غزة تحت النار/ راسم عبيدات

غزة تعودت على النار....غزة صمدت وتصمد وجربت العدوان اكثر من مرة،وفي كل مرة كانت تصمد ولم ترفع الراية البيضاء،صمدت بإرادة أهلها وشعبنا الفلسطيني،صمدت بمقاومتها وثباتها وبإمكانياتها الضيئلة والتي لا تقارن مع إمكانيات العدو وقدراته العسكرية والإستخباراتية واللوجستية وقوة نيرانه التدميرة وآحدث انواع الأسلحة والتكنولوجيا،ولكن هناك أمة تصمت وتتواطأ وتشارك في العدوان على شعبنا وامتنا ويجللها العار...غزة ترسم ملامح الطريق لفجر الحرية والخيار...فالموت بكرامة وعزة أفضل مليون مرة من مسلسلات العار،فكل مسلسلات العار جربناها وخبرناها جيداً،ستة وستون عاماً على أبواب المؤسسات الدولية وعشرات القرارات الأممية ومئات المبادرات لم تعد لاجئاً واحداً لبيته في فلسطين،وعشرين عاماً من المفاوضات العبثية،جعلتنا فقط كحمير الساقية ندور في نفس الحلقة المفرغة،ويستغلها العدو من أجل إستكمال مشاريعه ومخططاته في الأسرلة والتهويد،وخلق الحقائق والوقائع على الأرض...هناك الحالمين بزيارة ما يسمى بجبل الهيكل ومتحف الهلوكوست والصلاة في الأقصى وزيارة القيامة تحت الإحتلال،وهناك الخارجون من جحورهم لكي يقولوا لنا وتتفتق ذهنيتهم وعقيلتهم عن ألمعيتهم و"جهبذيتهم" بأن هذا قتل ودمار ويذرفون دموع التماسيح لأهداف خبيثة ومشبوهة،ويشككوا بالمقاومة والخيار وليقولوا لنا ما الفائدة من هذا الخيار؟؟؟،وكان الشعوب وتاريخها في دروب النضال والحرية كان مفاوضات ذل وعار أو إستجداء وتمسح على أبواب البيت الأبيض والسفارات الغربية والمؤسسات الدولية...فيتنام فاوضت والجزائر فاوضت ولكن من موقع القوة وفرضت شروطها بالمقاومة والنار.

الآن لا وقت للمناكفات ولا للمزايدات ولا للتحريض ولا لجني المكاسب وإعطاء الدروس والمواعظ والخطب على حساب الدم الفلسطيني،فالوحدة دائماً كانت أساس الإنتصار،فالعدوان على غزة هو عدوان على شعبنا الفلسطيني،وفي زمن المد القومي كان عدواناً على كل الأمة العربية،ولكن في زمن الخسة والنذالة،زمن ما يسمى بالخلفاء والربيع العربي وتجار الدين،هو عدوان فقط على كل عربي شريف مقاوم،وما دون ذلك فهو جزء من العدوان،من كان "ينبح "ليل نهار ومصاب بالسعار،بأن تقف امريكا وقفة خير مع الشعوب والديمقراطية وحقوق الإنسان وان تحتل سوريا ومن أفتى لها سابقاً بإحتلال ليبيا،لم ينبس ببنت شفة تجاه ما يجري في قطاع غزة من قتل وذبح لشعبنا، شيوخ وسلاطين وفتاه وملوك وامراء ورؤوساء تحرككم امريكا كالدمى،"تنبحون" وقتما تشاء،تكشفون عن عوراتكم وقتما تريد،تدفعون الأموال لقتل شعوبكم وتدمير مقدرات امتكم كيفما تريد.

العدو في حربه العدوانية الشاملة على شعبنا الفلسطيني على طول مساحة فلسطين التاريخية، الداخل الفلسطيني- 48 -،القدس والضفة الغربية وقطاع غزة،يريد ان يخلق وقائع جديدة،يريد تحقيق جملة من الأهداف،ليس ذريعتها عملية خطف ثلاثة مستوطنين في الخليل،ما زال الغموض يلف عملية خطفهم وقتلهم،بل مخطط  جرى ويجري الإعداد له منذ فترة ليست بالقصيرة،من اجل تنفيذ وتكريس مشاريع سياسية،مشاريع تصفي القضية الفلسطينية وتسقط بشكل نهائي قضية اللاجئين والقدس،وتمنع إعادة التواصل الجغرافي بين جناحي الوطن،وهذا العدوان الذي بلغ ذروته الان في الحرب على غزة،يأتي من اجل ذلك،يأتي لكي يرسم الملامح لهذا المشروع السياسي،الذي أجزم تماماً بأن هناك من يتواطأ ويلعب دوراً به عربياً وإقليمياً ودولياً.

العدو مهد لعدوانه على قطاع غزة،بحرب شاملة على شعبنا في الضفة الغربية،إعتقالات بالجملة بحق المناضلين والأسرى المحررين،عمليات دهم وتفتيش وتكسير وإرهاب وتخويف،نسف بيوت وتدمير ممتلكات ومؤسسات عامة،،وكذلك إغلاق للمؤسسات،ومنع المواطنين من حرية الحركة والتنقل والعمل،وشن اوسع عملية تنكيل وإذلال،كل ذلك بهدف تركيع شعبنا وتطويعه،وتصفية بنية المقاومة وعزلها عن بيئتها الحاضنة،وجاءت عملية خطف وتعذيب وحرق الفتى الشهيد محمد أبو خضير من شعفاط بالقدس،لكي تؤكد للعدو بأن شعبنا الفلسطيني بالتحديد في القدس والداخل الفلسطيني،لم يغير لا إنتماءه ولا ولاءاته،وما زال ممسكاً بقوة بهويته وإنتمائه،ومصمماً على نيل حريته وإستقلاله،حيث كانت الهبات الجماهيرية غير المسبوقة في القدس والداخل الفلسطيني،تلك الهبات التي أربكت حسابات العدو ومخططاته،حيث بدا في عدوانه الهمجي على شعبنا في قطاع غزة مربكاً ومتخبطاً،فرغم شدة الهجمات والغارات التي تشن على قطاع غزة،والتي حتى اللحظة حصيلتها أكثر من (75) شهيداً واكثر من (520) جريحاً،أغلبهم من الأطفال والنساء،لم تنل من عزيمة شعبنا ولا من إرادته،وكذلك هي المقاومة الفلسطينية،ردت بشكل غير مسبوق على هجمات العدو وغاراته رغم فضاحة الخسائر،لكي  تزعزع جبهته الداخلية،وتضع اكثر من ثلاثة ملايين صهيوني في مرمى الصواريخ الفلسطينية،ويتملكهم الرعب والخوف.

العدو يريد أن يصفي المقاومة الفلسطينية بكل قياداتها العسكرية وأجنحتها وتشكيلاتها،وكذلك السياسية منها،لكي يستطيع ان ينفذ مشروعه السياسي،الذي يمهد له بالوصول الى خيار صفر صواريخ،وهذا المشروع يمهد لخلق قيادة سياسية تؤمن للعدو منطقة عازلة وتقوم على حماية حدوده،وإقامة كانتون او إمارة او دويلة فلسطينية،لا تشكل خطراً على وجوده لمئة عام قادم،أو الخيار والسيناريو الآخر ضم قطاع غزة لمصر،وبالمقابل إستمرار بقاء سلطة الحكم الذاتي في الضفة الغربية،بمهام وصلا حيات بلدية،مقابل ان تستمر في التنسيق الأمني،او يكون البديل عن ذلك ضم الإحتلال  لمناطق (سي)، 60 % من مساحة الضفة الغربية،وإلحاق ما تبقى بالإردن.

حتى اللحظة الراهن يبدو بأن العدو،قد فشل في تحقيق اهدافه ولم تكن حساباته ورهاناته دقيقة،وجبهته الداخلية غير قادرة على تحمل حالة الشلل والخوف والرعب والمكوث في الملاجىء التي تفرضها عليها صواريخ المقاومة،ولكن الأمور "رجراجة" وتحمل كل الإحتمالات،فهذه حكومة لا تضمن بقاءها سوى بالحروب وعلى حساب الدم الفلسطيني،فربما تستمر بالمقامرة وتوسيع دائرة الحرب على شعبنا الفلسطيني،تلك الحرب التي ربما تؤدي الى معادلات جديدة في المنطقة،بحيث تنقلب الأوضاع في الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني،او لربما تمتد التطورات الى أبعد من ذلك، وذلك الان الان وليس غداً يجب على سلطة الحكم الذاتي في رام الله التوجه الفوري للمؤسسات الدولية من اجل توفير الحماية الدولية المؤقتة لشعبنا،وحسم خياراتها بالإنضمام لمحكمة الجنايات الدولية وبقية مؤسسات الأمم المتحدة بدل حالة التردد والإرباك. 

CONVERSATION

0 comments: