً ما يشعرُ أنَّه غريب عن هذا العالم، هل يراودكِ أحياناً أنكِ غريبة عن هذا العالم؟               
في بداية اغترابي، شعرتُ بالغربة في سنواتي الأولى، ولكنِّي بدأتُ العودة للرسم، وقد أنستني متعة الرَّسم كلّ همومِ الحياة، ومصاعبها، وعندما يصل الفنّان إلى مرحلة الإبداع الفنّي، ينسى مصاعبه ونفسه أينما كان، لأنه يتمتَّع في عالمه الفنّي الخاص به، ومن الصَّعب جدّاً أن يبعده أي شيء عن عالمه الفنِّي الخاصّ، لهذا فإنَّ الشُّعور بالغربة يخفّ كثيراً عند الفنّان لأنّه يملك لغة خاصّة للتواصل مع الأخرين، ولا يحتاج لأيّة وسيلة أخرى للتعبير عن مشاعره غير فنّه ولوحته وألوانه، هذا يجعل الفنّان يشعر وكأنّه يملك العالم، ولهذا السَّبب يفتخر الفنّان بنفسه وبفنّه وبما يقدِّمه للآخرين.                        

20 ـ لو تصالح كلّ إنسان مع ذاته ومع العالم لغدا العالم أكثر سلاماً ووئاماً، لماذا لا يتصالح الإنسان مع ذاته أولاً، ومع العالم ثانياً، كي يعيش في حالة سلام ووئام دائم؟!                                                                           
لا بدَّ أن نجد في المجتمع الإنسان الصَّالح والشَّرير، لأنّنا لا نستطيع أن نرى الصَّالحين إلا من خلال الأشرار، فكل منهما يبرز الآخر، وهكذا الحياة هي خير وشر، صالحين وأشرار، وكل إنسان له مكانه الخاص في الحياة، ويستطيع أن يعيش في وئام وسلام وهذا ما أتمنَّاه ويتمنَّاه كلّ إنسان يحبُّ السَّلام في الحياة، ولو عاش الإنسان في سلام وحبّ مع أخيه الإنسان لما شاهدنا كلّ هذا الدَّمار وكلّ هذه الحروب بين البشر، وأتمنّى أن يكون الإنسان صادقاً ومتصالحاً مع نفسه ومع العالم كي تصبح الحياة جميلة ولها طعم آخر وفي هذه الحالة ستصبح الحياة أكثر جمالاً ويعمّ السَّلام والوئام في كلِّ أنحاء العالم.

CONVERSATION

0 comments: